شذى خليل*
أصدر رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم ، في الثامن عشر من يوليو/ تموز الجاري مرسوماً جمهورياً يقضي بإحالة (328) نائباً برلمانياً من نواب الدورة البرلمانية الثالثة إلى التقاعد .
جاء ذلك استنادا إلى قانون مجلس النواب بالرقم (13) لسنة (2018) ، والذي يقضي بإحالة جميع أعضاء مجلس النواب للدورة البرلمانية الثالثة وعددهم (328) نائباً ، ابتداء بالنائب ابتسام هشام عبد الحسين ، وانتهاءا بالنائب آريز عبدالله أحمد محمود ، إلى التقاعد ، اعتبارا من تاريخ الأول من تموز الجاري ألفين وثمانية عشر .
وهو ما كشف عنه الخبير القانوني “طارق حرب” من تشريع مجلس النواب العراقي لقانونٍ جديد ، موضحاً أن البرلمان تولى تشريع القانون قبل أشهر ولم يتم نشره في الجريدة الرسمية – جريدة الوقائع العراقية بعددها (4499) – إلا في يوم (16/7/2018) والمتضمنة “قانون مجلس النواب الجديد بالرقم (13) لسنة (2018)” ، مضيفاً أن هذا القانون لم يتم ذكر أي تفاصيل عنه في مراحل دراسته وإعداده ومناقشته ، ولا حتى في مرحلة تشريعه ، إذ تمت كل هذه التفاصيل في ظروفٍ غامضةٍ ، وبسريةٍ ليس لها من مبررٍ قانوني ، ولم يتولى مجلس النواب إقراره ، أو تحديد تاريخ إصداره أثناء فترة عمله الدستورية ، قبيل بدء عملية الانتخابات ، وفق ما جاء في المادة (73) من هذا القانون ، والتي أشارت إلى أن تاريخ صدوره كان في الأول من تموز من العام الجاري (2018) ، أي بعد إجراء الانتخابات وانتهاء فترة الصلاحية الدستورية للمجلس .
وذهب “حرب” إلى أبعد من ذلك ، حين أكد أن قصدية اختيار المجلس للتاريخ المحدد لتشريع هذا القانون ، تكمن في عدة أسباب ، من أهما: ضمان عدم تأثر موقف أعضاء المجلس بالانتخابات ، فضلاً عن منح أنفسهم امتيازات إضافية كثيرة ، كما ورد في سياق المادة (13) من القانون ، والتي تقرر “احتساب خدمة عضو مجلس النواب خلا الدورة البرلمانية بــ(15) سنة ، بصرف النظر عن مدة خدمة عمله الحقيقية” ، مؤكداً أن هذه الإجراءات تخالف الشروط المتضمنة في قانون التقاعد ، الذي يشترط أن لا تقل سنوات الخدمة الفعلية بحدها الأدنى عن (15) سنة لمنح التقاعد ، والحصول على الراتب التقاعدي .
وتطرق “حرب” إلى أن هذه الامتيازات الإضافية التي شرعنها أعضاء المجلس لأنفسهم في هذا القانون ، مخالفة لأحكام قانون التقاعد ، والذي يعزز صرف الحقوق التقاعدية عند بلوغ العضو سن الـ(50) سنة ، في حين أن قانون البرلمان الجديد يقرر صرف نصف الحقوق التقاعدية حتى ولو لم يبلغ العضو هذا العمر ، أما إذا بلغ هذا العمر فانه يستحق الحقوق التقاعدية كاملة ، ومعنى ذلك ، أن النائب أفضل من المتقاعد العادي ، إذ لم يشترط عليه إتمام (15) سنة خدمة ، كما لم يشترط بلوغ سنه الـ(50) سنة ، ليستحق بموجبها المتقاعد العادي استحقاقاته التقاعدية ، مشيرا الى أن المادة الثامنة من القانون الجديد ، تقرر إتاحة الحرية للنائب في العودة إلى وظيفته ، خلافا للقاعدة العامة التي تشترط وجود درجة وظيفية شاغرة ، وتخصيص مالي ، فالنائب بموجب هذا القانون يعود إلى وظيفته السابقة ، أو يحصل على درجة وظيفية شاغرة وتخصيص مالي ، حتى لو لم تكن هنالك درجة وظيفية ولم يكن هنالك تخصيص مالي .
