للسياسة التركية سماتها وملامحها التي تتميز بها ومنها السعي لاعتماد المبدأ الأول والرئيس في مسارها وهو الحفاظ على الامن الوطني والقومي وترسيخ مفهوم الدولة القوية وارساء مبادئ السيادة والقرار السياسي المستقل والعمل بشكل توافقي مع جميع الحلفاء الرئيسين لها بما يحقق طموحها ومبادئها وأهدافها في علاقتها الدولية والاقليمية .
وتأتي عملية (غصن الزيتون) التي بدأت قبل أيام وقادتها جميع صنوف القوات العسكرية التركية لترسخ هذه المفاهيم ولتبعث رسالة واضحة المعالم والدلائل لكل حلفاء الدولة التركية بأنها ثابتة على مبادئها عازمة على تعزيز أمنها القومي باعتماد المبدأ الاول في تكوين وادامة سلامة الدولة وهو مبدأ (الامن الذاتي ) .
ومن هنا علينا أن ننظر الى عملية (غصن الزيتون ) التي جاءت مكملة لعملية درع الجزيرة التي عززت فيها تركيا مواقفها في منطقة الحدود التركية-السورية وفي جهتها الجنوبية الغربية وفق المنطلقات والاهداف الاستراتيجية التالية :
1.اعتماد مبدأ الحفاظ على السيادة التركية وتعزيز مفهوم الاستقلال الوطني وترسيخ مبادئ الدولة القوية الداعمة لتأسيس مفهوم الامن الذاتي .
2.الآخذ بنظر الاعتبار الاولي سعي الحكومة التركية وأجهزتها التنفيذية الى تعزيز مفهوم (الامن القومي والوطني) وفق مبادئ وأهداف وطنية ثابتة لا بديل لها وانها ترى مصلحتها الاولى في التمسك بهذا المبدأ والعمل عليه .
3.الحفاظ على علاقتها الدولية والاقليمية والتنسيق مع جميع الاطراف والحلفاء، وفق سياسة مستقلة تعزز مبدأ الاستقلال الوطني الذاتي بعيدا عن المصالح الضيقة والاهداف المرحلية .
4.اعتماد مبدأ (الاستراتيجية الامنية) في منع وجود أي عناصر وهيئات وأدوات تؤرق الوضع الامني التركي الداخلي حتى وأن أدى هذا الامر الى تقدمها نحو الحدود المشتركة مع أي بلد مجاور لها حفاظا على أهدافها الوطنية .
5.الاستفادة من الوضع السياسي الداخلي السوري ووجود عدة أطراف مسلحة مرتبطة بأجندات مختلفة وبرؤى سياسة تحتكم للجهات الداعمة لها، فأسست لمفهوم الحفاظ على أمنها بعيدا عن هذه الجهات وتمكنت من استغلال الوضع الحالي في سوريا والتقدم نحو مقرات حزب العمال وأماكنه وواجهاته والتصدي له .
6.وضعت الادارة التركية في أولوياتها الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية عبر الحلف الاطلسي وموازنة علاقتها مع روسيا الاتحادية وتحقيق المصلحة الانية مع ايران في المواجهة التي تخوضها الان في شمالي سوريا .وبالتالي أصبحت الادوات التركية رهينة الحفاظ على سياسة دولية وإقليمية تحقق لتركيا مصالحها الامنية والعسكرية .
7.تعزيز مفهوم الاداء الاستخباراتي والمعلوماتي التركي في متابعة حركة قيادات ومقاتلي حزب العمال التركي ونشاطه وتوجهات قوات الحماية الكردية وفق خطط عسكرية ميدانية وباستخدام جميع الاسلحة والمعدات العسكرية ومنها سلاح الطيران .
8.ان دلالة غصن الزيتون ومفهومه يعززان المرحلة السياسية التي تعيشها الحكومة التركية وهي تمسكها بمفهوم السلام الدولي والاقليمي في منطقة الشرق الاوسط ومكافحة الارهاب بأنواعه والتصدي له في جميع الجهات.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية