ولد ناتنيال تشارلز جاكوب روتشيلد يوم 29 أبريل/نيسان 1936في بريطانيا، وهو ينتمي لعائلة روتشيلد اليهودية التي تسيطر على حركة المال في العالم، والابن الأكبر لفيكتور روتشيلد، والبارون الرابع في العائلة. متزوج من سيرينا ماري دان.
وترجع عائلة روتشيلد إلى مؤسسها تاجر العملات اليهودي الألماني إسحاق إلشانان روتشيلد في القرن السادس عشر الميلادي. وبدأت العائلة نشاطها المالي الدولي على يد مائير أمشيل موسى روتشيلد المولود منتصف القرن السابع عشر بمدينة فرانكفورت الألمانية.
تمكن مائير روتشيلد من بناء إمبراطورية مصرفية دولية ضخمة في فترة الستينيات من القرن الثامن عشر، وعبر أبنائه الخمسة توسعت أعماله المصرفية عبر العالم، ليتم توريث هذه الإمبراطورية الضخمة والتوسعية لجيل بعد جيل.
قام مائير عام 1821 بتنظيم العائلة ونشرها في خمس دول أوروبية هي إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والنمسا، فأرسل كل واحد من أولاده الخمسة إلى دولة من هذه الدول، وأوكل إليهم مهمة السيطرة على مفاصل الحياة خاصة في مجالي المال والأعمال في أهم بلدان العالم آنذاك. وتصنف تقارير مالية وإعلامية روتشيلد كأغنى عائلة في العالم.
الدراسة والتكوين
درس جاكوب روتشيلد في كلية إيتون وجامعة إكسفورد في بريطانيا.
الوظائف والمسؤوليات
بدأ حياته المهنية عام 1963 بالعمل في بنك العائلة “بنك روتشيلد” في لندن، واستقال منه عام 1980 بسبب خلافات عائلية، وبعد أن باع حصته تولى السيطرة المستقلة على شركة روتشيلد، المجموعة المالية “ريت كابيتال بارتنرز”، وهي شركة استثمار ضخمة مدرجة في بورصة لندن.
يشغل جاكوب منصب رئيس مجلس الإدارة في المجموعة المالية، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة شركة “روتشيلد كابيتال مانجمنت”، وهي شركة تابعة للمجموعة المالية.
وكان رئيس مجلس أمناء المعرض الوطني في بريطانيا من 1985 إلى 1991، ورئيس صندوق يانصيب التراث الوطني البريطاني.
وبعد استقالته، أسس جاكوب عام 1991 شركة ضمان “ج. روتشيلد”. وفي عام 2006، عين شريكا مؤسسا وعضوا في المجلس الاستشاري لشركة زاندر العقارية بالهند.
وهو أيضا عضو في مجلس اللوردات منذ عام 1990، فضلا عن عضويته في المجلس الاستشاري الدولي لمجموعة بلاكستون.
ومن 2003 إلى 2008، شغل جاكوب منصب مدير شركة “ريج إنترناشيونال” ، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس مجلس إدارة قناة بي سكاي بي التلفزيونية البريطانية.
نسج جاكوب روتشيلد بفضل نفوذه علاقات مع شخصيات دولية نافذة، وكان صديقا وثيقا للأميرة ديانا، وبنى علاقات قوية مع المفكر الأميركيهنري كيسنجر، إضافة إلى أن ممتلكات عائلته كانت مقصدا منتظما لشخصيات ورؤساء دول على رأسهم الرئيسان الأميركيان السابقان رونالد ريغانوبيل كلينتون.
خدمة إسرائيل
لجاكوب روتشيلد وعائلته اليهودية -التي يصنف بعض أبنائها في لائحة أغنياء العالم- تاريخ طويل في دعم ومساندة إسرائيل حتى قبل قيامها، فقد قام جيمس أرماند روتشيلد (1878-1957) بجمع متطوعي الفليق اليهودي داخل الجيش البريطاني إبان الحرب العالمية الأولى، ثم تولى رئاسة هيئة الهجرة إلى فلسطين.
وبعد قيام إسرائيل، ركزت العائلة -وعلى رأسهم جاكوب- على الدفاع عن المصالح الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى ذلك تولى جاكوب -الذي يهتم بالتراث الآثار الفنية خاصة اليهودية منها- منصب الرئيس الشرفي لمعهد بحوث السياسة اليهودية بلندن.
