دقت تحركات في واشنطن لتوسيع نطاق العقوبات المالية على حزب الله ناقوس الخطر في بيروت حيث تخشى الحكومة من تعرض قطاع البنوك الذي يدعم استقرار لبنان لأضرار جسيمة، فيما يبدو أن واشنطن تريد المزيد من الضغط المالي على حزب الله وإيران.
وتهدد مسودة تعديلات على قانون قائم، لم تقترح بعد كقانون، بفرض عقوبات على أي شخص يمول حزب الله المدعوم من إيران بشكل كبير. ودفع ذلك مصرفيين وساسة لبنانيين للقيام برحلات إلى واشنطن في مايو في محاولة لإبعاد خطر تشديد العقوبات الأميركية على حزب الله، وذلك بالربط بين العقوبات على حزب الله والاستقرار في لبنان.
وقال ياسين جابر، عضو البرلمان الذي رأس وفدا إلى واشنطن في منتصف مايو في تصريحات لوكالة رويترز “هناك سؤال واحد يتعين على أي شخص يريد الضغط على لبنان أن يتذكره: هل تريدون دولة فاشلة في شرق البحر المتوسط؟”.
وأضاف جابر قائلا “لبنان سريع التأثر جدا من الناحية الاقتصادية في الوقت الراهن”. وجابر سياسي شيعي مستقل متحالف مع حركة أمل الشيعية التي ينتمي إليها رئيس البرلمان نبيه بري الذي ورد اسمه كهدف لتحقيقات في مسودة المقترحات التي كانت وسائل الإعلام اللبنانية أول من أورد أنباء بشأنها في أبريل.
وعاد المسؤولون وقالوا إن المسؤولين الأميركيين أدركوا مخاوفهم من مسودة المقترحات التي ستوسع نطاق القانون بفرض عقوبات أو تدقيق على حلفاء حزب الله السياسيين. لكن مع حرص الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحد من نفوذ إيران وحلفائها في الشرق الأوسط فإن المخاطر لم تتبدد بعد في ما يتعلق بلبنان حيث يتمتع حزب الله بنفوذ قوي.
وتخشى شخصيات سياسية ومالية أن يضر المزيد من الضغط التنظيمي بقطاع البنوك وهو حجر زاوية في اقتصاد لبنان غير المستقر ويعرض للخطر الاستقرار المالي الذي حافظ لبنان عليه رغم الحرب في سوريا حيث يدعم حزب الله وإيران الرئيس بشار الأسد. ويواجه حزب الله أوقاتا صعبة، خاصة وأن مشاركته في الحرب السورية أدت إلى استنزاف كوادره وأمواله وموارده العسكرية.
والسبب الأساسي للقلق هي أن بنوك المراسلة الأميركية ربما تقرر في نهاية الأمر أن مخاطر التعامل مع البنوك اللبنانية كبيرة. وتواجه بنوك المراسلة الأميركية غرامات كبيرة إذا اكتُشف أنها تتعامل مع أشخاص أو شركات فرضت عليهم عقوبات بموجب تشريع مكافحة تمويل الإرهاب.
وسيهدد هذا التحويلات التي يعتمد عليها اقتصاد لبنان حيث الدولار عملة أساسية. وبعد أن نشرت الصحافة اللبنانية المسودة قال الرئيس اللبناني ميشال عون، وهو مسيحي ماروني وحليف سياسي لحزب الله، إن المسودة كما هي قد تسبب ضررا كبيرا للبنان وشعبه.
وستوسع مسودة المقترحات نطاق التشريع ليضم أشخاصا وجهات مرتبطين بحزب الله والإبلاغ عن الموارد المالية لكبار الأعضاء في حركة أمل. وزادت الصيغة التكهنات في لبنان بأن أموال عون ربما تكون هدفا للتدقيق.
وأبلغ جابر رويترز أن المسودة التي اطلعت رويترز على نسخة منها باتت الآن “قديمة”. لكن مصادر مطلعة على المسألة أبلغت رويترز أنه لا تزال هناك رغبة قوية في واشنطن للضغط بشكل أكبر على إيران وحزب الله وإنه من المرجح صياغة إجراءات أخرى. وقال مساعد في الكونغرس إن مندوبين جمهوريين ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إد رويس الذي صاغ القانون الأصلي في 2015، يدرسون توسيع نطاق التشريع. وقال المساعد “لو كانت البنوك لا تتعامل مع حزب الله فليس لديها ما تخشاه”.
ورفضت وزارة الخزانة الأميركية التعقيب على مسودة المقترحات قائلة إنها ليست موقفا رسميا. وقال جابر “الموقف في هذه اللحظة هو أنه ربما يفكر بعض أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ في إعداد مشروع قانون لكنني أعتقد أن مشاوراتنا ستساعد في تخفيف لهجته عما شهدناه في المسودة”.
وتقول الولايات المتحدة إن حزب الله يتلقى تمويلا ليس فقط من إيران لكن عبر شبكة من الأفراد والشركات اللبنانية والدولية. ويهدف القانون الذي صدر في عام 2015 إلى قطع مصادر التمويل هذه. وفجر تطبيق القانون توترات داخلية في لبنان. وفي ظل خشيتها من فقدان علاقاتها مع بنوك المراسلة بدأت البنوك اللبنانية تغلق بعض حسابات عملائها بما في ذلك شيعة ليسوا أعضاء في حزب الله.
ويقول منتقدون للقانون في لبنان إنه أدى إلى استهداف جائر للشيعة. وتضررت الشبكات الخيرية التي يديرها رجال دين شيعة عندما أغلقت بعض حساباتهم لبعض الوقت.
وفجر القانون نزاعا غير مسبوق بين حزب الله والبنك المركزي الذي طلب من كل البنوك الالتزام بالتشريع. وفي يونيو الماضي انفجرت قنبلة عند مقر بنك بلوم وهو واحد من أكبر البنوك اللبنانية. ولم يسفر الهجوم عن وقوع خسائر. ومنذ تولى منصبه في يناير فرض ترامب عقوبات جديدة على أفراد وأعمال لها صلة ببرنامج إيران للصواريخ الباليستية وبحزب الله.
وقال جوزيف طربية، رئيس جمعية مصارف لبنان، إن التشريع الحالي كاف وإن المسودة الجديدة مفتوحة “لتفسيرات غير مناسبة”، موضحا في تصريحات لقناة آل بي سي اللبنانية أن جولة الجمعية في الولايات المتحدة كانت لعزل لبنان والقطاع المصرفي عن العقوبات.