خيارات إسرائيل في الرد على تهديد صواريخ حزب الله
في آخر تطورات الصراع المحتمل القادم بين إسرائيل وحزب الله، يكتب بِن كاسبيت أن “جزءاً كبيراً من المحادثات التي أجراها وزير الدفاع (الإسرائيلي) أفيغدور ليبرمان في واشنطن يوم 7 آذار (مارس)، كان مخصصاً لبحث موضوع حرب يمكن أن تندلع في لبنان في أي لحظة. ووفقاً لمصادر إسرائيلية رفيعة في وزارة الدفاع، فإن هذه الحرب -إذا وقعت- يجب أن تكون مختلفة تماماً عن الحرب الأخيرة؛ يجب أن تدوم لفترة أقصر وأن تختزل قدرات تدميرية أكبر بكثير وتضغطها في وحدات أصغر من الوقت”.
ويضيف كاسبيت أنه منذ حرب العام 2006، يرى ليبرمان أن “التمييز بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله قد طُمس إلى حد كبير خلال السنوات القليلة الأخيرة، وكذلك التمييز بين حزب الله -الذي يعمل أيضاً على المستوى السياسي- وبين الدولة السيادية التي يستقر فيها. ويستند افتراض جيش الدفاع الإسرائيلي إلى أن الجيش اللبناني سيلعب دوراً نشطاً في الصراع ضد إسرائيل في الحرب القادمة على لبنان، وسيعمل تحت قيادة حزب الله… وثمة فارق متوقع آخر في الحملة المقبلة، هو ميزان الرعب. فبينما كان الدمار في إسرائيل خلال حربها الثانية في لبنان محدوداً، يستطيع حزب الله اليوم أن يضرب أي نقطة في البلد”.
ويكتب كاسبيت أيضاً: “تدرك إسرائيل أنه ليس لديها في الوقت الحالي أي إجابة حيقية على تهديد الصواريخ. وما يعنيه ذلك هو أن الخيار الوحيد المتبقي أمام إسرائيل هو شن هجوم مباشر ودرامي وشديد ضد مكونات البنية التحتية الحيوية كافة في لبنان، أو كما كان كبار المسؤولين والضباط الإسرائيليين يقولون على مدى العقد الماضي ’إعادة لبنان إلى العصر الحجري‘”.
ويواصل كاسبيت: “بما أن التمييز بين حزب الله ولبنان في حد ذاته لم يعد واضحاً إلى حد كبير، فإن احتمال إلحاق الدمار بالبلد يمكن أن يكون بمثابة رادع، بالقدر الذي يهم نصر الله. إنه لن يستطيع أن يختبئ وراء الحكومة المركزية، بما أنه هو نفسه الحكومة المركزية. ومع ذلك، ومن أجل شن مثل هذا الهجوم، سوف تحتاج إسرائيل إلى الحصول على موافقة مسبقة من الولايات المتحدة. ووفقاً لمصادر من وزارة الدفاع في إسرائيل، فإنها تلقت هذه الموافقة مسبقاً، أو أنها تستطيع على أقل تقدير توقع أن تتلقاه في المستقبل القريب. وإذا وجدت إسرائيل نفسها بصدد إطلاق حملة قوية لتدمير البنية التحتية اللبنانية في الجولة التالية، فإنها ستحتاج إلى مظلة جوية من الدعم الأميركي، والتي ستتتيح لها حرية العمل، على الأقل في الأيام القليلة الأولى من القتال”.
ويتساءل كاسبيت، “متى ستندلع هذه الحرب؟ التقدير الإسرائيلي هو أنه ليس لدى نصر الله أي سبب للدخول في صراع مع إسرائيل في المستقبل المنظور. ويزعم جيش الدفاع الإسرائيلي بأنه طالما أن جزءاً مهماً من قواته مفرط في التمدد في سورية، فإن نصر الله سيحاول تجنب صدام مع إسرائيل. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، تقول الإشارات القادمة من بيروت على مدى الأشهر الأخيرة إن صبر نصر الله يشرع في النفاد. ووفقاً لمصادر أجنبية، فإن قواعد اللعبة الجديدة التي فرضتها إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، والتي أصبحت تشعر فيها بأنها حرة في مهاجمة قوافل الأسلحة التي تشق طريقها إليه من سورية، هي قواعد غير مقبولة بالنسبة لنصر الله… وتعرف إسرائيل أنه إذا كان هناك صاروخ على الطاولة في الفصل الأول، فسوف يتم إطلاقه في الفصل الثالث. وسوف يحدث ذلك حتماً في وقت أو آخر”.
