في 22 آذار/مارس الماضي نشر مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية مقالاً جاءت تحت عنوان” إرهاصات الحرب القادمة في الشرق الأوسط” فما حدث اليوم من تصعيد عسكري إيراني إسرائيلي متبادل، دلل على صدق توقعاتها كما دلل أيضاً على النظرة الثاقبة لكاتبها الدكتور سليم محمد الزعنون ونظرًا لأهميتها يُعيد مركز الروابط نشرها.
د.سليم محمد الزعنون*
ملخص تنفيذي:
توجد مجموعة من العوامل تؤشر لأمكانية اندلاع حرب في غضون الأشهر القادمة، تشترك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، لضرب حزب الله في لبنان أو القدرات الإيرانية في سوريا، على المستوى الأمريكي بدأ تبني عقيدة كيسنجر لاعادة التوازن لمكانة ونفوذ الولايات المتحدة، وتعيبن “مايك بومبيو” صاحب نظرية التدخل العسكري على حساب الدبلوماسية، والاعلان عن التفاوض مع كوريا لتهدئة هذه الجبهة والعمل في مكان آخر، إضافة إلى تشكيل لجنة عليا أمريكية خليجية لادارة الجوانب التشغيلية في مواجهة إيران.
وعلى المستوى الإسرائيلي تم إجراء ثلاث أنواع من التدريبات العسكرية الأولى لمواجهة كثافة الصواريخ، والثانية لحماية الجبهة الداخلية، والثالثة محاكة نموذج الحرب على جبهات متعددة، إضافة إلى طلبها من الكونغرس الموافقة على تزويدها بكميات كبيرة من الذخيرة.
على المستوى الروسي، هناك تحرك روسي لنقل أحدث منظومات الصواريخ لقاعدتي حميم وطرطوس، وتصريحات هيئة الأركان العامة بأنه في حال تهديد الجيش الروسي في سوريا فإنها ليس فقط سترد على مصدر النيران وانما ستضرب القوات الأمريكية في البحر، من غير المتوقع أن تنجر موسكو لمواجهة عسكرية مع واشنطن، ومن الممكن تحييدها إذا ما تم ضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
أولاً: الولايات المتحدة.
منذ منتصف العام 2017 تعززت العلاقة بين الرئيس “ترامب” و”هنري كيسنجر”، وظهر في أكثر من لقاء رسمي، وبدء كيسنجر في بلور رؤية استراتيجية ومعالم سياسات تخدم الاستراتيجية العليا في المقام الأول، وإعادة التوازن لمكانة ونفوذ الولايات المتحدة على المسرح العالمي وإرساء قواعد أنجع “لإدارة الأزمات”، وترتكز عقيدة كيسنجر على مبدأين الأول “السيطرة على النفط تؤدي للسيطرة على أمم بأكملها أو على مجموعة من الأمم”، والثاني “اللعب بالنار” للحصول على ما تريد وإرساء الفوضى ما أمكن”)[1](.
اضافة إلى إقالة وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” وتعين “مايك بومبيو” ذات الخلفية المتطرفة، وصاحب سجل عسكري معتبر وخدماته في الحرب على العراق، ومعارضته الشديدة للإتفاق النووي، وتفضيله التدخل العسكري الأميركي على نهج الديبلوماسية كما أن الموافقة على التفاوض مع كوريا الشمالية يؤشر إلى أن واشنطن تسعى لتهدئة جبهة كوريا للتفرغ للعمل في مكان آخر)[2]).
في ذات السياق تم الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيق أمريكية سعودية اماراتية تتعامل مع الجوانب التشغيلية للإجراءات المشتركة للدول الثلاث ضد إيران، وتعنى بوقف النفوذ الإيراني في الخليج والشرق الأوسط، وسيتم اطلاقها الاسبوع القادم)[3](.
في هذا السياق عند النظر لنفوذ “كسينجر وبومبيو” الطاغي على مفاصل صنع القرار، واعلان التفاوض مع كوريا، وتشكيل لجنة امريكية سعودية اماراتية عليا، فإن من المرجح الانسحاب من الاتفاق النووي، ويتم الآن مناقشة الانسحاب في منتصف مايو أو نهاية مارس بداية ابريل، مع الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية إما في لبنان أو للقدرات الإيرانية في سوريا.