وفيما يلي موجز المادة القانونية الـ(13) :
1. مراعاة المادة الثامنة من هذا القانون والتي تقضي بصدور مرسوم جمهوري يحيل رئيس المجلس ونائبيه وأعضاء المجلس ، إلى التقاعد وفق المعادلة الحسابية الواردة في قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة (2014) أو أي قانون يحل محله.
2. لا تقل سنوات الخدمة التقاعدية للمشمول بالبند الأول – أعلاه – من هذه المادة عن خمسة عشر سنة ، وإذا قلت عن ذلك ، فيتوجب على المتقدم للتقاعد تسديد الاستقطاعات التقاعدية عن كل سنة يحتاجها لبلوغ الحد الأدنى لسنوات التقاعد وبما نسبته (25%) من راتبه شهرياً عن المدة المضافة .
3. مع مراعاة البند الثاني – أعلاه – من هذه المادة يمنح من لم يبلغ الخمسين سنة من العمر ، نصف الحقوق التقاعدية التي يتقاضاها أقرانه في سنوات الخدمة ، لحين بلوغه السن القانوني للتقاعد والمحدد بخمسين سنة .
وأضاف “حرب” أثناء تفنيده القانوني للمادة الـ(13) والامتيازات غير القانونية التي خص بها البرلمان أعضاءه ، إذ أشار إلى أن المادة السادسة أعطت النائب حق التقاضي أمام الهيئات القضائية ، في حين أعطته المادة الخامسة عشرة حق إصدار كتب لجميع الجهات في الدولة ، خلافا للقاعدة العامة في البرلمانات ، والتي تشير إلى أن الكتب والمراسلات البرلمانية تكون عن طريق مكتب رئاسة المجلس وحسب ، وليس لكل نائب مكتب ومراسلات ، كما أنه يعد توسعا في الصلاحيات بشكل كبير ، وخلص “حرب” إلى دعوة رئاسة الوزراء ، أو الجهات ذات العلاقة ، إلى إقامة الدعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا لأبطال الأحكام المالية الواردة في القانون ، لعدم أخذ راي الحكومة في ذلك ، ولأن مجلس الوزراء لم يتول إعداد هذا القانون .
وبخصوص قانون التقاعد ، قال “حرب” بان قانون التقاعد الموحد ، يشمل النواب المنتهية ولايتهم ، ممن يمتلكون خدمة فعلية بدوائر الدولة ، قبل توليهم منصب المقعد النيابي ، وأكد ان النواب المنتهية ولايتهم للدورة الثالثة بتاريخ (14/7/2018) ولديهم خدمة بدوائر الدولة ، سيشملون بقانون التقاعد العام ، وينطبق عليهم التقاعد وفق آخر راتب تقاضوه في البرلمان ، مضيفاً أن النواب الذين لا توجد لديهم خدمة سابقة ، سيشملون بقانون اتحاد البرلمانيين الذي أقره البرلمان في وقت سابق ، موضحا أن قانون الاتحاد لا يوجد فيه راتب إسمي مستمر شهرياً ، وإنما عبارة عن مكافئات مالية مقابل كل استشارة تقدم للبرلمان ، كما أشار إلى أن قانوني التقاعد واتحاد البرلمانيين يدخلان حيز التنفيذ للنواب المنتهية ولايتهم .
هذا ويشار إلى أنه سبق إعلان رئاسة مجلس النواب ممثلة بالنائب الثاني لرئيس المجلس “ارام شيخ محمد” بتاريخ الرابع عشر من تموز الحالي ، عن انتهاء مهام الدورة الحالية للمجلس واختتام أعماله .
وكشف “زانا سعيد” النائب السابق عن الجماعة الكردستانية في تصريح سابق ، عن بدء ترويج النواب السابقين معاملاتهم التقاعدية بعد ستة عشر يوماً فقط من انتهاء عمر البرلمان ، مبينا أن رئاسة مجلس النواب ، دعت هيئة التقاعد إلى الإسراع في إنجاز المعاملات .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية