بغداد – يدفع قادة الكتل والأحزاب السياسية في العراق باتجاه ركوب موجة التظاهرات والإعلان بدعمها، في محاولة للإيحاء بأنهم ليسوا المستهدفين بتظاهرات المدن العراقية. فيما يتفاقم القلق داخل أروقة هذه الكتل من المصير الغامض الذي ينتظرها مع حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إثر ارتفاع سقف المتظاهرين بإسقاط النظام.
وحدد المحتجون في تظاهرة حاشدة في محافظة المثنى (جنوب بغداد) مهلة سبعة أيام لتنفيذ مطالبهم، رافضين الاعتراف بأي اتفاق حصل بين بعض شيوخ المحافظة مع رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وبعد تفريق تظاهرتين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد الجمعة والسبت، أغلقت أجهزة الأمن المداخل المؤدية إلى الساحة جميعا عصر الأحد، ومنعت وصول المتظاهرين إليها.
وشهدت تظاهرة كبيرة في محافظة ميسان (جنوب بغداد) احتكاكا بين المحتجين وقوات الأمن، من دون الإبلاغ عن سقوط ضحايا.
وطوق المئات من المتظاهرين مبنى محافظة ذي قار (جنوب بغداد) احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية مطالبين بإسقاط الفاسدين.
وكشف تعليق الأحزاب السياسية العراقية مشاوراتها بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، عن طبيعة المخاوف من أن تستمر التظاهرات وتقود إلى مصير مجهول داخل البلاد.
وتبحث الكتل مصيرها بعد التباس الوضع في البلاد، الأمر الذي دفع القياديين في التحالف الوطني الشيعي المقرب من إيران، عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة ونوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون، إلى التباحث بشأن مصير الوضع الراهن.
وفي مسعى إلى ركوب موجة التظاهرات طالب الحكيم والمالكي بضرورة “استجابة الحكومة الفورية لمطالب المتظاهرين وتوفير الحد الممكن من الخدمات، والقيام بإجراءات جدية لتحريك عجلة الاقتصاد، وتوفير فرص العمل”.
ويرى المراقبون السياسيون في بغداد أن ما تقدم به جناحا الحكيم والمالكي اللذين لم يحرزا شيئا يُذكر من النجاح في الانتخابات الأخيرة، يمثل حلقة جديدة في مسلسل إلغاء نتائج الانتخابات والعودة إلى الفكرة القديمة التي يمكن تلخيصها بإقامة حكومة تمثل الغالبية الطائفية.
وتأتي مناسبة طرح ذلك الحل متزامنة مع اتساع دائرة الاحتجاجات في المدن ذات الغالبية الشيعية، في محاولة لركوب موجة تلك الاحتجاجات وذلك من خلال الإيحاء بأن عجز الحكومة عن القيام بوظيفتها الخدمية مرتبط بطبيعة بنيتها القائمة على مبدأ المحاصصة وليس بعمليات الفساد التي صارت تُدار من قبل الأحزاب، سواء كانت تلك الأحزاب جزءا من السلطة الفعلية أو مشاركة عن بعد فيها.
واستبعد مراقب سياسي عراقي أن يستعيد المالكي والحكيم القدرة السابقة على إدارة مصالحهما في ظل صعود تياري مقتدى الصدر وهادي العامري يليهما تيار رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “المالكي والحكيم يحاولان أن يلعبا دورا إصلاحيا، لا يملكان الأدوات الفعلية التي تساعدهما على القيام به. لذلك فإنهما يكتفيان بالإشارة إلى حق التظاهر وبضرورة عدم التعامل بعنف مع المتظاهرين بغية أن يفوزا برضا المحتجين، من جهة الظهور كما لو أنهما غير مشاركين في الأسباب التي أدت إلى وقوع لحظة اليأس التي انتهى إليها الشباب العاطلون عن العمل الذين وجدوا في الخروج إلى الشارع فرصة للإعلان عن قطيعتهم مع نظام الحكم القائم”.
واعتبر المراقب أن دعوة المالكي والحكيم إلى إقامة حكومة الأغلبية لن تجد لها صدى في الشارع الغاضب وستبقى أسيرة الكلام النظري في إطار الحلول التي لا ترقى حتى إلى محاولة ترقيع ما لا يمكن ترقيعه.
العرب