فساد المنافذ الحدودية يرهق الموازنة والاقتصاد العراقي

فساد المنافذ الحدودية يرهق الموازنة والاقتصاد العراقي

لندن – أكدت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي أن نصف عمل المنافذ الحدودية تسيطر عليه مافيات متنفّذة تمارس عدة أنواع من الفساد. وأكدت أن ذلك يكبّد موازنة الدولة خسائر تصل إلى مليارات من الدولارات شهريا.

واقترحت اللجنة على الحكومة تطبيق النظام الإلكتروني في المنافذ لغلق أبواب الفساد. وذكرت أن أغلب ملفات الفساد المتعلقة بمسؤولي المنافذ الحدودية يتم إغلاقها عن طريق دفع الرشاوى.

ويشكو معظم التجار وسائقو الحافلات من صعوبة إدخال البضائع إلى العراق، بسبب الابتزاز والإجراءات الروتينية والتعقيدات التي تفرضها المنافذ الجمركية.

ويقول الخبراء إن الخلل يبدأ من المحاصصة الطائفية والحزبية التي تتقاسم الوظائف الكبيرة وتضع عديمي الكفاءة في أعلى هرم المؤسسات الحكومية، وهو ما يؤدي إلى إقصاء الكفاءات وانتشار التسيّب والفساد.

وأكدوا أن مفتاح إصلاح الخلل يكمن في اختيار كفاءات إدارية مستقلة بمعايير عالمية لتتمكن من فرض الانضباط في عمل المنافذ الحدودية، وهو ما ينطبق على جميع مؤسسات الدولة الأخرى.

كما أن جهود مكافحة الفساد تصطدم عادة بعراقيل كبيرة بسبب ارتباط المسؤولين الفاسدين بكبار الأحزاب المهيمنة على الحكومة العراقية والتي تعرقل محاسبة الفاسدين.

زيتون الدليمي: ضرورة تسليم المنافذ الحدودية لشركات مختصة لإدارتها وتعظيم الإيرادات
ونسبت صحيفة “المدى” العراقية إلى عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري قولها إن المنافذ الحدودية من أكبر الثغرات في عمل الحكومة التي لم تتمكن من السيطرة على إيراداتها والتي يمكن أن ترفد الموازنة بمبالغ كبيرة جدا. وأشارت إلى أن الحكومة تجري تنقلات لنحو 150 موظفا في دائرة الجمارك كل 4 أشهر، لكن ذلك الإجراء لم ينجح في تقليل نسبة الفساد بسبب وجود شخصيات متنفّذة تسيطر على عمل المنافذ.

ويقول محللون إن تداعيات الفساد في المنافذ الحدودية لا يقتصر على خسائر الإيرادات بل يمتد إلى التأثيرات الصحية على حياة المجتمع لأنه يسمح بدخول البضائع الفاسدة ومنتهية الصلاحية.

وشددت البجاري على ضرورة محاسبة الموظفين المقصّرين وتطبيق النظام الإلكتروني في المنافذ الحدودية، وهو أمر معمول به في جميع البلدان، الهدف منه تقليل نسبة الفساد وإيقاف هدر المليارات من الدنانير شهريا.

وذكرت أن بعض الموظفين الذين لم تمض 5 سنوات على تعيينهم برواتب تقل عن 500 دولار، أصبحوا يملكون عقارات فخمة دون وجود ما يبرر ثرواتهم الكبيرة.

وتشير التقارير الحكومية للجهات الرقابية وهيئة النزاهة إلى اتخاذ الفساد أشكالا متعددة بينها تحصيل الرسوم الجمركية بالدولار وتسجيلها بالدينار العراقي للحصول على فارق العمولة من قبل الموظفين الفاسدين.

وتؤكد تقارير صحافية وتصريحات بعض النواب والنشطاء أن الملفات التي تصل إلى القضاء وهيئة النزاهة تنتهي عادة بإغلاقها بعد تدخل جهات متنفذة وربما دفع رشاوى، وهو ما يؤكد استشراء الفساد في معظم مؤسسات الدولة.

ونسبت صحيفة المدى إلى عضو اللجنة المالية النيابية زيتون الدليمي قولها إن موضوع الفساد وسوء الإدارة في دوائر الجمارك وعدم قدرة الحكومة على معالجتها تسبّب خسائر مالية كبيرة للموازنة الحكومية.

وأكدت أن اللجنة طالبت بتسليم المنافذ الحدودية إلى شركات مختصة لإدارتها وتعظيم إيرادات الدولة من الرسوم الجمركية التي يمكن أن تحقق عوائد كبيرة تخفف اعتماد الموازنة على عائدات النفط.

نورة البجاري: فساد المنافذ الحدودية لا يقتصر على دخول البضائع الفاسدة ومنتهية الصلاحية
وأشارت إلى أن الإيرادات الجمركية كانت منخفضة جدا في العام الماضي وأنها رغم ارتفاعها في العام الحالي، إلا أنها لا تزال منخفضة مقارنة بحجم الاستيراد والتبادل التجاري الكبير. وذكرت أن سوء الإدارة وسيطرة المافيات والعصابات المتنفّذة عليها، أديا إلى خسائر مالية كبيرة جدا للعراق، حتى أن نصف المنافذ الحدودية ليست تحت سيطرة الدولة.

وتشير إحصاءات البنك المركزي العراقي إلى أن واردات العراق الإجمالية من السلع في الفترة بين عام 2003 وعام 2015 بلغت نحو 475 مليار دولار.

كما نسبت صحيفة المدى إلى الخبير الاقتصادي أحمد بريهي قوله إن دوائر الجمارك ينبغي أن توثق عبر بيانات نوعية السلع التي تدخل البلاد من شهادة المنشأ والشهادات الصادرة عن شركة التأمين وعن الشاحن البحري وغير ذلك من أمور مهمة.

وأضاف أن الأهم من ذلك كله هو أن دائرة الجمارك ليست دائرة جباية إيرادات فقط، وإنما هي نقطة حدودية للحفاظ على سلامة الإنسان العراقي من الأغذية المغشوشة والأدوية التالفة والسلع الغذائية الفاسدة والملوثة.

وأكد أنها يجب أن تكافح الغشّ التجاري والصناعي وتحافظ على صحة الإنسان وتمنع تزوير الماركات التجارية، إضافة إلى تحقيق إيرادات للدولة، وهو ما يؤكد أهميتها كمؤسسة حكومية ينبغي رفع مستوى كفاءتها وإدارتها.

وشدد بريهي على ضرورة عدم التشهير وتوجيه الاتهامات واعتماد تقديم المعلومات الدقيقة التي تساعد في اتخاذ القرارات، من أجل الإصلاح ومكافحة الفساد في جميع مفاصل الإدارة المالية في العراق.