صباح يوم الاثنين، 2 مارس، شنت قوات الأمن العراقية، مدعومةً بمزيج قابل للاشتعال من الميليشيات الشيعية والقبائل السنية ومقاتلي البيشمركة الأكراد والمستشارين الإيرانيين، عمليةً لاستعادة تكريت من الدولة الإسلامية. وتقول التقارير إن القوات البرية حصلت على المساعدة من المدفعية والغارات الجوية التي شنتها الطائرات المقاتلة العراقية.
وأما قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة فقد جلست على الهامش الآن. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها لا توفر أي دعم لعملية تكريت. وبعد إجراء أكثر من ألفي ضربة جوية ضد أهداف الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، يأتي غياب الولايات المتحدة عن حرب تكريت ليقول لنا الكثير عن مدى ضآلة تأثير الولايات المتحدة في هذه المعركة المعقدة.
وعلى الرغم من أن خطط العراقيين لاستعادة تكريت أصبحت معروفة بعد تجمع الآلاف من الجنود وأفراد الميليشيات الشيعية في مدينة سامراء القريبة تحضيرًا للهجوم، وصف مسؤول أمريكي شعور القيادة المركزية للبنتاغون والولايات المتحدة “بقليل من المفاجأة” عندما علموا بانطلاق العملية يوم الاثنين. وقال المسؤول الأمريكي إنه ليس هناك شك في أن إجراء هذه العملية تم بتحريض من قبل قادة الحرس الثوري الإيراني.
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن رئيس قوة القدس ذات مرة، قاسم سليماني، وصل إلى الخطوط الأمامية منذ يومين لتقديم المشورة للقادة العراقيين. وتعد قيادة سليماني والميليشيات الشيعية لعملية استرجاع مسقط رأس صدام حسين، وأحد معاقل السنة، عامل قلق بالنسبة لبعض المسؤولين الأمريكيين.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، إن لدى إيران، وبشكل واضح، “مصلحة كبيرة في العراق“. ومتحدثًا في مجلس العلاقات الخارجية يوم الاثنين، توقع كلابر أن تستمر طهران في بسط نفوذها على الميليشيات الشيعية في العراق لاستهداف الدولة الإسلامية.
ولكن، كلابر اعترف أيضًا بأن إيران لا تملك السيطرة الكاملة على الميليشيات الشيعية في العراق، وأن الكثير من أفراد هذه الميليشيات هم من العراقيين الوطنيين الذين “عبروا طويلًا عن الاستياء من الوجود الأمريكي” في بغداد وخارجها. وأضاف: “طالما أدرك الإيرانيون أننا نقوم بتنفيذ ما ينسجم مع أهدافهم، وهو القضاء على داعش، سوف يفعلون ما في وسعهم للسيطرة على هذه الميليشيات“.
ووفقًا لمسؤول أمريكي ثان مطلع على الخطوط العريضة لمهمة تكريت، يشمل فريق المقاتلين العراقيين الذين شنوا الهجوم على هذه المدينة خليطًا من قوات الأمن الحكومية، ورجال القبائل السنية، ولكن الغالبية هم من الميليشيات الشيعية. ووصف المسؤول الأمريكي هذا المزيج بأنه “مدعاة للقلق” في معركة تعد التوترات الطائفية مرتفعة بالفعل فيها.
وتعد تكريت، وبقية مناطق محافظة صلاح الدين، من مناطق العراق ذات الأغلبية السنية. ولكن، المسؤول الأمريكي قال للفورين بوليسي إن بعض الشيعة انتقلوا إلى هذه المنطقة في الآونة الأخيرة، هاربين من القتال العنيف في محافظة ديالى.
ولا يعرف هذا المسؤول الأمريكي ما إذا كانت بغداد قد كشفت عن خططها للهجوم قبل شنه، ولكنه قال إن القادة العراقيين ناقشوا لأسابيع سبل استعادة تكريت من الدولة الإسلامية.
وأضاف إنه لم يكن من المتوقع أن ينتهي القتال هناك بسرعة. مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية التي تسعى لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين تستمر عادةً لعدة أيام، إن لم تكن عدة أسابيع.
وتعد هذه المحاولة هي الثالثة لاستعادة تكريت من الدولة الإسلامية التي سيطرت على المدينة في يونيو/حزيران. وأشارت التقارير في وقت مبكر من يوم الاثنين إلى أن بعض مقاتلي الدولة الإسلامية أجبروا على ترك مواقعهم على مشارف المدينة، ولكن القوات المهاجمة عانت أيضًا من سقوط ضحايا نتيجة إطلاق نار والقنابل المزروعة على طول الطريق.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، الكولونيل ستيف وارن، للصحفيين في وزارة الدفاع: “كنا نعلم بالعملية قبل أن تبدأ“، ولكنه لم يقدم أي تفاصيل حول مستوى التنسيق الذي حدث بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية بشأن هذه العملية. وأضاف أن العراقيين لم يطلبوا أي دعم جوي من الولايات المتحدة.
وأما بالنسبة لما إذا كانت هناك طائرات استطلاع بدون طيار أمريكية تحلق فوق المدينة، فقد قال وارن إنه لا يستطيع التعليق على مهمات المخابرات. ويقال إن هناك ما يقرب من 30 ألف مقاتل يشاركون في المعركة من أجل استعادة تكريت، وإن 15 ألفًا من هؤلاء هم من قوات الأمن العراقية.
وقالت الولايات المتحدة إنها تحتاج إلى ما بين 20 و25 ألف مقاتل لاستعادة السيطرة على الموصل، وهي مدينة في شمال العراق أكبر بأربع مرات من تكريت.
ويأتي استبعاد واشنطن من المعركة في تكريت بعد أسبوع من محاولات الولايات المتحدة احتواء غضب بغداد الناتج عن تسريب مسؤول في القيادة المركزية الأمريكية لخطط حساسة متعلقة بشن هجوم لتحرير الموصل في ربيع هذا العام.
وتوقع مسؤول القيادة المركزية الأمريكية أن المعركة لاستعادة الموصل من الدولة الإسلامية قد تبدأ في أبريل أو مايو، وهو ما أغضب المسؤولين العراقيين، الذين كانوا حريصين على سرية خطط حملتهم العسكرية.
فورين بوليسي – التقرير