بنهاية الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي في الأول من يوليو/تموز الحالي يدخل العراق في فراغ تشريعي، للمرة الأولى منذ الغزو الأميركي عام 2003، بعد انتخابات شابها الكثير من الجدل والشد والجذب بين فرقاء العملية السياسية.
وتدور تساؤلات في الساحة السياسية العراقية حول الوضع القانوني لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد نهاية عمل البرلمان، وهل ستكون كاملة الصلاحيات أم مقيدة، وما التوصيف القانوني لعملها.
ويرى الخبير القانوني طارق حرب أن الحكومة حاليا هي كاملة الصلاحيات والاختصاصات والسلطات، ولا يمكن تسميتها بحكومة “تصريف أعمال”.
وأضاف حرب للجزيرة نت أن المادة 61 من الدستور العراقي تنص على أن حكومة تصريف الأعمال تكون عند عملية سحب الثقة عن رئيس الوزراء، فيما تشير المادة 64 إلى تحولها لهذا التوصيف القانوني أيضا عند حل مجلس النواب، ولم يحدث شيء من ذلك، لذا فإن هذه التسمية “غير صحيحة من الناحية الدستورية”.
كما أن المادة 88 من الدستور تشير إلى أن مجلس الوزراء مسؤول عن السياسة العامة للدولة، بما فيها من أجهزة تشريعية وقضائية وأمنية، وغياب البرلمان لا يسحب هذه المسؤولية من الحكومة.
أما عن عمليات إعادة العد والفرز يدويا فلا يعتقد الخبير القانوني حصول تغيير كبير في العملية التي سيباشر فيها خلال الأيام القليلة المقبلة، وربما لن يزيد التغيير على ما بين 20 و30 مقعدا من بين الأسماء المرشحة في الانتخابات الأخيرة.
رغم محاولة البرلمان تمديد عمله باءت جهوده بالفشل بعد رفض المحكمة الاتحادية لذلك، باعتباره مخالفا للدستور، بينما يستعد القضاء العراقي للإشراف على عملية إعادة العد والفرز اليدوي للأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة
“لا فراغ دستوريا
ورغم محاولة البرلمان تمديد عمله، فإن جهوده باءت بالفشل بعد رفض المحكمة الاتحادية لذلك باعتباره مخالفا للدستور، بينما يستعد القضاء العراقي للإشراف على عملية إعادة العد والفرز اليدوي للأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ولا يرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج وجود أي فراغات دستورية أو قانونية في العراق حاليا، ما دام رئيس الجمهورية في منصبه والمحاكم الاتحادية تمارس عملها.
لكن الفراغ التشريعي الذي خلّفه انتهاء عمل مجلس النواب يعني عدم تمكن رئيس الوزراء من سن القوانين والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات، التي يشترط مرورها على البرلمان أولا قبل الموافقة عليها، حسب السراج.
ووفقا للسراج فإنه لا يشكل وجود البرلمان متلازمة في الدستور العراقي لعمل الحكومة إلا باشتراط تشكيل مجلس النواب وانتخاب رئيس له خلال 24 ساعة، ثم انتخاب رئيس للجمهورية خلال 15 يوما ورئيس للوزراء خلال شهر على الأكثر.
ويستغرب السراج من محاولات البعض تسويق قضية وجود “فراغ دستوري” في العراق حاليا، مؤكدا أن مجلس النواب لديه فصول تشريعية تتخللها عطل، فهل يعني ذلك دخول العراق فراغا دستوريا؟ على حد تساؤله.
وتأتي حالة الفراغ التشريعية هذه فيما تشهد بعض المدن العراقية خروقا أمنية، تمثلت في عمليات اختطاف واستهداف لأماكن عامة وحكومية، كان آخرها ثلاثة تفجيرات استهدف أحدها مخازن مفوضية الانتخابات في مدينة كركوك شمالي البلاد.
تأخير وعقبات
وتزداد المخاوف من تأخر حسم ملف تشكيل الحكومة، وتداعيات ذلك على الوضع الأمني، خاصة مع وجود حديث يدور عن عقبات ستواجه العبادي حتى ولادة الحكومة المقبلة.
إلا أن المحلل السياسي مهدي جاسم يستبعد وضع عقبات أو عراقيل من بعض الأحزاب والكتل السياسية أمام العبادي، وذلك لوجود اتفاق على لملمة الوضع السياسي والتوصل إلى صيغة سريعة لتشكيل الحكومة.
ويعتبر أن أي عقبات سيواجهها العبادي ستجعل الجميع خاسرين، خاصة تلك الكتل السياسية التي حصلت على مقاعد كثيرة، تؤهلها للعب دور كبير في تشكيل الحكومة القادمة.
ويشير جاسم إلى أن المادة 76 من الدستور العراقي تنص على أن مدة الدورة الانتخابية للبرلمان أربع سنوات، تبدأ بأول جلسة وتنتهي بآخر جلسة في بداية يوليو/تموز الحالي، فيما تمدد الحكومة عملها بذاتها لعدم وجود نص ينهي عملها أو عمل رئيس الوزراء.
واعتبر جاسم مطالب تمديد عمل البرلمان محاولة من بعض النواب الخاسرين الذين لا يريدون “الاستسلام” بسهولة لخسارتهم في الانتخابات الأخيرة، على حد وصفه.
وأضاف أن رئيس البرلمان الحالي اعترف بعدم وجود نصوص تسمح بتمديد عمل المجلس، وأن الفكرة كانت “لتصحيح المسار الانتخابي”، وانتفت الحاجة إليها حاليا.
المصدر : الجزيرة