ثانياً: إسرائيل.
أجرى الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الحالي ثلاث أنواع من التدريبات، تحاكي نماذج الحرب المتعددة ([4]):
لأول: تدريب “جونيفر كوبرا”، تدريب للدفاع الجوي المشترك مع جيش الولايات المتحدة يحاكي تعرض إسرائيل إلى هجوم بكميات كبيرة من الصواريخ.
الثاني: تدريب “الصمود”، الذي تتدرب فيه قوات الجبهة الداخلية على إخلاء الجرحى والقتلى والمواطنين والتعامل مع المواد الخطرة، في سيناريوهات تحاكي معركة شديدة ضد حزب الله في لبنان، تضاف إليها تحديات من الجبهة السورية، وقطاع غزة.
الثالث: تدريب القتال على عدة جبهات، وتم في إطاره التدريب على سيناريوهات تحاكي: قيام روسيا بوضع مصاعب أمام الهجمات الإسرائيلية في سوريا، والعمل من خلال التنسيق أو عدم التنسيق مع الروس، واحتمال تسلل الحرب إلى داخل إسرائيل.
إلى جانب ذلك طلبت إسرائيل من الكونغرس الأمريكي الموافقة على تزويدها بكميات كبيرة من الذخيرة، ودعم دبلوماسي عند توجيه ضربة لحزب الله في لبنان)[5](، تزامن مع ذلك اعلانها عن ضرب المفاعل النووي السوري كرسالة موجهة لإيران، وقبل وقت قصير من اتخاذ قرار الإدارة الأمريكية تجاه الاتّفاق النوويّ([6]).
ثالثاً: روسياً.
تم نقل بطاريات أحدث صواريخ الدفاع الجوي “S400” إلى قاعدة حميميم وطرطوس([7])، بالتزامن مع ذلك حذر رئيس هيئة الأركان العامة الروسية “فاليري غيراسيموف”، بأنه “في حالة تهديد الجيش الروسي في سوريا، فلن تكتفي بالرد على الصواريخ الأمريكية، إنما وعلى حواملها من المدمرات البحرية والطائرات الأمريكية([8]).
إن إحتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال ضعيفاً، ففي حال أي ضربة ستمعل على تنبيه الروس قبل فترة زمنية كافية، وتؤشر التجربة التاريخية إلى أنه من الممكن تحييد روسيا في حالة اندلاع حرب من خلال ضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، علاوة على أن التهديد الروسي بالرد يرتبط فقط في حالة تهديد الجيش الروسي في سوريا، ومن المستبعد أن تخاطر بدخول مواجهة عسكرية شاملة مع واشنطن.
- Trump Diplomacy: Ego or Kissinger Style, The Weekly, Center for American and Arab Studies, Week of March 16th, 2018, available at: gl/jHVzj3
- Trump, Saudi Prince & UAE to set up action group against Iran, Debka File, March 20, 2018. Available at: gl/VHCxpc
- Yaniv Kubovich, Israeli Military Drill Simulates Multi-Front War – With Russia Intervening Over Syria, Haaretz, Mar 15, 2018 Available at: goo.gl/h28rS1
- Whitney Webb, Israel Seeks US Ammunition, Support for Planned Attack on Lebanese Civilian Targets, mint press news, March 2, 2018. Available at: goo.gl/CszHkh
- Stuart Winer, Defense minister regrets releasing details of attack on Syrian nuclear reactor, Times of Israel. March 21, 2018. Available at: goo.gl/VxxjG1
- Oriana Pawlyk, Russia Deploys More S-400 Missile Systems to Syria, Military.com, january 26, 2018. Available at: goo.gl/4L4QwT
- Kathrin Hille, Russia threatens military action against US in Syria, Financial Times, March 13, 2018. Available at: goo.gl/LXEvVg
مركز الروابط البحوث والدراسات الاستراتيجية