في 18أيلول/سبتمبر عام 2017م صدر احكام القانون رقم (72) المتضمن قانون حجز ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى اركان النظام العراقي السابق الذي جاء ليحل محل قراري مجلس الحكم (76 و88) لسنة 2003 الذي اصدرهما مجلس الحكم المحل عندما كان يحكم العراق الحاكم الامريكي سيء السمعة “برايمر”. صدر ذلك القانون لمعالجة القصور التشريعي في أحكام القرارين إذ بموجبهما تم مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لأركان النظام العراقي السابق وأقربائهم إلى الدرجة الثانية فيما يخص القرار الأول أما الثاني فجاء بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لمنتسبي الأجهزة الأمنية السابقة حيث جاء مطلقًا بالصفات بغض النظر عن رتبهم أو درجاتهم الوظيفية وأوكل موضوع الكشف عن أسماء الأشخاص المشمولين بأحكام القرارين أعلاه إلى هيئة المساءلة والعدالة التي تبلغ دوائر التسجيل العقاري أو المحاكم حسب المفاتحة وبلغ عدد المشمولين بأحكامهما بما يقرب 49 ألف شخص.مع اقاربهم يصل الى 90 الف ، أن أحكام القانون الجديد رقم 72 لسنة 2017م جاءت بحكم المصادرة والحجز وحددت الفئات المشمولة بها وكالآتي:
أ- مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للرئيس العراقي السابق صدام حسين وزوجاته وأولاده وأحفاده وأقرباءه.
ب-مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص”عبد حمود -52 خميس سرحان المحمود” وزوجاتهم وأولادهم وهذه الفئة منحت حق الاعتراض لدى لجنة مُشكلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للنظر بالاعتراضات واطلق عليها اللجنة الوزارية ولمن رفض طلبه حق اللجوء للقضاء.
ج-حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمحافظين وأعضاء الفروع فما فوق في الحزب ومن كان برتبة عميد في الأجهزة الـأمنية أو كان مديرًا لأمن المحافظات أو مدراء الأقسام التحقيقية. وهذه الفئة شملت بذاتها مع حقها بالطعن أمام اللجنة المذكورة أعلاه مع حق اللجوء للقضاء.
منح القانون 72 المشمولين بأحكامه من المذكورين في الفقرة ب وج حق تملك دار سكن بواقع 400 متر، وفرض القانون على هيئة المساءلة والعدالة نشر أسماء المشمولين بأحكام القانون استنادا لأحكام المادة 5 منه. ولم ينص القانون على أي استثناء من أحكامه.
ونظرُا لأهمية هذا الموضوع الذي بقي معلقًا منذ الاحتلال، جاءت اللحظة التاريخية لحسم أمره ففي 4 آذار/مارس الحالي أصدرت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة في العراق قراراً بمصادرة أموال الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأركان نظامه بعد 15 عاما من الاطاحة به. وشمل القرار الآلاف من أركان ومسوؤلي النظام بينهم أولاد صدام حسين وأحفاده وأقاربه.
تضمن قرار المصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة أسماء ٤٢٥٧ شخصا من محافظين وأعضاء فروع بحزب البعث المنحل ومن كان برتبة عميد في الأجهزة الأمنية في النظام السابق ( جهاز المخابرات، الامن الخاص، الامن العسكري، الأمن العام، وفدائيو صدام).ونصت الفقرة الأولى من القرار حجز “أموال صدام حسين وزوجاته وألاده وأحفاده واقربائه حتى الدرجة الثانية ووكلائهم”.أما الفقرة الثانية فتناولت مجموعة اخرى من مسؤولي النظام وعلى رأسهم عبد حمود التكريتي، سكرتير صدام حسين، وعدد افراد هذه المجموعة 52 شخصا وينطبق عليهم ما ينطبق على صدام، أي مصادرة أموالهم وأموال زوجاتهم وأولادهم أقاربهم من الدرجة الثانية.وتناولت الفقرة الثالثة من القرار بقية رموز النظام وأركانه وهم من يشملهم فقط قرار مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة دون أن يطال الأبناء او الأحفاد أو الزوجات.ودعت الهيئة الحكومة العراقية إلى تنفيذ القرار ومصادرة وحجز أموال وأملاك من وردت أسماؤهم سواء كانوا مسجونين أو متوفين أو تم إعدامهم. رفع الحجز عن ممتلكات الآلاف من ضباط وعناصر الجيش وجهاز الأمن والمخابرات والأعضاء بدرجات دنيا في حزب البعث العربي الاشتراكي”.
مما لاشك فيه بأن من صعوبة أن أي قرار يصدر سوف يحظى بتأييد الجميع أو موافقة الجميع عليه، لكن هذا القرار يبق أقل سوءًا من القرارات السابقة إذ حجّم عدد المصادرة أموالهم من 90 ألف إلى ما يزيد عن 4 آلاف، وهذا العدد أيضًا من الممكن أن يقل إذا أثبتت الشخص المحجوزة على أمواله بأنها أمواله الخاص وليس نتيجة فساده الإداري والمالي، ومن ثم حقه أن يتوجه إلى المحاكم العراقية للطعن في تلك الأحكام. وبالتالي فإن ذلك الرقم من المرشح أن يتناقص حتى يصل إلى 1500 شخص على سبيل المثال. فالقرار الأخير في مجمله يحمل في طياته إشارات إيجابية، بحيث رفع الحجز عن أموال الضباط العراقيين الذين كانوا يمتلكون عقارات وأراض ونظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي عاشوها بعد عام 2003م، دفعتهم حاجتهم المادية إلى بيع بعض منها، بطرق ملتوية ناهيك عن الابتزاز الذي كان يمارس عليهم، ولكن مع هذا القرار فهذه الأساليب انتفت.
لكن المطلوب في الوقت الراهن كي يحظى هذا القرار الجديد بتأييد في الشارع العراقي، من لجنة المساءلة النيابية وهيئة المسائلة والعدالة ورئيس مجلس النواب العراقي أن يشرحوا للرأي العام العراقي عن أهمية هذا القرار وانعكاساته المستقبلية على وحدة الشعب العراقي. هذا القرار يُعطي مؤشر أن هناك تغير واضح في سياسة حكم البلاد وهو التوجه في بناء مؤسساتي صحيح، فالبلد بحاجة إلى أن يخرج من هذا النفق المظلم، الذي كلفه الكثير خلال سنوات سابقة. وقد يكون حيدر العبادي هؤ الشخصية الوطنية العراقية المؤهلة لذلك نظرًا للإنجازات العسكرية والأمنية والاقتصادية والدبلوماسية التي تحققت في عهده، ناهيك عن قربه من جميع مكونات الشعب العراقي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية