أنقرة – تتمسك المعارضة التركية ببارقة أمل وسط مشهد سياسي متغير إثر فوز الرئيس رجب طيب أردوغان باستفتاء مثير للجدل سيوسع سلطاته بشكل كبير.
وحصل معسكر الـ”لا” على 48.59 بالمئة من الأصوات في استفتاء 16 أبريل عقب حملة غير متكافئة هيمن خلالها معسكر الـ”نعم” على وسائل الإعلام عبر بث خطابات أردوغان على الهواء مباشرة فيما انتشرت اللافتات المؤيدة للحكومة على الطرق.
وشكك قادة المعارضة في النتيجة، متحدثين عن تزوير في النتائج ومشيرين إلى التغيير في قواعد التصويت الذي أعلنته اللجنة الانتخابية العليا في اللحظة الأخيرة معتبرين أنه أدى إلى قلب النتيجة، وهو اتهام رفضته السلطات بشدة.
إلا أن المحللين يرون أن النتائج الرسمية تعد مقلقة لحزب العدالة والتنمية الحاكم ولأردوغان، وخصوصا أنهما توقعا قبل يومين فقط من الاقتراع أن معسكر الـ”نعم” سيحظى بنسبة 60 بالمئة من الأصوات.
وأظهرت النتائج أن معظم صغار السن، وخصوصا الذين يصوتون لأول مرة، رفضوا توسيع سلطات الرئيس، ومثلهم غالبية سكان المدن الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول رغم أن رئيسي بلديتيهما ينتميان إلى حزب العدالة والتنمية.
وفي السياق ذاته، لم ينجح التحالف بين الحزب الحاكم وحزب الحركة القومية في إقناع الناخبين القوميين بالتصويت لصالح النظام الرئاسي الجديد رغم دعم زعيم الحزب اليميني دولت بهجلي له.
وكتب المعلق التركي البارز عبدالقادر سيلفي الداعم للحكومة في صحيفة “حرييت” أن النتائج يجب أن تكون بمثابة “إنذار مبكر” لحزب العدالة والتنمية قبل نوفمبر 2019، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متواز ودخول معظم التعديلات الدستورية حيز التنفيذ.
وأكد مدير مكتب “صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة” في أنقرة، أوزغور أونلوهيسار سجكلي، أنه “من الواضح أن المشهد السياسي متغير”.
وأضاف “هناك مؤشرات مقلقة بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية ولكن لا يجب علينا أن نبالغ. ما جرى كان استفتاء لا انتخابات”.
وأوضح أنه رغم أن أكثر من 48.5 بالمئة صوتوا بـ”لا”، إلا أن هؤلاء ينتمون إلى قوى سياسية متباينة من أكراد إلى يساريين “لا يمكن جمعهم في برنامج سياسي واحد”.
من ناحيته، أشار كمال كيريسجي من معهد أبحاث “بروكينغز” إلى أن حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية خسرا عشرة بالمئة من الأصوات في 16 أبريل مقارنة بمجموع ما حصلا عليه في انتخابات نوفمبر 2015 التشريعية. وقال “يبدو أن التحالف فشل (…) رغم كل التبجح الذي ميز خطابهما”.
ولفت سجكلي إلى حدوث تغير كبير في المعسكر القومي وسط تململ من قيادة بهجلي وهو ما يفتح المجال لتشكل حزب جديد.
أما كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي، فيبدو أنه سيحافظ على منصبه راهنا بعدما قاد معسكر الـ”لا” رغم أن بعض أنصاره كانوا ينتظرون منه ردا أكثر قوة بشأن التجاوزات المحتملة التي جرت في الاستفتاء.
أما حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد، فتم احتواء قدرته على التأثير عبر سجن نحو عشرة من نوابه، في خطوة رأى فيها الحزب أنها بمثابة عقاب لتجرّئه على رفض نظام أردوغان الجديد.
ومن بين المسجونين صلاح الدين دميرتاش، وهو شخصية تتمتع بكاريزما كبيرة ويعتقد بعض المحللين أنه كان سيتمكن من تعزيز حملة الـ”لا” لو قادها بدلا منه أوغلو.
العرب اللندنية