دمشق – تحاول الحكومة السورية تهيئة الأجواء لوضع يدها على أراض ومنازل في محيط المدن السورية ضمن خطة وضع “هيكل تنظيمي” جديد لهذه المناطق، تسمح للمسؤولين السوريين بوضع اليد على ممتلكات لاجئين أو نازحين إذا ما لم يقدموا وثائق تثبت ملكيتهم لهذه العقارات خلال شهر أبريل الجاري.
ووافق مجلس الشعب السوري على مرسوم بالقانون رقم 10 لعام 2018، وصادق عليه الرئيس السوري بشار الأسد في الثاني من أبريل الجاري، مانحا حرية أكبر للحكومة في التصرف بأراض زراعية ومنازل بنيت بطريقة عشوائية عليها، إذ لم يتقدم أقرباؤهم حتى الدرجة الرابعة بوثائق تثبت ملكيتهم لها، خلال ثلاثين يوما فقط من تاريخ صدور القانون.
ويختص “الهيكل التنظيمي” الذي يتبناه القانون بالأراضي الزراعية والمباني المخالفة التي بنيت عليها خارج المدن، ولا تتناول مواده الـ63 الوضع العمراني للمدن المنظمة أصلا.
وإذا ما لم يتمكن مالك الأرض أو العقار من تقديم ما يثبت ملكيته خلال الفترة المسموح بها، فسيتولى موظفو وزارة الإدارة المحلية، التي يديرها حسين مخلوف أحد أقارب الأسد، التصرف في مصير هذه الأراضي وفقا لقرار موقع من مخلوف.
ويشمل القانون كل الأراضي والمحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري والخارجة عنها.
لكن معارضين سوريين يقولون إن بعض المناطق هجرها سكانها بشكل كامل، وهو ما يجعل احتمال وجود أقارب من أي درجة شبه معدوم. كما يستغرق وقت استخراج توكيل خارجي بالنسبة للمغتربين والمهجرين من أربعة إلى خمسة أشهر، وهو ما يجعل مهلة الشهر التي حددها القانون غير كافية، بالإضافة إلى شرط الحصول على موافقات أمنية للطرفين.
ولن يفكر ملايين المهجرين السوريين في الدول المجاورة في إجراءات عمل توكيلات قانونية لعدم وجود سفارات سورية في تركيا أو الأردن، وكذلك معظم دول الاتحاد الأوروبي.
ويشعر الأسد بثقة زائدة بعدما تمكن من تحقيق تقدم واسع النطاق، بغطاء جوي روسي وبدعم من قبل ميليشيات ممولة من إيران، في مناطق استراتيجية عدة، كان آخرها غوطة دمشق الشرقية. وصاحب هذا التقدم العسكري عقد اتفاقات مع المعارضة، التي تشمل تهجير المقاتلين والسكان المدنيين إلى مناطق لا تشكل وقتيا أهمية بالنسبة إلى النظام.
ويخشى معارضون من أن تكون حملة التهجير القسري من بعض المناطق السورية مقدمة لاستيلاء مقاتلين مدعومين من قبل إيران على أراضي ومنازل المهجرين، ضمن استراتيجية أوسع تتبنى تغييرا ديموغرافيا، خصوصا في دمشق ومحيطها.
وسيساعد “القانون 10″ كثيرا على تنفيذ هذه الرؤية على المدى البعيد، ضمن خطط إعادة إعمار سوريا.
ويقول أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، إن “المرسوم الأخير هو جزء من المنظومة القانونية التي يعتمد عليها النظام للاستفادة القصوى من التهجير”.
وأكد البني لـ”العرب” أن “الهدف الأساسي للتهجير القسري للسوريين يدور في فلك الاستيلاء على الأرض بشكل دائم”. وأضاف “النظام يريد إيجاد سوريا المنسجمة مع مواقفه التي لطالما تحدث عنها رأس النظام في خطاباته”.
Thumbnail
وسرعان ما أثار القانون الجديد غضبا أوروبيا كبيرا، خصوصا في ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين على الإطلاق.
وتخشى الدول الأوروبية من أن يؤدي القانون الجديد إلى استيلاء الحكومة السورية على أراضي وبيوت السوريين، في ما يشبه آلية التحكم بـ”أملاك الغائبين” التي تنتهجها إسرائيل بحق ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
ونقلت صحيفة “ذود دويتشه”، الجمعة، عن وزارة الخارجية الألمانية قولها إن “الحكومة الألمانية محبطة وقلقة بشكل كبير من محاولات نظام الأسد عبر قوانين مريبة التشكيك في حقوق الملكية للسوريين الفارين”.
وتابعت “تعتزم الحكومة التشاور مع شركائها في الاتحاد الأوروبي لبحث كيفية التصدي لهذه الخطط الغادرة، إذ يحاول الأسد تغيير الوضع في سوريا بشكل جذري في مصلحة النظام ومؤيديه، على نحو يصعب عودة اللاجئين السوريين مجددا”.
ويقول معارضون سوريون إن النظام بدأ بالسماح لعائلات المقاتلين في الجيش بالتوجه نحو الغوطة الشرقية لاستملاك عقارات باعتبارها “غنيمة حرب”، في وقت تسعى فيه إيران لتوطين عائلات الميليشيات التابعة لها في الغوطة الغربية، حيث تخطط لإقامة مشاريع إعمار في مدينة داريا.
العرب