السكان المشردون داخل العراق واللاجئون.. نحو هبوط آمن ضروري لنا جميعا

السكان المشردون داخل العراق واللاجئون.. نحو هبوط آمن ضروري لنا جميعا

ليست هناك بارقة أمل في أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل استمرار القتال الذي يزيد من تدهور الوضع في المنطقة. في العراق، الذي كان مركز هذه الصراعات في المنطقة منذ حرب الخليج الأولى، استمر النزوح السكاني لمدة ربع قرن، وتواجه البلاد الآن ما يقرب من 3.5 ملايين من المشردين داخليًا. ومن بين هؤلاء، نحو 2.5 مليون شخص أضيفوا فقط في عام 2014. وما يقرب من 46 % من هؤلاء المشردين وربع مليون لاجئ سوري فروا إلى إقليم كردستان العراق؛ مما أدى إلى زيادة في عدد سكان الإقليم بنسبة 28 % في غضون أشهر.

بعد شمال العراق، أكبر عدد من المشرّدين داخل العراق؛ يتواجدون في: محافظة الأنبار في الغرب ويبلغ عددهم 400 ألف، وفي مدينة كركوك في وسط العراق ويبلغ عددهم 350 ألفًا، وفي بغداد ويبلغ عددهم 310 آلاف. نزح معظم المشردين العراقيين بسبب الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي كثير من الأحيان، يجد المشردون أنفسهم في موقف صعب، في أماكن مثل بغداد؛ حيث تجعل الحاجة إلى أوراق رسمية والحذر من السُلطات، من الصعب التسجيل في وزارة الهجرة والمهجرين والحصول على المعاش الشهري المقدم من الحكومة بقيمة 240 دولارًا. إنهم غير قادرين على الحصول على مزايا أخرى مثل المعاشات والرعاية الصحية وبرامج الحماية الاجتماعية الأخرى. وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة في العراق تعلن عن نهج أكثر شمولًا، إلا أن التغيير يستغرق الكثير من الوقت حتى يصل إلى مستوى التنفيذ، وخاصة في مثل هذه الأوقات العصيبة.

وفقًا لنائب رئيس الوزراء العراقي، صالح المطلك، فإن العراق في حاجة إلى نحو 5 مليارات دولار لتلبية احتياجات السكان النازحين فيها. وفي غضون ذلك، تقدر الأمم المتحدة أنه في المدن الكبيرة مثل الموصل والعديد من المدن الصغيرة التي تعاني من خطر الانغماس في القتال، في ظل محاولة العراقيين استعادة الأرض المسلوبة منهم؛ فإن عدد النازحين قد يتجاوز 3 ملايين في المستقبل القريب، إضافة إلى إمكانية توافد المزيد من اللاجئين من سوريا.

في فبراير 2015، أصدر البنك الدولي تقريرًا تحت عنوان “حكومة إقليم كردستان: تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للصراع السوري وتمرد داعش “، يحدد على نطاق واسع التحديات التي تواجه اللاجئين والنازحين داخليًا والمجتمعات المضيفة والحكومة. والجدير بالذكر أن الأزمة ضربت حكومة إقليم كردستان بالتزامن مع الأزمة المالية، وانخفاض بنسبة 90 % في التحويلات المالية من الحكومة المركزية في بغداد. ويركز التقرير على التأثير السريع للأزمة على الوضع المالي والاقتصادي لحكومة إقليم كردستان، وعلى تكاليف الاستقرار، أي الإنفاق الإضافي اللازم لاستعادة رفاهية سكان إقليم كردستان. جميع الإحصاءات التالية مأخوذة من تقرير البنك الدولي.

تُقدّر تكلفة الاستقرار بنحو 1.4 مليار دولار (5.6 % من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لحكومة إقليم كردستان)، وهذا يندرج ضمن مجموعة من الكوارث الكبرى في جميع أنحاء العالم.

