باتت سورية أرض الحروب. هناك أكثر من حربٍ تدور رحاها، القاسم المشترك بينها أنها لن تسفر عن منتصر، على الرغم من أن الهزيمة سوف تلحق بأكثر من طرف. وفي الوقت الذي تحتدم فيه الحروب، وتنتقل من مكان إلى آخر، هناك معادلة أساسية تتحكّم بالوضع السوري العام، ويمكن تعريفها على النحو التالي: النظام لم ينتصر، والشعب لم ينهزم.
طرفا المعادلة هما النظام والشعب منذ بداية الثورة في مارس/ آذار 2011. وعلى الرغم من أن جهات كثيرة دخلت على المعادلة، إلا أنها لم تتمكّن من تغيير عامل التفاعل الرئيسي فيها. يدرك النظام، منذ اليوم الأول للثورة، أن عدوه هو الشعب. وعلى هذا الأساس، تصرف في إدارة المعركة، واستخدم كل ما يمتلك من وسائل لكسر إرادة الشعب، والقضاء على التصميم الذي خرج به إلى الشارع، وهو يهتف “الشعب يريد إسقاط النظام”.
لم يكن هتاف السوريين لإسقاط النظام يشبه هتاف شعب آخر من تلك التي نزلت إلى الشارع تطالب بالحرية والكرامة. كان ذلك بمثابة صرخة لا رجعة فيها على طريق من يعرف أن الموت ينتظره إذا عاد إلى الوراء، ولذا اختار أن يجعل لموته معنىً، وهو يتقدّم لإسقاط النظام، مضحّياً بكل شيء.
خسر الشعب الثورة، وتهجّر أكثر من نصفه، وسقط منه أكثر من نصف مليون قتيل، بالإضافة إلى حوالى مليوني معاق، لكنه لم يسقط من حسابه هدف إسقاط النظام، وفي اليوم الذي تتاح له الفرصة من جديد سوف يعود إلى تحقيق هذا الهدف. هذا التصميم هو خلاصة كل الثورات: الحرية أو الموت.
أما النظام فهو يعود إلى الساحة، وصار يتقدّم، في الأسابيع الأخيرة، باتجاه مناطق مثل دير الزور، البعيدة عن المحميات التي تمركز فيها منذ عام 2011. ويستفيد النظام من زخم الهجوم الروسي الذي بات المقرّر الرئيسي في سورية، وهناك قناعة لدى أوساط النظام مفادها بأن روسيا سوف تعيد تأهيله، كي يستعيد السيطرة على سورية.
هناك من يريد اختزال الوضع السوري منذ مارس/ آذار 2011 بالتمكين الروسي الحاصل للنظام، وكان آخر هؤلاء مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الذي دعا المعارضة إلى “الاعتراف بانتصار النظام”. وفي جميع الأحوال، لا تخرج هذه الدعوة عن باطل، على الرغم من أنه يُراد بها باطل، لأنه حتى المعارضة المنقسمة والمجزأة لم تنهزم إلى اليوم أمام النظام الذي لم يحقق انتصاراً عسكرياً واحداً، وحتى لو استجابت المعارضة المسلحة لدعوة دي ميستورا، وألقت السلاح، فإن ذلك لن يقدم أو يؤخر في المعادلة.
ليس في وسع أحدٍ من المعارضة، أو الأطراف الدولية، أن يدّعي تمثيل الشعب السوري المشرّد، ولا يستطيع أحدٌ أن يضمن أن هذا الشعب سوف ينسى الأهداف التي خرج من أجلها. ومن هنا، يمكن فهم المحاولات المستميتة في لبنان والأردن من أجل إعادة اللاجئين إلى بيت الطاعة الخاص. يريد هؤلاء إجبار اللاجئين على العودة وتقديم الولاء للنظام، لكن الغالبية العظمى تفضّل الموت في مخيمات الصحارى بين العقارب والأفاعي على الحياة في حضن حكم الأسد.
لم ينتصر النظام في ظل الوضع القائم، وهو لا يستطيع أن يحكم حتى في المناطق التي خرجت عن سيطرة المعارضة، مثل شرقي حلب الذي تديره القوات الروسية منذ مطلع العام الحالي.
