لم يحسم الصراع حتى الآن في بادية السويداء، فسيطرة فصائل من المعارضة السورية عليها عقب انسحاب معظم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منها باتجاه محافظة الرقة السورية، جعلها على صفيح ساخن، بدأ من لهيب التصريحات الإعلامية بينالأردن والنظام السوري، وصولا إلى استقدام تعزيزات ضخمة للنظام على أطراف ريف السويداء الشرقي المتاخم للبادية.
وقالت مصادر محلية في ريف السويداء الشرقي للجزيرة نت إن النظام السوري بدأ مؤخرا باستقدام تعزيزات عسكرية ضخمة توزعت على بعض القرى المتاخمة للبادية من الجهة الجنوبية الشرقية، بهدف شن هجوم واسع على قوات المعارضة للسيطرة على كامل البادية.
بدورها أكدت فصائل المعارضة المسلحة رصدها لتلك التعزيزات التي تضم مليشيات طائفية، بحسب القيادي في جيش أحرار العشائر أبو حمزة الخضير الذي أكد للجزيرة نت أنهم بدؤوا بالتصدي لمليشيا النظام على أطراف قرية الرشيدية التي توغل منها في البادية بعمق 25 كلم مسيطرا بذلك على آبار الرصيفة القريبة من سد الزلف الإستراتيجي.
وقد عزا الخضير ذلك إلى افتقارهم للأسلحة النوعية كصواريخ التاو والكونكورس، بالإضافة إلى وعورة المنطقة ذات المساحات المترامية الأطراف.
دلالات التوقيت
وأضاف الخضير أنه منذ بدأ تنظيم الدولة يتمدد في البادية السورية أواخر العام 2014 وحتى تاريخ تحريرها منه في مارس/آذار الماضي، لم يحدث أي هجوم حقيقي للنظام على مواقع التنظيم الذي كان يهدد المدنيين في السويداء ويخلق حالة من الفوضى قرب الحدود الأردنية، وهي سيطرة كان المستفيد الأول منها هو النظام الذي كان يلعب على وتر الفوضى وتهديد استقرار المنطقة، ليشعر الجميع بالحاجة إليه كمخلص.
وأشار إلى حرمان النظام من هذا الامتياز بسيطرة المعارضة على المنطقة، مؤكدا أنها بدأت التجهيز لطرد تنظيم الدولة من أهم معاقله قرب الحدود العراقية شرقي سوريا، وقال “إن النظام يسعى لإرباك الساحة من جديد بتجهيزه لحربنا، وتركه مقارعة التنظيم في مناطق على مرمى حجر من مقاتليه، ليكون التنظيم بذلك الرابح الأول، وهو ما قد يمكنه من إعادة ترتيب أوراقه وتموضعه في المنطقة من جديد”.
دمشق-بغداد
في ذات السياق أشار سيف سعيد عضو المكتب الإعلامي لقوات الشهيد أحمد عبدو إن النظام السوري جلب مليشيا متعددة الجنسيات بأعداد كبيرة، وتقدم بهم من مطار الضمير في ريف دمشق الشرقي إلى منطقة السبع بيار وحاجز ظاظا في عمق البادية من الجهة الشمالية الشرقية للبادية، بهدف السيطرة على كامل طريق دمشق-بغداد الدولي.
وبعد إيقاف قوات المعارضة تقدمهم في تلك المنطقة كما يقول سعيد، سعى النظام المدعوم من قبل ضباط روس وإيرانيين لتشتيت دفاعات المعارضة المترامية أصلا في مناطق شاسعة، وقطع طرق إمدادها العسكري بين جنوب البادية وشمالها، وهو ما سيكون في حال سيطرته على كامل مناطق الزلف والكراع والدياثة.
وقد جاءت حشود النظام السوري للسيطرة على البادية عقب توتر العلاقات مع الأردن، الذي بدأه رأس النظام بشار الأسد باتهام عمّان بالتبعية لواشنطن، لتتوالى التصريحات النارية بين الجانبين وتصل حد تهديد وزير الإعلام الأردني بعمل عسكري داخل سوريا في حال اضطرار بلاده لحماية حدودها.
ومن هنا رأى قيادي بارز في المعارضة -رفض كشف اسمه- أن الصراع على البادية السورية وصولا إلى الرقة ودير الزور بمعابرها الحدودية وثروتها المائية؛ ما هو إلا صراع خفي بين دول إقليمية ودولية على رأسها إيران وروسيا والولايات المتحدة.
محمد نور
الجزيرة