وفي هذه الأثناء، انخفض اقتصاد إقليم كردستان العراق بنسبة 5 % في عام 2014، في حين ارتفع معدل الفقر إلى أكثر من الضعف، من 3.5 % إلى 8.1 %. وتتراوح التقديرات التقريبية من الأموال اللازمة لخفض معدل الفقر في إقليم كردستان العراق إلى مستويات ما قبل الأزمة ما بين 66.5 مليون دولار إلى 107.8 ملايين دولار لعام 2015.

وتُقدّر تكاليف تَثْبِيت هذا التأثير على التنمية البشرية بنحو 846 مليون دولار، (3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2015. وهناك حاجة إلى توفير مأوى مناسب على الفور إلى أكثر من 243 ألف نازح. وقد بنيت الحكومة 26 مخيمًا للمشردين داخليًا في جميع أنحاء المحافظات الثلاث في إقليم كردستان العراق بسعة مشتركة لنحو 223،790 ألف نازح، وهناك ثلاثة أرباع هذا العدد ما زالوا في حاجة إلى مأوى مناسب.

وقد التزمت حكومة إقليم كردستان بتمويل ثلاثة من هذه المخيمات. ومن المتوقع أن يموّل المجتمع الدولي 20 مخيمًا مع 3 مخيمات تبقى غير ممولة. وتشير التقديرات إلى أن القطاع الصحي سيحتاج إلى 317 مليون دولار لاستقرار الوضع. وهناك 325 ألف طفل دون سن 18 بين اللاجئين والنازحين داخليًا، و70 % من النازحين و48 % من أطفال اللاجئين لم يلتحقوا بالمدارس. وكحد أدنى، هناك حاجة لمبلغ 34 مليون دولار للاجئين و161.5 مليون دولار للنازحين داخليًا لتحقيق الاستقرار في قطاع التعليم.

كما زاد الصراع الإقليمي من الضغط على البنية التحتية لإقليم كردستان العراق، والذي كان يواجه العديد من التحديات قبل الأزمة. وفيما يتعلق بالطاقة، ألزم القتال حكومة إقليم كردستان بالحصول على الطاقة من مصافي البترول التي تقع في أقصى الجنوب؛ مما أدى إلى زيادات كبيرة في أسعار الوقود مع تأثير متوقع على التكاليف في مختلف قطاعات الاقتصاد. وازداد الطلب على الكهرباء في جميع محافظات إقليم كردستان العراق.

وعلاوة على ذلك، يقدر الطلب الإضافي على المياه للاجئين والمشردين داخليًا بارتفاع بنسبة 11 % عن مستويات ما قبل الأزمة. الصرف الصحي هو مصدر قلق كبير في ظل اتساع الثغرات الموجودة حاليًا، تبلغ تكاليف الاستقرار القطاعي حوالي 214.3 مليون دولار لعام 2015. وغني عن القول، إن هناك آثارًا بيئية خطيرة يجب معالجتها والتخفيف من حدتها.

وهذا يشكل عبئًا كبيرًا على حكومة إقليم كردستان ويعطي مؤشرًا للتحديات التي تواجه العراق، وخاصة في وقت تعب بعض الجهات المانحة. ومع ذلك، يجب على مجتمع المانحين إيجاد وسائل مبتكرة لتقديم الدعم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق.

البنك الدولي، على سبيل المثال، كان قادرًا على توفير التمويل اللازم للمجتمعات المحلية في الأردن لمساعدة اللاجئين السوريين. وهناك حاجة إلى برامج مماثلة من مجتمع المانحين تركز على بناء قدرة محلية على التكيف. الاستثمار في العراق الآن، وضمان الهبوط الآمن نسبيًا لهؤلاء السكان، هو في مصلحة المنطقة والعالم. وهذا درس واضح تعلمناه من اللاجئين الفلسطينيين منذ 70 عامًا.

http://www.brookings.edu/blogs/future-development/posts/2015/04/02-iraq-refugees-kulaksiz-karasapan