لطالما تناول الكتاب والمعقبون بلا انقطاع تعقيدات علاقة الردع بين إسرائيل وحزب الله. وفي وقت سابق، هو تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2014، كتب دانيل سوبلمان في “المونيتور”: “لقد ارتكزت مؤسسة حزب الله، هويتها ووجودها نفسه، على الصراع مع إسرائيل. وسوف تحتفظ المنظمة بإسرائيل على أجندتها بطبيعة الحال. ولكن إسرائيل ستحتل، للمرة الأولى، المرتبة الثانية في سلم أولويات المنظمة الاستراتجية. ومع كون الحملة التي تشنها الولايات المتحدة في سورية في مرحلتها الأولى ويُتوقع أن تدوم لفترة طويلة، فإنه وقائعها المتغيرة ربما تزود إسرائيل بالفرصة لمنع نشوب ‘حرب لبنانية ثالثة’ بطرق لا ترتبط بالضرورة بالردع أو بالعمليات السرية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تفضي الرسائل المتبادلة بواسطة طرف ثالث -وليس للمرة الأولى- للوصول إلى تفاهمات غير مباشرة مع حزب الله”.
وفي كانون الثاني (يناير) 2015، كتب سوبلمان: “يمكننا، بل وربما يجب علينا، أن نتخيل حواراً أكثر اتساعاً، في مكان ما، بين الولايات المتحدة وحلفائها وإيران، حول نزع فتيل الأزمة على الحدود اللبنانية. ولا بد أن تكون للأطراف كافة مصلحة في تجنب وقوع مواجهة تتضمن إسرائيل ولبنان وسورية”.
نصر الله وسليماني يتحكمان بالملف السوري
في موضوع علاقات إيران/ حزب الله بمتغيرات الحرب في سورية، يكتب علي هاشم: “بعد ست سنوات من بدء الأزمة السورية، تنظر إيران إلى حصيلة الصراع على أنها تقوم بتشكيل الشرق الأوسط الجديد. وكان التدخل الإيراني في سورية بمثابة أول تدخل خارجي إيراني علني في عقود، وواحداً وصفه بعض المنظرين الإيرانيين بأنه حرب من أجل الوجود. ويقول مسؤولون إيرانيون إن هذا التدخل جنب الجمهورية الإسلامية الاضطرار إلى خوض حرب مشابهة في داخل حدودها الخاصة. ومع ذلك، كان هذا التدخل مُكلِفاً، مُستنزفاً وبلا رحمة فيما يتعلق بالخسائر المادية، بل وحتى أكثر سوءاً عندما يتعلق الأمر بصورة إيران في العالم الإسلامي. وقد أدى هذا التدخل إلى الحد من خيارات إيران وتسبب في أن تبدو التحالفات -بغض النظر عن الأرضية المشتركة التي تتقاسمها إيران مع شركائها- مهتزة وهشة للغاية”.
ويقول هاشم إن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي والمنظرين في القيادة الإيرانية يعتبرون سورية مصلحة وطنية حيوية للغاية. ويبيّن كيف أن تقييم زعيم حزب الله، حسن نصر الله، للحرب في سورية هو الذي أقنع خامنيئي في العام 2013 بالتدخل لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ وكان نصر الله وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الأيراني، اللواء قاسم سليماني، عنصران رئيسيان في ذلك التدخل. ويقول هاشم أن إيران في سورية “حريصة على القتال حتى آخر رمق. واليوم، تماماً كما كان الحال عندما قررت إيران التدخل في سورية، تحافظ الجمهورية الإسلامية على الاعتقاد بأن التخلي عن دمشق يماثل التخلي عن طهران نفسها -وأنه مهما يكن ثمن الحرب، فإنه لن يتجاوز أبداً كلفة خسرانها.
سورية تستمر في أن تكون مشكلة للعلاقات الروسية-التركية
حول تجليات العلاقة بين روسيا وتركيا، كتب الكاتب التركي سميح أيديز أنه بينما يعمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتظام إلى “انتقاد الولايات المتحدة وأوروبا بحرية على دعمهما لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردية، فإن أردوغان يظل صامتاً إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بدعم روسيا المفتوح لبعض الجماعات نفسها. وعلى الرغم من “عملية الأستانة” حيث يرعى البلدان -بالإضافة إلى إيران- المحادثات الهادفة إلى تسريع جلب نهاية للأزمة السورية، فإن سورية تظل منطقة إشكالية في العلاقات التركية-الروسية”.
