بغداد – قضت أحزاب وميليشيات متنفذة على آخر فرصة لكشف التزوير والتلاعب بالأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي، عبر إضرام النار في أكبر مخازن صناديق الاقتراع الواقعة في الرصافة بالجانب الشرقي من مدينة بغداد قبل البدء بإعادة الفرز اليدوي.
ولم تحدد السلطات أسباب اندلاع الحريق، لكنه جاء بعد قرار البرلمان إعادة العد والفرز لأكثر من 10 ملايين صوت بشكل يدوي، إثر مزاعم عن حصول عمليات تزوير كبيرة خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 مايو الماضي، وفاز فيها التحالف الذي يقوده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن في فيديو قصير وزعه مكتبه الإعلامي “نقف الآن أمام المخازن الثلاثة التي تضم صناديق الاقتراع (…) نحاول الفصل بينها وبين المخزن المحترق”.
وأكد أن المخزن الذي احترق يضم أجهزة ووثائق تابعة لمفوضية الانتخابات وبعض صناديق الاقتراع، لكنه أوضح أن “المخازن المهمة التي تضم فقط الصناديق لم يطلها الحريق”.
وتزامن الحادث مع قرار مجلس القضاء الأعلى تعيين قضاة للإشراف على عمليات العد والفرز اليدوي بدل أعضاء مجلس المفوضين الذين أوقفوا عن العمل.
وأبلغت مصادر سياسية في بغداد “العرب”، بأن الموقع الذي اندلعت فيه النيران بمنطقة الإسكان، يحتوي على أصوات سكان مناطق الرصافة، التي تساوي نحو 40 مقعدا في البرلمان الجديد.حوم حولها شبهات الفساد وحكمت البلاد منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.
وجاءت معظم أصوات “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر في بغداد، من مناطق الرصافة، إذ حصلوا من خلالها على 17 من مقاعد بغداد التي يبلغ عددها 71. وسيؤدي إلغاء أصوات الصناديق الموجودة في الموقع المستهدف بالحريق، إلى تكبد الصدريين خسارة انتخابية كبيرة.
وتعتبر أوساط سياسية عراقية أن ما حدث يؤكد بما لا يقبل الشك حدوث عمليات تزوير، غير أنه قد يلقي بظلال كئيبة على مستقبل العملية السياسية التي سيتهم أطرافها، بعضهم البعض الآخر بالوقوف وراء ذلك الحريق بغية إخفاء آثار الجريمة.
وتوقع مراقب سياسي عراقي أن تطال الاتهامات الجميع الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى أن يتم النظر إلى نتائج الانتخابات بطريقة مريبة. وهو الهدف الذي سعت إليه الجهة التي تقف وراء الحريق.
وقال في تصريح لـ”العرب” من العاصمة بغداد، “حين يطال الشك العملية الانتخابية يصبح الأخذ بنتائجها نوعا من العبث وبذلك تحقق الأطراف التي خسرت في الانتخابات أو تلك التي لم تحقق النتائج التي كانت ترجوها هدفها الرئيس وهو نزع الشرعية عن الانتخابات التي ستعتبر باطلة”.
ووجهت قيادات في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي اتهامات غير مباشرة للتيار الصدري، بالتسبب في حريق بمخازن صناديق الاقتراع الخاصة بمفوضية الانتخابات في العراق، لعرقلة عملية العد اليدوي للأصوات.
ويلمح ائتلاف المالكي إلى أن التيار الصدري يحاول إحراق صناديق الاقتراع للتغطية على تزوير النتائج التي أظهرت فوز قائمة “سائرون”، المدعومة من زعيم التيار مقتدى الصدر.
وبناء على ذلك، طالب ائتلاف المالكي بإلغاء أصوات جميع الصناديق التي كانت في الموقع الذي طالته النيران، بدعوى بطلانها.
لكن الصدريين ردوا باستهزاء على هذه الاتهامات غير المباشرة، وقالوا إن “المالكي سينتهز أي فرصة لتبرير هزيمته أمام سائرون”.
وقد يكون إدخال العراق في دوامة تزوير الانتخابات هو الآخر وسيلة للتعويض عن عجز الأطراف السياسية الموالية لإيران عن تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي في إمكانها ترشيح رئيس وزراء المرحلة المقبلة.
وتوقع المراقب أن الحريق الذي التهم مخزنا قد يكون بداية لحريق أكبر يلتهم العملية الانتخابية برمتها. وهو ما تصبو إليه إيران بعد أن فشل قاسم سليماني رئيس فيلق القدس الإيراني والسفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، في الجمع بين الأطراف العراقية التي يديرها في كتلة واحدة.
وتخيم حالة من الإرباك في العراق منذ إجراء الانتخابات في 12 مايو، نتيجة اتهامات بالتلاعب وتزوير النتائج.
وقرر البرلمان كذلك إلغاء أصوات الخارج التي يعتقد أنها شهدت أكبر عمليات تلاعب.
وشهدت هذه الانتخابات نسبة مقاطعة قياسية مع تجاهل العراقيين للنخبة السياسية التي تحوم حولها شبهات الفساد وحكمت البلاد منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.
العرب