النظام يعيش وهم النصر، مع أنه يدرك أن الموقف لم يحسم في سورية بشكل نهائي. وهناك أطراف لم تلق بثقلها الحقيقي في المعادلة، مثل الولايات المتحدة التي لم تشارك في عمليتي أستانة وجنيف حتى الآن، كما أن لاعبين إقليميين ودوليين عديدين لم يلعبوا بعد كل أوراقهم.
طرفا المعادلة هما النظام والشعب منذ بداية الثورة في مارس/ آذار 2011. وعلى الرغم من أن جهات كثيرة دخلت على المعادلة، إلا أنها لم تتمكّن من تغيير عامل التفاعل الرئيسي فيها. يدرك النظام، منذ اليوم الأول للثورة، أن عدوه هو الشعب. وعلى هذا الأساس، تصرف في إدارة المعركة، واستخدم كل ما يمتلك من وسائل لكسر إرادة الشعب، والقضاء على التصميم الذي خرج به إلى الشارع، وهو يهتف “الشعب يريد إسقاط النظام”.
لم يكن هتاف السوريين لإسقاط النظام يشبه هتاف شعب آخر من تلك التي نزلت إلى الشارع تطالب بالحرية والكرامة. كان ذلك بمثابة صرخة لا رجعة فيها على طريق من يعرف أن الموت ينتظره إذا عاد إلى الوراء، ولذا اختار أن يجعل لموته معنىً، وهو يتقدّم لإسقاط النظام، مضحّياً بكل شيء.
خسر الشعب الثورة، وتهجّر أكثر من نصفه، وسقط منه أكثر من نصف مليون قتيل، بالإضافة إلى حوالى مليوني معاق، لكنه لم يسقط من حسابه هدف إسقاط النظام، وفي اليوم الذي تتاح له الفرصة من جديد سوف يعود إلى تحقيق هذا الهدف. هذا التصميم هو خلاصة كل الثورات: الحرية أو الموت.
أما النظام فهو يعود إلى الساحة، وصار يتقدّم، في الأسابيع الأخيرة، باتجاه مناطق مثل دير الزور، البعيدة عن المحميات التي تمركز فيها منذ عام 2011. ويستفيد النظام من زخم الهجوم الروسي الذي بات المقرّر الرئيسي في سورية، وهناك قناعة لدى أوساط النظام مفادها بأن روسيا سوف تعيد تأهيله، كي يستعيد السيطرة على سورية.
هناك من يريد اختزال الوضع السوري منذ مارس/ آذار 2011 بالتمكين الروسي الحاصل للنظام، وكان آخر هؤلاء مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الذي دعا المعارضة إلى “الاعتراف بانتصار النظام”. وفي جميع الأحوال، لا تخرج هذه الدعوة عن باطل، على الرغم من أنه يُراد بها باطل، لأنه حتى المعارضة المنقسمة والمجزأة لم تنهزم إلى اليوم أمام النظام الذي لم يحقق انتصاراً عسكرياً واحداً، وحتى لو استجابت المعارضة المسلحة لدعوة دي ميستورا، وألقت السلاح، فإن ذلك لن يقدم أو يؤخر في المعادلة.
ليس في وسع أحدٍ من المعارضة، أو الأطراف الدولية، أن يدّعي تمثيل الشعب السوري المشرّد، ولا يستطيع أحدٌ أن يضمن أن هذا الشعب سوف ينسى الأهداف التي خرج من أجلها. ومن هنا، يمكن فهم المحاولات المستميتة في لبنان والأردن من أجل إعادة اللاجئين إلى بيت الطاعة الخاص. يريد هؤلاء إجبار اللاجئين على العودة وتقديم الولاء للنظام، لكن الغالبية العظمى تفضّل الموت في مخيمات الصحارى بين العقارب والأفاعي على الحياة في حضن حكم الأسد.
لم ينتصر النظام في ظل الوضع القائم، وهو لا يستطيع أن يحكم حتى في المناطق التي خرجت عن سيطرة المعارضة، مثل شرقي حلب الذي تديره القوات الروسية منذ مطلع العام الحالي.
النظام يعيش وهم النصر، مع أنه يدرك أن الموقف لم يحسم في سورية بشكل نهائي. وهناك أطراف لم تلق بثقلها الحقيقي في المعادلة، مثل الولايات المتحدة التي لم تشارك في عمليتي أستانة وجنيف حتى الآن، كما أن لاعبين إقليميين ودوليين عديدين لم يلعبوا بعد كل أوراقهم.
بشير البكر
صحيفة العربي الجديد