تستمر الفعاليات العسكرية التركية في منطقة عفرين شمالي سوريا لتحقيق أهدافها في السعي لحماية أمنها الوطني والقومي من الوجود الكردي ومقاتلي سوريا الديمقراطية ووحدات الشعب الكردي التي ترى فيها الاجهزة الامنية والاستخباراتية التركية والقيادات السياسية في أنقرة تهديدا لأمنها وازعاجا للوضع الامني على الحدود التركية-السورية المشتركة، وبهذا الاسلوب والتوجه التركي فان المنطقة ستشهد الكثير من المواجهات المستمرة التي قد تقوض الوضع الامني وتجعله أكثر سلبية شمالي سوريا مع غياب الارادة الدولية والاقليمية في مواجهة التقدم التركي وأهداف الدولة التركية .
من سياقات العملية العسكرية والرؤية الميدانية لها والمنعطفات التي تحاول جاهدة الادارة التركية جعلها حقيقة على الارض وعلى الجميع أن يتعامل معها بواقع الحال يمكن للمتابع للاحداث أن يواجه ويقرأ الافكار التركية وأهدافها الميدانية وفق الاتي:
1.تحاول الادارة التركية وتعمل جاهدة على أن يكون لديها قول كبير وفعل مواجه واصرار على التأثير في الوضع السياسي الداخلي السوري أي أن تكون طرفا مهما في أي تغيير سياسي مقبل في سوريا والمنطقة .
2.استخدام جميع الادوات والوسائل التي سبق أن تعاملت معها جميع الأجهزة الامنية والاستخباراتية التركية في دعمها واسنادها في منتصف عام 2011 لفصائل وطلائع الجيش الحر السوري ولهذا نراها تستخدم مقاتليه في المساهمة باخراج الفصائل الكردية التي تواجهها في منطقة عفرين .
3.ارسال رسالة مهمة لكل الحلفاء الاستراتيجيين والاقليميين بان الرؤية السياسية التركية تقوم على مبدأ (منع اقامة اتي دولة أو كيان كردي) قريب أو بعيد عن الحدود المشتركة بين سوريا وتركيا وتعده موقفا ثابتا وإرادة سياسية مستقلة تلتزم بها الحكومة التركية وأجهزتها التنفيذية والعسكرية والامنية .
4.الرؤية السياسية العسكرية التركية المقبلة هي التوجه الى منطقة (منبج) واستكمال عملية اخراج القوات الكردية من هذه المدينة المهمة والقريبة من مدينة حلب الاستراتيجية لتحقيق هدفين تسعى اليهما تركيا وهما: تأمين هذه المناطق من الناحية الامنية لتعزيز أمنها الداخلي وإعادة النازحين من أبناء الشعب السوري الموجودين في المدن التركية والذين يبلغ عددهم 3 ملايين و500 ألف نسمة الى هذه المناطق وتقديم الدعم لهم .
5.تعزيز المفهوم الامني للسياسة الواقعية التي تتبناها الدولة التركية وجعلها واضحة للجميع وهي أن تكون تركيا دولة قوية وبأسس ودعائم راسخة تحول دون التأثير على أمنها الداخلي والقومي ولهذا فهي بدأت ترسل الكثير من الرسائل السياسية بأنها ما أن تنتهي من العمليات العسكرية شمالي سوريا حتى تتوجه لمعالجة الوضع الامني على الحدود العراقية-التركية المشتركة لمتابعة وملاحقة قيادات ومقاتلي عناصر حزب العمال التركي .
6.ما زالت القوى الدولية والإقليمية تتعامل بحذر مع التحرك العسكري التركي فهذه أمريكا تشير الى بقاء قواتها حول مدينة منبج السورية وعدم انسحاب قواتها منها وهي بالتالي ستشكل مواجهة سياسية وليست عسكرية مع الجانب التركي وسيكون هناك الكثير من التفاهمات المشتركة بين الطرفين لتحقيق مصالحهما في وضع سوري داخلي متدهور أصبح فيه الجميع يتصارعون من أحجل مصالحهم وأهدافهم .
7.الوضع السياسي في سوريا وتسارع الاحداث فيه ومقررات منظومة الامم المتحدة بالإسراع لممثلها (دي مستورا) بايجاد الحل الشامل للمشكلة السورية وبالتنسيق مع جميع القوى الدولية ومنها روسيا في المؤتمر المقبل في مدينة (سوتشي) الروسية هو ما يدفع الاتراك لاستغلال هذا الموقف للاسراع بعملياتهم العسكرية في وقت يتوجه به الجميع الى نتائج ومقررات المؤتمر.
8.ثبات القرار التركي وعدم تأثره بردود الافعال الدولية والاقليمية واستمراره في تحقيق أهدافه العسكرية والامنية داخل العمق السوري وهذا يثبت أن السياسة الامريكية أصبحت رهينة التحالفات والمصالح المشتركة بين بلدان المنطقة وأصبحت لا تستطيع كما كانت سابقا أن تعزز دورها بقوتها وتأثيراتها وإنما أصبح للدول الاخرى الحليفة كلمتها أيضا .
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية