وقعت وزارة النفط العراقية أمس اتفاقا نفطيا مع شركة جنهوا الصينية لتطوير حقل نفطي شرق العاصمة بغداد بقيمة مالية تتجاوز 3 مليارات دولار.
وقد استغلت الوزارة تلك المناسبة لإرسال إشارة تحذير لشركة اكسون موبيل الأميركية بضرورة تسريع المفاوضات بشأن الاستثمارات والتطوير في حقول كبرى في محافظة البصرة جنوب العراق.
وقال وزير النفط جبار علي حسين لعيبي للصحفيين عقب حفل توقيع الاتفاق مع الشركة الصينية إن هذا العقد مهم للعراق لزيادة إنتاج النفط الخام بمعدل 40 ألف برميل يوميا لتلبية متطلبات قطاع الطاقة الكهربائية في بغداد.
لكن المحللين يقولون إن أهمية الاتفاق تتجاوز حجم العقد وتمتد إلى محاولة إصلاح الفوضى التي هيمنت على العقود النفطية منذ عام 2003 والتي شهدت منح الشركات مزايا غير مسبوقة على حساب مصالح البلد، الذي كان يدير ثروته النفطية بشكل مباشر قبل الغزو الأميركي للبلاد دون الاستعانة بالشركات الأجنبية.
وأكـد المتحـدث باسم وزارة النفـط العـراقية عاصم جهاد أن الشركة الصينية سوف تقوم ببناء مدينة سكنية نفطية تشمل وحدات سكنية ومرافق خدمية متكاملة من ضمنها إنشاء مدرسة وحضانة ومستوصف طبي.
وأشار إلى أن “العقد يلزم الشركة الصينية بالاعتماد على الأيدي العاملة الوطنية بنسبة 50 بالمئة في البداية على أن ترتفع تدريجيا لتصل إلى 80 بالمئة”.
وقال عبدالمهدي العميدي المدير العام لدائرة العقود والتراخيص البترولية إن “العقد سيوقع بشكل نهائي بعد موافقة الحكومة العراقية التي نتوقعها الشهر المقبل. أما موافقة الجانب الصيني فربما تكون في شهر مارس المقبل ليتم بعدها التوقيع النهائي على صيغة العقد”.
ولم تعلن الوزارة تفاصيل العقد لكنها أشارت إلى أنه يتضمن معايير تنفيذ وتطوير مشددة ويتجاوز الشروط المجحفة في عقود التراخيص التي أبرمها مسؤول ملف الطاقة في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والتي منحت الشركات مزايا غير مسبوقة لا تزال تقضم عوائد النفط العراقية.
وافتقرت تلك العقود إلى الرؤية المستقبلية حين كانت أسعار النفط تفوق 100 دولار للبرميل، ومنحت الشركات نحو 21 دولارا مقابل إنتاج كل برميل، إضافة إلى فواتير بلا حدود للمصروفات تشمل مكاتبها في الخارج وسفر مسؤوليها وفواتير اجتماعاتهم.
وأكد محللون أهمية العناصر الجديدة في العقد مثل تطوير البنية التحتية وبناء الوحدات السكنية والمرافق العامة وتشغيل السكان المحليين والتي أدى فقدانها في العقود السابقة إلى مشاكل كبيرة مع السكان المحليين.
وعلى مدى السنوات الماضية، امتنعت العديد من الشركات الأجنبية عن الاستثمار في حقل شرق بغداد، الذي تديره شركة نفط الوسط المملوكة لوزارة النفط، نظرا لوقوعه ضمن مناطق سكنية إضافة إلى نوعية النفط فيها وهو من النوع الثقيل، مقارنة بنفط الحقول الواقعة في المنطقة الجنوبية التي تمتاز بجودة أعلى.
ويبلغ إنتاج الحقل نحو 20 ألف برميل يوميا، بينما تشير تقديرات إلى أن إنتاجه الكلي قد يصل إلى حدود 120 ألف برميل يوميا في حالة التطوير الكامل.
وقال وزير النفط على هامش توقيع العقد إن “مفاوضات مشروع العراق المتكامل بين العراق وشركة اكسون موبيل الأميركية قطعت أشواطا، لكنه لم يصل إلى نتائج نهائية بسبب أفكار لدى الشركة حول مستويات إنتاج النفط الخام”.
ولم يخف الوزير استياءه من عدم إحراز تقدم والإشارة إلى مماطلة اكسون موبيل حين أعطاها مهلة نهائية إن المشروع سيعرض على شركات أخرى إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع اكسون موبيل بحلول شهر فبراير المقبل.
وكان لعيبي قد أكد في أكتوبر الماضي أن المحادثات مع اكسون موبيل لتطوير المشروع في مراحلها النهائية. ويشمل المشروع مد خطوط أنابيب نفطية وبناء منشآت تخزين ومشروعا لضخ مياه من الخليج في المكامن لتحسين الإنتاج.
على صعيد آخر وفي إطار سعي العراق لتطوير الصناعة النفطية، دعت وزارة النفط أمس الشركات العالمية للاستثمار من خلال تنفيذ مشروع لمد أنبوب جديد لصادرات النفط من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي.
وقالت في بيان إن “شركة المشاريع دعت الشركات المحلية والعالمية إلى المشاركة في تنفيذ مشروع مد أنبوب بطول 350 كيلومترا وقطر 48 عقـدة وتـزيد طاقته على مليـون برميل يوميا”.
وأوضحت أن “المشروع ينفذ بصيغة الاستثمار، الشركة المستثمرة تقوم بالإنفاق على المشروع ومن ثم تسترد التكاليف بعد تشغيل الأنبوب بحسب الفترة الزمنية التي يتم الاتفاق عليها” دون مزيد من التفاصيل.
وأشارت إلى أن العقد سوف يلزم ائتلاف الشركات التي تفوز بتنفيذ المشروع بمشاركة شركات محلية بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة.
وذكرت الوزارة أن مسار الأنبوب سيكون بمحاذاة الأنبوب الاستراتيجي القديم الذي كان يستخدم لنقل النفط إلى ميناء جيهان التركي، لكنه تعرض لتفجير وتخريب وسرقة خلال احتلال داعش للمناطق التي يمر فيها الأنبوب.
صحيفة العرب اللندنية