صنعاء – اعتبرت مصادر سياسية يمنية أن الزيارة المفاجئة لوفد من الحوثيين إلى طهران جاءت نتيجة سلسلة من الإخفاقات السياسية والدبلوماسية التي مني بها الوفد الحوثي المفاوض، بعد أن فشل في عقد لقاء كان وشيكا مع المبعوث الأممي إلى اليمن المنتهية ولايته إسماعيل ولد الشيخ أحمد في العاصمة العمانية مسقط وهو اللقاء الذي كان الحوثيون يعولون عليه في إعادة واجهة الأحداث والاهتمام الدولي.
وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن جهود وساطة عمانية أخفقت كذلك في عقد لقاء مصالحة بين الحوثيين وقيادات بارزة من حزب المؤتمر الشعبي العام، وهي الجهود التي كانت تستهدف ترميم صورة الحوثيين.
ولفتت المصادر إلى أن تعثر جولة كان الحوثيون يرغبون في القيام بها إلى كل من موسكو وبكين، وهي أحد المواضيع الرئيسية التي طرحها الوفد الحوثي على وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، طالبا تدخل الدبلوماسية الإيرانية لإتمام هذه الزيارات التي تهدف إلى تحسين صورة الجماعة الحوثية التي تلقت ضربة غير مسبوقة بعد إقدامها على قتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وأمين عام حزب المؤتمر ورئيس وفده التفاوضي عارف الزوكا في مطلع ديسمبر 2017.
تغلغل إيراني
وزار وفد حوثي برئاسة الناطق الرسمي باسم الجماعة ورئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام العاصمة الإيرانية طهران السبت.
وعكست أجواء اللقاء الذي جمع ظريف بالوفد الحوثي، حالة الانهيار التي يعاني منها الحوثيون على مختلف الأصعدة، حيث تطرق اللقاء بحسب وسائل الإعلام الإيرانية لمساعي إحياء المسار السياسي، إضافة إلى الإشارات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني بشأن إحياء مبادرة بلاده لإنهاء الحرب في اليمن والمكونة من أربعة بنود.
ونوه مراقبون إلى تشبث طهران بموقفها التقليدي في التعامل مع الملف اليمني والقائم على دعم الحوثيين من تحت الطاولة عسكريا ولوجستيا وعدم الاعتراف بهم في نفس الوقت كدولة كما يقدمون أنفسهم، حيث خلا اللقاء من أي مظاهر عادة ما يستقبل بها المسؤول الإيراني الوفود الرسمية.
وحول دلالات زيارة الوفد الحوثي لطهران، قال المحلل السياسي اليمني فارس البيل إن “الزيارة تكشف بجلاء تعمق إيران في التوجيه الحوثي وإدارة مشروعها التوسعي في اليمن، باعتبار الحوثية ذراعا إيرانية مهما حاولت هذه الحركة أن تحصر مشروعها في إطار البيئة اليمنية”.
وأشار البيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن هذه الزيارة تأتي في ظل محاولة أممية ودولية لإعادة مسار التفاوض السياسي ومحاولة إعادة العلاقة بين الحوثيين وحزب المؤتمر الذي انقلبوا عليه ويرغبون الآن في تحويله إلى ورقة سياسية تسندهم، وهو ما لم يعد متاحا في ظل عجزهم عن إخراج أنفسهم مجددا كطرف مفاوض يتمنطق بالمؤتمر كما كان الوضع قبل مواجهات صنعاء.
وتعليقا على حديث وزير الخارجية الإيراني عن مبادرة بلاده للحل في اليمن، قال البيل “إن الأمر يكشف عن حالة تناقض إيراني معهودة، حيث أن إيران هي سبب المشكلة في اليمن ولا يمكن أن تكون طرفا في الحل”.
وأضاف “لم تعد الحركة الحوثية تخفي علاقة التبعية لإيران وهذه الزيارة العلنية تقود في تصوري إلى مرحلة قادمة من التفاوض تدخل فيها طهران بشكل مباشر كطرف مقابل للحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية، وتخرج المفاوضات ورسم الحلول من نقطة الصراع اليمني إلى نقطة الصراع المركزي، وهو ما قد يفيد في منح الأزمة اليمنية توصيفا أدق لمسمياتها وبالتالي سيضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة في فرض حلول ومسارات أكثر جدية لمستقبل اليمنيين أو فإن كل هذا التصعيد في كشف الأوراق سيعقد الحل أكثر حين يدخل الصراع في إطار لعبة المصالح والتوازنات”.
العرب اللندنية