على الرغم من تحذير جلالة الملك عبدالله الثاني الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من خطورة اتخاذ أي قرار بشأن القدس المحتلة خارج إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، مشددا جلالته على أن القدس هي مفتاح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في السادس من كانون الأول/ديسمبر من الشهر الحالي في خطابه من البيت الأبيض الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ولمواجهة هذا القرار تسارعت جهود الملك عبدالله الثاني، حيث -قاد- ويقود جلاله الملك عبدالله الثاني شخصيا جهدا دبلوماسيا وسياسيا في كل الاتجاهات للتعامل مع تبعات القرار، والتواصل مع عواصم القرار العالمي، عبر لغة واضحة رافضة للقرار وتداعياته، بصفته غير قانوني ويتناقض مع الشرعية الدولية.
وفي إطار مواجهة هذا القرار شارك جلالة الملك عبدالله الثاني في 13 كانون الأول/ديسمبر الحالي بالقمة الاسلامية الطارئة في اسطنبول، للتأكيد على “أن المنطقة لن تنعم بالسلام الشامل إلا بحل للصراع الفسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين وفق الشرعية الدولية والمبادرة العربية وصولا إلى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية” وأكد” أن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة إسرائيل قرارخطير تهدد انعكاساته الأمن والإستقرار ويحبط الجهود لاستئناف عملية السلام ولطالما حذرنا من خطورة اتخاذ قرارات احادية تمس القدس خارج إطار حل شامل يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية” كما أن محاولات تهويد مدينة القدس وتغيير هويتها العربية الإسلامية والمسيحية سيفجر المزيد من العنف والتطرف فالمدينة مقدسة عند اتباع الديانات السماوية الثلاث. أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مسؤولية تاريخية يتشرف الأردن ويستمر بحملها وسنواصل دورنا في التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني في المسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف”. وفي سياق رفض قرار ترمب صوتت المملكة الأردنية الهاشمية لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو واشنطن إلى سحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. على الرغم من تهديد ترمب في قطع المساعدات عن الدول التي تصوت تأييدًا للقرار، وكما هو معروف بأن الأردن من الدول التي تحصل على تلك المساعدات، ومع هذا لم يأبه الملك عبدالله الثاني بذلك القرار.
شكّل قرار ترمب حالة من التناغم التي أسست لواقع سياسي وطني جسده الأردنيون بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، حينما امتدح الملك عبدالله الثاني، ما قام به المواطنون من احتجاجات على قرار الرئيس الامريكي ترامب باعتبار القدس عاصمة لـ”إسرائيل”. وقال الملك، عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” : “الأردنيون هم على الدوام نبض هذه الأمة، وما أظهروه اليوم من مشاعر جياشة تجاه القدس، قضيتنا الأولى، بتلاحم وتآخ لا مثيل لهما، يعكس مقدار شموخ شعبنا ورقيه، وهو مصدر فخر لي ولكل عربي”. وأضاف: “حفظ الله الأردن وشعبه درعا وسندا لأمتنا وأبنائها”.
أن موقف الشجاع للملك عبدالله الثاني الرافض لقرار ترمب نابع من الدور التاريخي برعاية المقدسات في القدس الشريف بمنتهى الجدية والفخر لأنه سليل الدوحة الهاشمية وهذا يعني أن القدس يجب أن تكون تحت رعايته، وهاهو جلالته وبكل اقتدار وجرأة يواصل حمايته للقدس، لا يمكن للملك عبدالله أن يقف متفرجاً على ما يدور من مؤامرات ضد القدس والمقدسات، فهو سليل أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، والأقصى هو البقعة المقدسة والمباركة التي أُسريَ إليها جده، ومنها كان معراجه، وأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين. ولا بد أن يشعر جلالته بالخوف والهم مما آل إليه الوضع العربي والدولي من إنهزام وتخاذل تجاه أقدس مدينة وأطهر أرض. فهمُّ جلالته هو همُّ الفلسطينيين وهمُّ الأردنيين وهمُّ العرب والمسلمين الشرفاء في هذا العالم. وحريٌّ أن ينهمَّ لأجل القدس. ونتساءل هنا:لو كانت المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي يحظى حكمه بشرعية سياسية وتاريخية يمتلك ثروات طبيعية كامتلاك بعض الدول العربية لها والتي لا تسخر من قبلهم في خدمة القضايا العربية، لو الأردن امتلك ناصيتها لاستخدمت في الدفاع عن قضايا الأمة المركزية وعلى رأسها قضية فلسطين.
خلاصة القول: كانت جهود جلالة الملك عبدالله الثاني دائماً تُعطي بُعداً عربياً ودولياً لقضية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وأنه سيتصدى بحزم لكل ما يمس المقدسات الإسلامية والمسيحية تنفيذاً للوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وكان وما يزال صوت جلالة الملك عبدالله الثاني وسيبقى قوياً يُسمِع من به صمم ويقول له بأن القدس خط أحمر لا مساس بها لآخر رمق في حياتنا، فهي تنتمي للأمة العربية والإسلامية وجهودنا كهاشميين بقيَت وستبقى قنديلاً يُضيء أروقة القدس وأحيائها وشوارعها وأزقتها من خلال رسالة خالدة لن تموت، ما دام في الهاشميين الأطهار نَفَس يَشُم ترابها الغالي.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية