بغداد وأنقرة وأربيل.. مساومات اللحظات الأخيرة لوأد الاستقلال

بغداد وأنقرة وأربيل.. مساومات اللحظات الأخيرة لوأد الاستقلال

 تسابق الحكومة التركية الزمن لوضع عراقيل أمام تنفيذ نتائج الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، عبر تبني سياسة ترهيب يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان، وأخرى للترغيب ينتهجها رئيس الحكومة بن علي يلدريم.

وتقود تركيا مع إيران والعراق جهود القفز على خلافات الأطراف الثلاثة التي تعمل على وأد نتيجة الاستفتاء على استقلال الإقليم.

وقال يلدريم الخميس إن “تركيا وإيران والعراق قد تعقد اجتماعا ثلاثيا” لمناقشة الاستفتاء.

وجاء ذلك بعيد إعلان الحكومة العراقية عن تعليق الرحلات الدولية من مطاري كردستان وإليهما اعتبارا من مساء اليوم الجمعة. ومن شأن هذه الإجراءات، بالإضافة إلى إقحام ملف تصدير النفط عبر الأراضي التركية، أن تطال خصوصا اقتصاد الإقليم المتمتع بحكم ذاتي وأن تترك تداعيات كارثية على سكان كردستان، لا سيما الأجانب منهم الذين يعملون في قطاعات مختلفة.

وتهافت الأجانب الذين يعملون في الإقليم الخميس نحو المطارات للسفر قبل بدء تطبيق إجراءات التضييق على هذه المنطقة، بعيد إجراء استفتاء حول استقلالها.

ولكن تركيا التي تتمتع بالعلاقات الأقوى مع الإقليم تظل في موقف معقد بسياسة تتخللها التناقضات. وتحاول أنقرة من خلال ذلك ثني رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني عن إصراره على الاستقلال، لكن دون دفعه إلى الخروج عن دائرة النفوذ التركي وما قد يتبع ذلك من خسائر للطرفين.

ويقول محللون إن “تركيا تعامل البارزاني كابن عاق تنبغي تربيته وإعادته للصف وليس طرده”. لكن لا شك أن خسائر أربيل ستكون أكثر فداحة من انتكاسات أنقرة.

وتعهدت الحكومة التركية بحصر التعامل مع الحكومة الاتحادية في بغداد في موضوع تصدير النفط، حسبما أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي الخميس.

وأورد البيان أن رئيس الوزراء التركي أكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره العراقي “التزام بلاده بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية لتنفيذ كافة الخطوات الضرورية لبسط السلطات الاتحادية سلطتها على المنافذ البرية والجوية وتوفير الوسائل المطلوبة لذلك”.

وأكد “دعم بلاده لجميع القرارات الأخرى، ومنها المتعلقة بحصر تصدير النفط بالسلطات الاتحادية”.

وتهدد هذه السياسة روابط اقتصادية وثيقة بين أنقرة وأربيل ساهمت في بقاء الإقليم على قيد الحياة، منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

ويظل من المستبعد تضحية أردوغان بالبارزاني حليفه الوثيق. وإلى جانب العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، قدم إقليم كردستان خدمات كبيرة لأنقرة بشأن تجفيف منابع تمويل حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض حربا دامية مع الحكومة التركية ويتخذ من شمال العراق قاعدة لقيادته، إلى جانب السماح للمخابرات التركية بإقامة مواقع عمل متقدمة داخل أراضي كردستان.

ويسود اعتقاد على نطاق واسع في أربيل أن أنقرة ربما تمارس ضغطا إعلاميا يتماشى مع رؤى العبادي، لكنها قد لا تلجأ إلى فرض إجراءات قاسية ضد الإقليم، لا سيما على مستوى تصدير النفط والتبادل التجاري.

وتقول مصادر في بغداد إن أطرافا في الحكومة المركزية تحاول إقناع المسؤولين الأتراك بأن الحكومة الاتحادية قادرة على تعويض أنقرة عن نفط كردستان، عبر مدّ أنبوب إلى تركيا عبر الموصل لتصدير نفط كركوك، بعد استعادة السيطرة عليه، وفقا لخطط الحكومة.

وتؤكد المصادر أن هذا ما يقلق البارزاني كثيرا. فهذه هي المرة الأولى التي يجد الأكراد أنفسهم فيها منبوذين من قبل أقرب حلفائهم وخصوصا في تركيا.

ووصل التنسيق بين أنقرة وبغداد إلى أعلى مستوياته منذ أعوام. وقال يلدريم، بحسب البيان، إن “الموقف التركي داعم لكل القرارات التي اتخذها مجلسا الوزراء والنواب في العراق لحفظ وحدة البلد”.

ورغم ذلك تقول مصادر إن أنقرة ربما تتبنى نهجا براغماتيا يحولها مع الوقت من خصم للاستفتاء إلى وسيط بين بغداد وأربيل.

صحيفة العرب اللندنية