لا يجد أغلب الأشخاص الذين يصلون كلاجئين من بلدان الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا سوى طريق البحر الأبيض المتوسط إذا أرادوا الوصول إلى أوروبا، أما الطريق البري فهو متعذر بسبب الحروب أو الحدود المغلقة، لكن قلة من الناس تعرف أن هناك إمكانية متاحة نظريا منذ 13 يوليو/تموز 2009 ضمن قانون التأشيرة الأوروبي.
ما يُسمى “التأشيرة الإنسانية” يمكن لأي شخص ليست له علاقة بالاتحاد الأوروبي طلبها من خلال تقديم طلب في سفارة البلد الأوروبي المعني، ومن يطلب هذه التأشيرة يتمتع تلقائيا بحصانة الحقوق الأساسية الأوروبية التي تسمح أيضا بتقديم طلب لجوء.
“خبراء في القانون يرون أن هناك إشكالية في التأشيرة الإنسانية؛ فصلاحيتها تسعون يوما فقط، ولا توجد قاعدة محددة “للأسباب الإنسانية” التي يتم بموجبها منح التأشيرة”
ويرى خبراء في القانون مثل شتيفان كيسلر المسؤول في خدمة اللاجئين اليسوعية ببرلين وكذلك باربارا لوخبيلر عضو البرلمان الأوروبي أن هناك إشكالية في التأشيرة الإنسانية؛ فصلاحيتها تسعون يوما فقط، ولا توجد قاعدة محددة “للأسباب الإنسانية”، التي يتم بموجبها منح التأشيرة.
وتتمتع دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن بحرية التصرف في منح هذا النوع من التأشيرة الإنسانية، وشروط المنح ذاتها كانت في الأصل صعبة للغاية؛ إذ يتوجب على صاحب الطلب أن يبرهن أن حياته مهددة إذا لم يحصل على التأشيرة، ومن يهرب فقط أملا في تحسين ظروف حياته، ليس له الحق في الحصول على تأشيرة لأسباب إنسانية، كما يقول خبراء القانون، ويرتبط الأمر دوما بالحالة المعنية أمام السلطات.
عائلة سورية
وحصل أن تقدم زوجان سوريان مع أطفالهما الثلاثة في أكتوبر/تشرين الأول 2016 بطلب لجوء لأسباب إنسانية في سفارة بلجيكا ببيروت، على أمل أن تتمكن العائلة من مغادرة حلب لتقديم طلب اللجوء في بلجيكا، وعللت العائلة موقفها بأنها مضطهدة بسبب معتقدها المسيحي الأرثوذكسي، وأن فردا في العائلة سبق أن تعرض للضرب والتعذيب، كما أن الحدود بين سوريا ولبنان أُغلقت، وليست هناك بالتالي فرصة للتسجيل في أحد البلدان المجاورة كلاجئ.
لكن إدارة شؤون الأجانب في بلجيكا رفضت الطلب، لأن العائلة تنوي البقاء طويلا في البلاد، وعليه لجأت السلطات البلجيكية إلى المحكمة الأوروبية لتوضيح الموقف وإيجاد حل.
“النائب العام لدى المحكمة الأوروبية: الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وسلطاتها ملزمة بإصدار التأشيرة الإنسانية إذا كان هناك خطر على جسد وحياة صاحب الطلب”
وقبل صدور الحكم النهائي أعلن باولو مينغوسي النائب العام لدى المحكمة الأوروبية، الذي يتمتع بتأثير قوي، موقفه القانوني الذي يفيد بأن الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وسلطاتها ملزمة بإصدار التأشيرة الإنسانية إذا كان هناك خطر على جسد وحياة صاحب الطلب.
الفصل الرابع من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان يمنع “التعذيب والعقوبة أو المعاملة غير الإنسانية أو المهينة”، ويحبذ النائب العام منح اللاجئين من دول بها مخاطر مثل سوريا إمكانية قانونية بفضل التأشيرة الإنسانية للاستفادة من نظام اللجوء الأوروبي.
غير أن مقترحات النائب العام تبقى غير ملزمة، ويدرس القضاة في المحكمة الأوروبية القضية بغض النظر عن الطلب النهائي للنائب العام.
مراكز أفريقية
قرار المحكمة المنتظر قد يحرك كثيرا من الأمور التي فشلت حتى الآن، وهذا ما تأمله كثير من منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة هيومان رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها؛ فقبل عامين تمت مناقشة مخططات لإقامة مراكز لجوء على الأرض الأفريقية، حيث يمكن البت في طلبات اللجوء وليس فقط في منح التأشيرات، لكن هذه المخططات فشلت في مهدها، لأن الدول الأوروبية لم تتفاهم في ما بينها.
كاي هايلبرونر عضو إدارة مركز البحوث في قانون الأجانب واللجوء الأوروبي بمدينة كونستانس الألمانية يعتقد بأن القضاة الآخرين لا يشاطرون النائب العام في المحكمة الأوروبية رأيه، ويعلل موقفه بأن نظام منح التأشيرة سيكون غير قابل للتطبيق، لأن السفارات غير قادرة على التحقق من المخاطر المحدقة بصاحب الطلب.
ويضيف هايلبرونر قائلا “إذا كان الشرح ذا مصداقية لمعاناة صاحب الطلب من الاضطهاد وكافيا، فإنه سيحق لجميع اللاجئين من سوريا وأفغانستان والعراق أو بلدان شمال أفريقيا الحصول على تأشيرة إنسانية”، وهذا لا يمكن تخيله، وبالتالي من المستبعد أن يكون قرار المحكمة الأوروبية إيجابيا.
المصدر : دويتشه فيلله