أظهر روتشيلد -الذي لا يتحدث في العادة لوسائل الإعلام- انتماءه اليهودي القوي في دفاعه عن وعد بلفور، ففي مقابلة تلفزيونية وصفت بـ”النادرة” أجراها معه السفير الإسرائيلي السابق دانيال طوب ونشرتها صحيفة “جويش نيوز” في 8 فبراير/شباط 2017، وصف جاكوب إعلان بلفور بـ”المعجزة”، وقال “كان هذا الحدث الأكبر في الحياة اليهودية منذ آلاف السنين، معجزة.. استغرق الأمر ثلاثة آلاف سنة للوصول إلى هذا”.
واعتبر أن الطريقة التي تحقق بها “وطن” لليهود “كانت فرصة لا تصدق، وحاييم وايزمان (رئيس منظمة الصهيونية العالمية) كان يتردد كثيرا على إنجلترا، ويلتقي بعدد قليل من الناس -بما في ذلك أفراد عائلتي- لإغوائهم بفكرته. لديه هذا السحر والاقتناع، للحصول على وعد بلفور، وبشكل لا يصدق، أقنع جيمس بلفور، ولويد جورج، رئيس الوزراء، ومعظم الوزراء، أنه ينبغي السماح لفكرة خلق وطن لليهود أن ترى النور”.
وكشف لأول مرة عن دور ابنة عمه دوروتي روتشيلد خلال هذه الفترة، وقال إن ما فعلته وهي في سن المراهقة “كان غاية في الأهمية حيث ربطت بين حاييم وايزمان والمؤسسة البريطانية، وساعدته بشكل مذهل في الاندماج في حياة المؤسسة البريطانية، وهو ما تعلمه بسرعة”.
مع ذلك، كشف أن موقف العائلة بشأن اختيار فلسطين موطنا قوميا لليهود لم يكن موقفا موحدا، وقال إن بعض أفرادها “لم يقتنعوا بأن من الجيد أن يكون هذا الوطن (إسرائيل) هناك (في أرض فلسطين)”.
وتعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطاني عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على أرض فلسطين. وقد تعهدت الحكومة البريطانية حينها بإقامة دولة لليهود في فلسطين.
وكشف أن النسخة النهائية لوعد بلفور سبقتها خمس نسخ سابقة، كانت عبارة عن مسودات قبل أن يتم الاتفاق على النسخة الأخيرة التي أعلنت في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917.
ويتطابق ذلك مع ما كشفه كتاب “ضد حكمنا الأفضل: التاريخ الخفي لكيفية استغلال أميركا في خلق إسرائيل” لصاحبته ألسن وير، التي قالت إن عدة نماذج من مسودات إعلان بلفور كانت تقدم إلى القادة الصهاينة قبل أن يتم الوصول إلى النسخة النهائية.
وفي مقابلة صحفية أخرى نادرة، أجمل جاكوب روتشيلد لصحيفة تايمز الإسرائيلية مساهمة عائلته في تأسيس إسرائيل بأنها “كانت حاسمة“، مضيفا “عائلتنا أسست لإسرائيل”.
تولى جاكوب روتشيلد منذ عام 1989 رئاسة مؤسسة “ياد هنديف” الخيرية التابعة لعائلة روتشيلد، والتي مولت عدة مشاريع لإسرائيل منها بناءالكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والمحكمة العليا.
الأوسمة والجوائز
بالنظر إلى الجهود التي قدمها لإسرائيل، كرّمت عدة مؤسسات إسرائيلية اللورد روتشيلد، كما حصل على عدة جوائز من بينها “جائزة وايزمان” بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس إسرائيل، كما كرمته مؤسسات أخرى في كل من الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية.
وفي عام 2011، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -خلال الاحتفال بمشروع تجديد المكتبة الوطني- رئيس مؤسسة “ياد هنديف” لدعمه السخي لعدة مشاريع في إسرائيل، وقال “أقدم لك الشكر لك باسم حكومة إسرائيل.. أنت تمضي في أعقاب أسلافك الذين كوّنوا تقليدا عريقا.. لتشكل قدوة عظيمة لأولئك الذين يتبعونك أيضا. شكرا لك”.
الجزيرة