سوتشي (روسيا) – أخرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العلن الحديث عن الخلافات مع إيران بشأن الملف السوري ومستقبل الحل السياسي بدعوته الصريحة إلى سحب جميع القوات الأجنبية من سوريا مع تقدم الحل السياسي، وهي دعوة اعتبر محللون أنها موجهة بالأساس إلى إيران التي تعرقل خطوات التفاوض السورية – السورية لإدامة نفوذها على السلطات في دمشق، كما أنها تأكيد إضافي على افتراق المصالح بين الدولتين وإن كان الخلاف لا يزال بعيدا عن الأنظار.
وقال الرئيس الروسي خلال لقائه نظيره السوري الرئيس بشار الأسد في سوتشي، جنوب روسيا الخميس، إنه لا بد من سحب “جميع القوات الأجنبية” من سوريا مع تفعيل العملية السياسية.
وأوضح بوتين حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية “نؤكد أنه مع تحقيق الانتصارات الكبرى والنجاحات الملحوظة من قبل الجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب ومع تفعيل العملية السياسية لا بد من سحب كل القوات الأجنبية من أراضي سوريا”.
من جهته، قال الأسد إن “مساحة الإرهابيين في سوريا أصبحت أصغر بكثير (…) وهذا يعني المزيد من الاستقرار وهذا الاستقرار هو باب واسع للعملية السياسية التي بدأت منذ سنوات”.
وأضاف “لدينا الكثير من الحماسة لهذه العملية لأنها ضرورية بالتوازي مع مكافحة الإرهاب ونعرف بأن هذا الموضوع لن يكون سهلا لأن هناك دولا في العالم كما تعلمون لا ترغب بأن ترى هذا الاستقرار كاملا في سوريا”.
واعتبر أن اللقاء “فرصة لوضع رؤية مشتركة للمرحلة القادمة بالنسبة لمحادثات السلام سواء في أستانة أو سوتشي” دون أن يأتي على ذكر محادثات جنيف.
ويرى محللون أن تأكيد الرئيس الروسي على سحب “جميع القوات الأجنبية” لا يترك أي مسوغ لاستثناء وجود إيران والميليشيات الحليفة لها في سوريا، وإلا لكان بوتين قد حث تركيا أو الولايات المتحدة بشكل مباشر على الانسحاب، لافتين إلى أن موسكو بهذه الخطوة تذكّر طهران بأنها الجهة الوحيدة المخولة سوريا بضبط وتفصيل مراحل الانتقال السياسي.
ويشير هؤلاء المحللون إلى أن الخطوة الروسية يمكن أن تقرأ في سياقات متعددة بينها أن روسيا منزعجة من الدور الإيراني ومتخوفة من مصير مشابه لتجربة الولايات المتحدة في العراق، حيث نجحت إيران في الاستحواذ على عراق ما بعد 2003.
Thumbnail
ولا يستبعدون أن يكون الكرملين ساعيا لتأكيد تعهدات سابقة قطعها لدول عربية مفادها أن روسيا لن تسمح بالسيطرة الإيرانية على سوريا، وأنها ستكون حريصة على خلق مناخ سياسي يسمح للسوريين باختيار مستقبل بلادهم دون ضغوط خارجية، وخاصة من إيران التي تسعى لتحويل دمشق إلى معبر نحو لبنان.
وتتجه إيران لخسارة آخر أصدقائها في المنطقة بدءا من الرئيس الروسي الذي كان له دور في تجنيبها مواقف صعبة في مجلس الأمن، خاصة في ملفها النووي، ووصولا إلى الرئيس السوري نفسه الذي يبدو أنه وضع بيضه كله في السلة الروسية للفكاك من القبضة الإيرانية، ومن سيطرة حزب الله اللبناني على القرار العسكري والأمني في دمشق.
ويقول مراقبون إن أخطاء إيران في سوريا ورغبتها المحمومة في التوسع دون مراعاة مصالح القوى الأخرى دفعت روسيا لأن تكون في صف مطالب الدول العربية المنزعجة من أنشطة طهران وتهديدها للأمن القومي لدول المنطقة.
ولا يخفى تصميم إيران على إبقاء ميليشياتها في سوريا تحت يافطة حماية المراقد الشيعية، حيث يريد الحرس الثوري الإيراني تحويل هؤلاء الوكلاء إلى قوة سياسية وعسكرية مؤسسية شبيهة بحزب الله في لبنان، وهو إجراء يتعارض مع رغبة روسيا في بناء قدرات الدولة السورية وتقليل اعتماد سوريا على إيران.
يشار إلى أن إيران والميليشيات الحليفة سعت إلى تعطيل الإجراءات التنفيذية على الأرض في ما يتعلق باتفاق أستانة الهادف إلى خلق مناخ أمني يعيد الثقة لدى السوريين في الانتقال السياسي، ما اضطر روسيا إلى التدخل بشكل مباشر وحاسم لضمان تنفيذ نقاط المراقبة خاصة من جهة تركيا.
وقال مصدر في المعارضة السورية الخميس إن “رتلا عسكريا يقدر بحوالي 25 آلية ترفع أغلبها أعلام حزب الله اللبناني، بينها ناقلات تحمل دبابات، انسحب من بلدة الحاضر (22 كم جنوب مدينة حلب) واتجه إلى مواقع جبل عزان التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني”.
وأكد المصدر أن “انسحاب مقاتلي حزب الله اللبناني وعناصر من القوات الحكومية جاء بضغط من القوات الروسية التي تريد إنشاء نقاط مراقبة في المنطقة، بعد نشر الجيش التركي نقاط مراقبة في منطقة تلة العيس بريف حلب الجنوبي”.
العرب