ويضيف أيدز “أن أزمة تركيا المتعمقة مع أوروبا أعادت تنشيط رغبتها في توسيع علاقاتها مع روسيا. وتريد أنقرة من ذلك بكل وضوع إظهار أن لديها أصدقاء نافذون وأقوياء، والذين يمكن أن يقللوا من اعتمادها على الولايات المتحدة وأوروبا. كما يعمل هذا أيضاً لمصلحة موسكو، بالنظر إلى أن مشكلاتها مع الغرب تخفي بالكاد رغبتها في تقويض حلف شمال الأطلسي”.
ويشرح أيدِز: “ظهر هذا أيضاً عندما أوقفت روسيا تقدم ’عملية درع الفرات‘ التركية في شمال سورية، خاصة في اتجاه بلدة منبج (أرادت أنقرة طرد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من هناك). وباستخدام نفوذها لدى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أقنعت روسيا وحدات حماية الشعب بتسليم المنطقة الواقعة إلى الجنوب من المدينة لقوات النظام السوري… كما سلطت الخطوة الروسية الضوء أيضاً على حقيقة أن تركيا تستطيع أن تتحرك في سورية فقط وفقاً لرغبات موسكو -ناهيك عن رغبات واشنطن، وبذلك تكون مجبرة على التصالح مع الإمكانية البغيضة للتعاون مع الأسد”.
ويواصل أيدز: “بعد أن اشتغلوا بشتم الأسد وذمة لسنوات، يذهب أنصار أردوغان الآن نحو القبول بفكرة أن الأسد ربما يكون أهون الشرين عندما يأتي الأمر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية”.
من جهته، يكتب مصطفى أكيول أن أردوغان وأنصاره يعمدون إلى استغلال الأزمة الراهنة بين تركيا وأوروبا. وفي هذا الإطار، يقوم الإعلام الموالي للحكومة “بإخبار الأتراك بأن الغرب ليس قلِقاً حقاً من سلطوية أردوغان، التي هي ضرورية حتماً بالنسبة لأمة تواجه تهديدات رئيسية. إن الغرب قلق بالأحرى لأن تركيا تصبح أمة قوية ومستقلة وفاضلة. ويقوم أردوغان فقط بجعل تركيا عظيمة مرة أخرى، بعبارات أخرى، وأن هذا هو السبب في أن عدو تركيا الجوهري -الغرب- أصبح غاضباً تماماً الآن”.
ويشرح أكيول: “هذه الرواية تشكل في حد ذاتها دليلاً على أن أردوغان سلطوي فعلاً، لأنها تساوي بين الوطنية والأردوغانية، وتعتبر كل منتقدي أردوغان أعداء للأمة. وبعبارات أخرى، فإن العداوة للغرب تساعد في إخضاع وتدجين كل دُمى الغرب في داخل تركيا، والذين يعملون كلهم بشكل أساسي في دوائر المعارضة”.
ويخلص أكيول إلى القول: “في هذه الحملة الكبيرة المعادية للغرب، والتي يرجح أن تجعل من تركيا نسخة مسلمة من روسيا فلاديمير بوتين، يوجد لأردوغان حليف رئيسي في داخل الغرب نفسه: المستشرقون، وخاصة كارهو الإسلام. هؤلاء هم الناس الذين يثبتون، بعدوانيتهم الظاهرة ضد المسلمين ومعاييرهم المزدوجة إزاءهم، أن الأردوغانية على حق… وإذا ما أراد الأوروبيون كسر هذه الدائرة الشرسة و’صدام الحضارات’ الذي يبشرون به، فإن ما يحتاجون إلى فعله هو شيء بسيط: إظهار أن فيلدرز وأمثاله، والأيديولوجية المناهضة للإسلام التي يمثلونها، ليسوا هم الوجه الحقيقي لأوروبا. إنهم في حاجة إلى إظهار أن القيم الليبرالية ليست أكاذيباً ومعاييراً مزدوجة، وإنما هي أعراف ومعايير حقيقية صالحة للجميع على حد سواء”.
صحيفة الغد