وقعت كل من إيران وتركيا وروسيا، الدول الراعية لمفاوضات أستانة الخميس، على مذكرة تفاهم تنص على إقامة “مناطق لتخفيف التصعيد” في سوريا، بناء على خطة تقدم بها الكرملين سعيا لتعزيز وقف هش لإطلاق النار.
وأكد رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرينتييف أنه اعتبارا من السبت المقبل سيتوقف إطلاق النار في مناطق “خفض التوتر”، التي تشمل إدلب وأجزاء من حلب وحمص والجنوب.
وقال لافرينتييف إن “موسكو مستعدة لإرسال مراقبين إلى المناطق الآمنة في سوريا”، مبينا أنه “مازالت هناك حاجة لجهود إضافية لتحديد خرائط وقف الأعمال القتالية”.
وتهدف خطة إقامة “مناطق لتخفيف التصعيد” أو “مناطق آمنة” إلى “تهدئة أكبر ووقف الأعمال العدائية”، بحسب تصريح سابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت روسيا قد توصلت إلى اتفاق هدنة مع تركيا في ديسمبر الماضي، إلى أنه لم ينفذ على أرض الواقع حيث استمرت الاشتباكات بين المعارضة والنظام في أكثر من جبهة، وسط تبادل الطرفين للاتهامات حول خرق الهدنة.
وتسعى روسيا من خلال هذه الخطة لتعزيز الهدنة، بما يفسح المجال أمام إنهاء الأزمة التي دخلت عامها السابع.
ودعت مسودة الاقتراح الروسي إلى إقامة “مناطق لتخفيف التصعيد” في معاقل فصائل المعارضة المسلحة في محافظة إدلب (شمال غرب)، وأجزاء من محافظة حمص في الوسط، إضافة إلى مناطق في الجنوب وفي الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق.
وبحسب الوثيقة، سيتم العمل في “مناطق تخفيف التصعيد” على “ضبط الأعمال القتالية بين الأطراف المتنازعة” و”تهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية للاجئين” والإيصال الفوري لمواد الإغاثة والمساعدات الطبية.
إلا أنه لم تتضح بعد هوية الدول التي ستشرف على المناطق الآمنة. وفي هذا السياق، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء إن محادثات منفصلة ستجرى لمناقشة أساليب الإشراف على المناطق المقترحة.
وأشاد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الخميس بهذا التقدم الذي وصفه بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف إطلاق النار.
بالمقابل التزمت الولايات المتحدة الأميركية الصمت، ما يطرح أكثر من تساؤل، خاصة وأن المعارضة السورية نفسها التي أبدت موافقة مبدئية سابقا عليها ووصفتها بالخطوة المشجعة تراجعت عن ذلك وأعلنت رفضها لها، حتى أنها قاطعت عملية التوقيع على المذكرة بين الدول الثلاث.
ويرى محللون أن تراجع المعارضة جاء بعد أن تبين لها أن الصيغة التي طرحت لإقامة هذه المناطق تتناقض وطموحاتها. والنقطة الثانية التي جعلتها تفرمل اندفاعاتها بشأن قبولها بالخطة، هي مشاركة إيران كدولة ضامنة لتنفيذها.
وقال القيادي في “الجيش السوري الحر” محمد الشامي إن انسحاب عدد غير قليل من ممثلي المعارضة السورية المسلحة في محادثات أستانة من مراسم توقيع مذكرة “تخفيف التوتر” يرجع لرفضها عددا من بنود المذكرة وأبرزها انفراد القوات الروسية والإيرانية بمهمة تشكيل القوات الفاصلة في المناطق المعنية.
وردا على تساؤل بشأن دور تركيا وكيفية قبولها بتوقيع اتفاق لم تجمع عليه كافة الفصائل، قال “هناك تناقضات في بعض المواقف، وعامة ستكون تركيا هي الضامن في جهة الشمال والجنوب، وستكفله بقوات من طرفها… وبشكل عام فإن تركيا وقطر هما الضامنتان للمعارضة، وهذا لا ينفي وجود بعض الخلافات”.
وأضاف “الاتفاق ينص على أن تبقى المنطقة الشمالية بيد تركيا… وهي بالأساس موجودة بها عن طريق قوات (درع الفرات) التابعة لها، أما منطقة الأكراد فسيتم التفاهم حولها لاحقا بين تركيا والولايات المتحدة، وسيكون هناك اجتماع ثنائي بينهما منتصف هذا الشهر يركز على تلك القضية تحديدا… وبالأساس تركيا اهتمت بمصالحها”.
ويرى مراقبون أن موقف المعارضة وصمت واشنطن التي أرسلت مبعوثا لها إلى أستانة وهو نائب وزير الخارجية يشيان ربما بتحفظ إدارة ترامب على الخطة، وأنها تستشعر أنها محاولة التفافية من قبل موسكو على مقترحها لتركيز مناطق آمنة في سوريا.
ويتساءل هؤلاء كيف سيتم تنفيذ الاتفاق دون موافقة فصائل المعارضة السورية.
صحيفة العرب اللندنية