شكّل تقارب السعودية والعراق تجاريا في الآونة الأخيرة وخاصة في ما يتعلق بالطاقة أحد أبرز التطورات الملفتة في نظر المحللين والاقتصاديين، خاصة وأنّ البلدين عضوان بارزان في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
وتوّج البلدان هذا التقارب بحزمة من الاتفاقيات المشتركة في قطاع الطاقة، في خطوة أخرى لتمتين العلاقات الاقتصادية بهدف تعزيزها مستقبلا في شتى المجالات.
وقال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد الفالح خلال مراسم توقيع 18 اتفاقية في قطاع النفط إن “التكامل والتعاون مع العراق توجه استراتيجي ذو أولوية بدعم واهتمام قيادة بلادنا”.
وأضاف أن مشاركته “تترجم سعي الرياض إلى تعزيز العلاقات التجارية مع العراق الشقيق لما يحمل بين طياته من فائدة للطرفين”.
ووقعت 14 شركة سعودية وعراقية اتفاقيات تتعلق بمجالات الطاقة المتنوعة والصناعات المرتبطة بها بحضور الفالح ونظيره العراقي جبار لعيبي خلال افتتاح مؤتمر ومعرض العراق الدولي السابع للنفط والغاز في البصرة.
وشدّد الفالح على الفرص غير المحدودة للتعاون الطرفين قائلا إن “هناك مجالات لتبادل الخبرات وفرص التعاون في مجال صناعة الزيت والغاز واستغلال مصادر الطاقة المتجددة والتعاون في مجال فتح الأسواق وتنمية الصادرات بين البلدين”.
وكشف أن عملاق البتروكيماويات الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) تخطط لفتح مكتب لها في العراق. وقال إنه “في المراحل الأخيرة لإعادة فتح مكتبها في العراق وهو ما يمكن أن يتيح فرصا للشركة لتوسعة استثماراتها في هذا القطاع”.
وأشار الفالح إلى إن البلدين سيناقشان قريبا مبادرة للربط الكهربائي واستثمارات في الطـاقة المتجـددة ومشـروعات تـوليد الكهرباء.
ويطمح العراق إلى جني منافع اقتصادية من توثيق العلاقات مع الرياض بينما تأمل السعودية في علاقات أقوى مع بغداد تساهم في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.
وقال لعيبي إن “السعودية أحد أهم المستثمرين في المنطقة والعالم”، لافتا إلى أن الحكومة العراقية ووزارة النفط تتطلعان إلى تفعيل التعاون والعمل المشترك مع الشركات السعودية بما يعزز اقتصاد البلدين.
وبدأت تظهر ملامح عودة العلاقات التجارية بين البلدين بشكل كبير في السنوات الأخيرة لتصل لحرص الرياض على المشاركة في معرض بغداد الدولي إلى جانب إعادة فتح المعبر التجاري الحدودي بين البلدين وعودة الرحلات الجوية السعودية للعراق.
وبدأت الدولتان خطوات لتحسين العلاقات في عام 2015 بعد توترات على مدى ربع قرن والتي بدأت مع الغزو العراقي للكويت في عام 1990.
وقامت شركة الخطوط الجوية السعودية المملوكة للدولة أواخر أكتوبر الماضي، بتسيير أولى رحلاتها إلى العراق بعد توقف استمر لسنوات طويلة.
وكان الفالح قد قام بزيارة إلى بغداد في أكتوبر الماضي، على هامش انطلاق معرض بغداد الدولي، الذي شاركت فيه أكثر من 60 شركة سعودية شكّلت أكبر جناح للدول المشاركة في هذه الفعالية الدولية.
وشاركت هيئة تنمية الصادرات السعودية خلال الدورة الـ44 من معرض بغداد ولمدة أسبوع بنحو 60 شركة من مختلف القطاعات الصناعية والخدمية.
وقال صالح السلمي أمين عام الهيئة إن “الصادرات السعودية تسعى من خلال المعرض إلى اكتشاف الفرص السوقية للمنتجات السعودية في العراق وتسهيل إجراءات التصدير للعراق بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة”.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي حوالي 171.3 مليار دولار كان للقطاع الخدمي النصيب الأكبر منها بنسبة 57 بالمئة، و38 بالمئة للقطاع الصناعي، أما الزراعي ما نسبته 5 بالمئة.
وفي أغسطس الماضي، قالت الدولتان إنهما تخططان لفتح منفذ عرعر الحدودي أمام حركة التجارة للمرة الأولى منذ نحو 25 عاما.
ونشرت بغداد قوات عسكرية لحماية الطريق الصحراوي الذي يصل إلى مدينة عرعر، وقال محافظ الأنبار، صهيب الراوي، في وقت سابق إن “فتح المعبر خطوة مهمة ويمثل بداية كبيرة لتعاون مستقبلي أكثر بين العراق والسعودية”.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية للقائم بأعمال السفارة السعودية لدى بغداد عبدالعزيز الشمري قوله في وقت سابق إنه “تم الاتفاق على الكثير من الاستثمارات والمشاريع التي تخدم البلدين، وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن النقل الجوي في البلدين”.
وشارك البلدان الأسبوع الماضي، في الخروج بقرار لتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الخام 9 أشهر إضافية حتى نهاية ديسمبر 2018، وهو الاتفاق الذي بدأ مطلع العام الجاري بمشاركة أوبك ومنتجين مستقلين.
ووافق مجلس الوزراء السعودي في أغسطس الماضي على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي العراقي، الأمر الذي اعتبره اقتصاديون مفتاحا لتطوير العلاقات التجارية في المستقبل.
وتوالت على مدى الأسابيع الماضية الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في دول الخليج، بعد سنوات من الفتور في العلاقات الثنائية.
صحيفة العرب اللندنية