استمرت معدلات التضخم في السودان بالارتفاع الكبير، وهو ما استرعى انتباه كثير من الخبراء والمتابعين الاقتصاديين في البلاد.
فعلى الرغم من المبررات التي ظلت تسوقها المؤسسات الاقتصادية الرسمية عن المشكلة وإجراءاتها للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية ومن ثم السوق، فإن ما وصفه اقتصاديون بالسياسات الخاطئة ما تزال تدفع باتجاه الأسوأ متحدية كل تلك الإجراءات.
وبلغ معدل التضخم 34.61% في سبتمبر/أيلول الماضي بارتفاع بلغ 1.11% عن الشهر الذي سبقه.
وقال تقرير للجهاز المركزي للإحصاء إن المجموعات السلعية والخدمية ساهمت في معدل التضخم بنسب متفاوتة.
وأضاف التقرير أن مجموعة الأغذية والمشروبات ساهمت بنسبة 20.29%، والملابس والأحذية 2.39%، والصحة 2.18%، والاتصالات 0.86%، والنقل 0.93%.
وفصل مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز التي قال إنها ساهمت بـ 2.32%، والتجهيزات والمعدات المنزلية 1.69%، مع تدن في مجموعة التعليم التي بلغت 0.66% بالإضافة للسلع والخدمات المتنوعة 0.92% ومجموعة المطاعم والفنادق 0.94%، ومجموعة التبغ 0.70%.
زيادات
ويلقى الناطق الرسمي باسم الجهاز المركزي للإحصاء العالم عبد الغني باللائمة على الإجراءات التي طبقتها الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي قضت بفرض زيادات على كثير من السلع الضرورية والمحروقات.
ويقول الناطق باسم جهاز الإحصاء لـ الجزيرة نت إن ارتفاع معدلات التضخم بالسودان ظل يسير بوتيرة واحدة لخمسة أشهر متتالية وهي الصعود إلى أعلى، وإن الإجراءات الاقتصادية ساهمت بشكل أساسي في زيادة مستويات التضخم.
ويتوافق الخبير الاقتصادي “الكندي يوسف” مع عبد الغني في كون الإجراءات الاقتصادية للحكومة هي المتسبب الرئيس في ارتفاع معدلات التضخم.
لكن يوسف -الذي كان يتحدث للجزيرة نت- يرى أن التباين بين العرض والطلب أدى لارتفاع معدلات التضخم، في ظل غياب منافسة حقيقية توازن بين المعروض والمطلوب.
وباعتقاده فإن هناك أسبابا مباشرة لذلك تتعلق بعدم وجود سياسات حقيقية تمنع التدهور الاقتصادي، مما أدى لارتفاع معدلات التضخم واختلال الميزان التجاري.
ومع اقتراب معدل التضخم من 35% واستبعاد تحقق أي نظرية اقتصادية في ظل السياسات الحالية، فإن الحل يتمثل -كما يقول خبير الاقتصاد يوسف- بدعم القطاعات الإنتاجية ممثلة في الزراعة والثروة الحيوانية ومنتجاتهما.
لكن يوسف يستبعد الوصول إلى هذا الهدف إلا بتوفر شروط موضوعية تتمثل باتخاذ إجراءات جديدة يكون فيها دعم القطاعات الاقتصادية هو الهدف الأول.
تقليص المصروفات
ويعود الجهاز المركزي للإحصاء ليوضح -عبر الناطق باسمه- أن الإجراءات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم من 17% إلى 34%، واستبعد حدوث أي انخفاض لمعدلات التضخم إلا بعد انقضاء سنة كاملة.
من جهته، يعتقد الخبير الاقتصادي أحمد مالك أن السياسة الاقتصادية السودانية لم تبن على أسس علمية أو نظرية حقيقية لتطوير الاقتصاد.
ويرى أن معالجة المشكلة تتركز بتقليص مصروفات الحكومة التي تسيطر على 90% من ميزانية الدولة، فهناك “نحو ثلاثة آلاف (مسؤول) دستوري بمخصصات عالية جدا”.
ويتوقع مالك حدوث ارتفاع كبير لمعدل التضخم يفوق 40% بعد اكتشاف خطأ الوعود التي طرحتها الحكومة مع رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان، وفق قوله.
وينبه -في تعليقه للجزيرة نت- إلى وجود خلل في ميزان المدفوعات “الأمر الذي سيقود إلى هبوط جديد في سعر العملة الوطنية (الجنيه) لأنها لا تملك المقاومة الحقيقية أمام العملات الحرة الأخرى.
وبرأي مالك فإن آلية السوق تتعدل بشكل طبيعي مع أسعار صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي “وذلك في ظل ضعف الصادرات مقابل الواردات”.
المصدر : الجزيرة