تركيا لتوسيع اتفاق منبج إلى الرقة وأميركا تعتبره معقّداً وتتمهل في التنفيذ

تركيا لتوسيع اتفاق منبج إلى الرقة وأميركا تعتبره معقّداً وتتمهل في التنفيذ

بدا أمس التباين واضحاً بين تركيا والولايات المتحدة، غداة إعلان «خريطة طريق» لحسم ملف مدينة منبج (شمال سورية)، وفيما أظهرت أنقرة حماسة لتوسيع حملتها ضد الأكراد إلى مدينة الرقة (شمال شرقي سورية)، وأكدت ضرورة تجريد مسلحي الأكراد من أسلحتهم قبل خروجهم من منبج، بدت واشنطن أكثر تحفظاً، لتجنب التأثير في تحالفها مع الأكراد في مواجهة تنظيم «داعش»، فدافعت عن الاتفاق الذي يهدف إلى «تفادي صدام»، لكنها تحدثت عن «صعوبات في تنفيذه».

في غضون ذلك، كشفت الناطقة باسم الجبهة الديموقراطية السورية المعارضة ميس الكريدي أن مجلس سورية الديموقراطية مستعد لإرسال وفد إلى دمشق للتفاوض المباشر من دون شروط مسبقة. وإضافت أن هيئة الرئاسة في المجلس تعتبر أن الحوار السوري – السوري هو الحل من دون تدخلات خارجية.

وكانت الكريدي، وهي معارضة مقربة من النظام، بدأت زيارة للقامشلي الجمعة التقت خلالها الرئيس المشترك لمجلس سورية الديموقراطية الهام احمد، علماً ان مجلس سورية الديموقراطية هو الغطاء السياسي لـ «قسد» وبعض الأحزاب الكردية في شمال سورية وشرقها.

وجدد أمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأكيد «مواصلة بلاده محاربة الإرهاب في سورية والعراق حتى القضاء على آخر إرهابي يوجه سلاحه إلى بلادنا»، فيما أكد وزير خارجيته مولود تجاويش أوغلو أن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية «سيُنزع سلاحهم لدى مغادرتهم منبج». وأضاف متحدثاً إلى الصحافيين في أنطاليا (جنوب تركيا): «العمل المشترك على خريطة الطريق سيبدأ خلال عشرة أيام، وسيُنفذ في غضون ستة أشهر»، قبل أن يلوّح بـ «تطبيق هذا النموذج في المستقبل على الرقة وكوباني (عين العرب) ومناطق سورية أخرى تسيطر عليها وحدات حماية الشعب». وأكد أنه لن يكون هناك دور لأي دولة ثالثة في منبج، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وبلجيكا. كما شدد على أن تعاون تركيا في منبج مع الولايات المتحدة ليس بديلاً من العمل مع روسيا في الشأن السوري.

في المقابل، أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن «خريطة الطريق» التي وضعتها الولايات المتحدة وتركيا من أجل تفادي حدوث صدام مسلح في المدينة، سيكون تطبيقها «معقداً» وطويلاً، إذ ما زالت هناك ضرورة لمناقشة كثير من التفاصيل.

وصرح المسؤول الأميركي بأن الهدف من الاتفاق هو «الإيفاء بالالتزام الأميركي نقل وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق نهر الفرات»، لكن المسألة تتعلق «بإطار سياسي أوسع ينبغي التفاوض حول تفاصيله»، مشيراً إلى أن تطبيقه سيتم «على مراحل تبعاً للتطورات الميدانية». وأكد أنه سيتم «تشكيل دوريات مشتركة»، لكنه نفى وجود جدول زمني محدد، وقال: «مصممون على العمل بأقصى سرعة ممكنة»، لكن التواريخ التي أشارت إليها وسائل الإعلام «لا تعبر عن شيء ملموس». وأضاف: «لن يكون الأمر سهلاً. التطبيق سيكون معقداً، (ولكن) الجميع سيستفيد منه لأنه سيؤمن استقرار منبج على المدى الطويل». واكتفى بالقول: «سننتقل إلى المرحلة المقبلة حين تنتهي الأولى».

ولم يُدلِ المسؤولون الأميركيون بموقف واضح حول مستقبل المجالس المحلية التي تتولى إدارة المدينة، وقال أحدهم إن وحدات حماية الشعب الكردية التي تشارك في هذه المجالس سترحل، على أن يحل محلها مسؤولون محليون «توافق عليهم الأطراف كافة»، مع التأكيد أن الهدف ليس سيطرة الأميركيين أو الأتراك على المدينة. ورداً على سؤال عما حصلت عليه الوحدات الكردية في مقابل انسحابها، قال مسؤول إن «الجميع رابح» لأن القضية تتصل بـ «حل دائم» من أجل «الاستقرار» في منبج.

وكانت وحدات حماية الشعب الكردية أعلنت أمس «سحب آخر قواتها من منبج». وأوضحت في بيان أنه بعد طرد «داعش» من المدينة، تم «تسليم زمام الأمور في منبج إلى مجلسها العسكري… وانسحبت قواتنا من المدينة»، لكنها أبقت بطلب من المجلس المنضوي أيضاً في قوات سورية الديموقراطية، على «مجموعة من المدربين العسكريين… بصفة مستشارين عسكريين لتقديم العون للمجلس العسكري في مجال التدريب، وذلك بالتنسيق والتشاور مع التحالف الدولي». وأضاف البيان: «قررت الوحدات سحب مستشاريها حالياً بعد وصول مجلس منبج العسكري إلى الاكتفاء الذاتي».

ولم يتطرق البيان إلى «خريطة الطريق»، إلا أن الناطق باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش قال لـ «فرانس برس» إن «هذا الانسحاب جاء بعد الاتفاق الأميركي – التركي».

وفِي ما بدا محاولة لعدم زعزعة التحالف الأميركي مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) في مواجهة «داعش»، حرص وزير الخارجية مايك بومبيو على توجيه تحية إلى «قسد» في بيان منفصل، لشنها عمليات أخيراً على جيوب «داعش» في شمال شرقي سورية. وجدد «الثقة التامة» للولايات المتحدة في هذه القوات.

إلى ذلك، قُتل أمس 11 مدنياً على الأقل، بينهم خمسة أطفال، في غارات استهدفت قرية الجزاع الخاضعة لسيطرة «داعش» في الحسكة (شمال شرقي سورية)، في وقت أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 45 عنصراً من المسلحين الموالين للنظام قتلوا خلال معارك عنيفة أعقبت هجمات متتالية شنها «داعش» منذ الأحد على قرى الضفة الغربية للفرات. كما أسفرت المعارك عن مقتل 26 «داعشياً».

الحياة