بناءً على دعوة تلقاها محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن اسماعيل العلاق من مجلس الأمن الدولي؛ لحضور اجتماع في نيويورك الثلاثاء 17 تشرين الأول 2017 مع أعضاء المجلس في مبنى الأمم المتحدة، في بادرة هي الاولى من نوعها حيث كان العلاق اول محافظ بنك مركزي في العالم يحضر مثل هكذا اجتماعات.
وتناول الاجتماع إدارة البنك العراقي المركزي بشكل علمي مدروس، وتجربته في مكافحة عمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب، والتنمية الاقتصادية ، حيث اثنى أعضاء مجلس الأمن الدولي على عمل البنك في ظل الظروف الصعبة للبلد.
واوضح مركز دراسات استراتيجي امريكي، أن وسائل الاعلام العالمية، ادت دورا سلبيا في نقل صورة غير واضحة عن السوق العراقي خلال السنوات الماضية، مؤكدا ان هناك جوانب ايجابية كثيرة وفرصا كبيرة للمستثمرين فيه .
واشار مسؤول الشرق الاوسط في مصرف “سيتي بنك” الذي يعد أحد أكبر بنوك العالم، الى اطمئنان المصارف الامريكية تجاه المصارف العراقية بعد خطوات الاصلاح التي قام بها البنك المركزي العراقي المتمثلة بمكافحة غسل الاموال ومعاقبة المخالفين وملاحقتهم، ودعم التنمية .
وقالت رابطة المصارف الخاصة العراقية، إن “وفدا مصرفيا عراقيا ناقش مع عدد من المصارف والمؤسسات المالية العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية فرص التعاون بين الطرفين”، مبينة أن ” الوفد ضم 17 مصرفا خاصا ومصرفي الرافدين والصناعي والمدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة علي طارق وعدد من مستشاري الرابطة”.
وعقد الوفد العراقي في مركز الدراسات الاستراتيجي الأمريكي اجتماعا مع الجانب الامريكي الذي ضم الخزانة الامريكية والمصارف الامريكية ومؤسسة أوبك ومؤسسات مالية أمريكية لمناقشة اقتصاد العراق والتحديات التي تواجهه، وخرج الاجتماع ببيان مفاده ان الاعلام العالمي ، يعكس صورة سلبية عن الاستثمار في العراق خلال السنوات الماضية، مما أثر بشكل كبير على دخول الشركات الأجنبية في السوق العراقي”، مبينا انها تحتوي على إيجابيات كبيرة وفرصة كبيرة للمستثمرين للعمل فيه.
وشرح المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة علي طارق الانجازات التي حققها القطاع المصرفي العراقي رغم التحديات التي واجهته خلال الفترة الحالية”، والظروف الصعبة التي يمر بها البلد من حرب ضد الارهاب ، وانخفاض اسعار النفط العالمية، وتدمير البنى التحتية في المحافظات التي كانت تحت سيطرة داعش ، وحملة اعادة الاعمار والنازحين.
واكد أن عمل المصارف في تطور مستمر وتسعى إلى تقليل استخدام النقد في تعاملات الحياة عبر المشاريع التي تعمل عليها رابطة المصارف الخاصة العراقية بالتعاون مع البنك المركزي مثل مشروع الشمول المالي وتوطين الرواتب، وهو من المشاريع المهمة التي يعمل البنك المركزي على تنفيذها على صعيد نقل المعاملات النقدية إلى العصر الالكتروني، وهذا المشروع ينفذ استنادا الى قرار صادر من مجلس الوزراء نهاية عام 2016 ، ليتكامل مع مجموعة من الإجراءات التي نجح البنك المركزي خلال العامين المنصرمين في تحقيقها، ويتضمن المشروع فتح حسابات لجميع موظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية في المصارف وسيكون البنك هو الضامن لهذه الرواتب، وذلك في اطار تعزيز الشمول المالي وتعميم الخدمات المصرفية الى جميع شرائح المجتمع، الامر الذي ينهي مخاطر السرقة والضياع والتزوير والتلف عند استلام الرواتب.
وبين طارق انه تم تطبيق المرحلة الاولى بنجاح بتوطين رواتب موظفي البنك المركزي عبر عدد من المصارف التي تم اختيارها وفقا لمجموعة من المعايير للتقييم الفني والمالي والخدمات التي ستقدمها للموظفين وبشفافية عالية، مشيرا الى انه تم بعدها توقيع عقد بين المركزي والمصارف المختارة لأخذ الضمانات المناسبة للتوطين، واصدار بطاقات مصرفية مرتبطة بحسابات الموظفين.
وهنالك جملة من الابعاد الاقتصادية المهمة التي سيفرزها هذا المشروع ، ومنها تعزيز الشمول المالي وتوسيع نطاق الخدمات المالية، وتقوية الثقة بين المصارف والمواطن؛ مما يزيد المتعاملين مع المصارف إذ ان نسبة الذين يمتلكون حسابات مصرفية في العراق حاليا لا تتجاوز 12% من عدد السكان.
ويسهم المشروع في تسهيل عملية دفع الرواتب عبر المصارف التي تؤدي الى زيادة سرعة تداول النقود وبالتالي تخفيف حدة الانكماش الحاصل حاليا نتيجة الأزمة المالية، وتحصيل مبالغ كبيرة للمصارف التي يمكن الافادة منها عبر تعزيز سيولتها، وضخ جزء منها في قنوات ائتمانية لصالح المشاريع الانتاجية مما يعزز دورة الاعمال والخروج مما يعرف في المصطلحات الاقتصادية بمنطقة فخ السيولة .
وبين طارق ان “المصارف الخاصة تعمل جاهدة على أن تكون حصتها متوازنة مع المصارف الحكومية من خلال الودائع، وسن قرارات تحفز الدوائر الحكومية على التعامل مع المصارف الخاصة”، مؤكدا أن “المصارف العراقية تنفذ قانون مكافحة غسل الاموال والإرهاب وتعليمات خاصة بالامتثال وإدارة المخاطر”.
واكد مسؤول الشرق الاوسط في مصرف سيتي بنك، دينيس فلانيري، ان “المصارف الامريكية لديها الان اطمئنان أكبر للمصارف العراقية خصوصا بعد خطوات البنك المركزي العراقي الايجابية المتمثلة بمكافحة غسل الاموال ومعاقبة المخالفين”، مضيفا ان “المصارف الامريكية تدرس آلية العمل والتعاون مع المصارف العراقية والمشاريع التي توفر لها انسيابية بالعمل”.
وبحسب البيان الصادر قررت رابطة المصارف الخاصة العراقية “استمرار إقامة الاجتماعات الدورية مع الخزانة الامريكية والمصارف الاجنبية وتحديدا الامريكية مع إقامة ملتقى سنوي بين المصارف العراقية والأمريكية”.
ويعد “سيتي بنك” الذي تأسس عام 1812، أحد أكبر البنوك في العالم، وهو الذراع المصرفية لمجموعة سيتي غروب، ويعمل في أكثر من 100 بلد في العالم، ويعد مع مجموعة “سيتي غروب” أكبر بنك من ناحية الودائع في الولايات المتحدة متبوعاً بـبنك أوف أمريكا، وجي بي مورغان تشيس.
شذى خليل*
باحثة في الوحدة الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية