اختتم الرئيس باراك أوباما القمة التي استمرت لمدة يومين مع حلفاء أمريكا العرب. كما اختتم الاجتماع الأسبوع الصعب الذي بدأ عندما انسحب العاهل السعودي، الملك سلمان، علنًا من القمة، وأرسل ابنه وابن شقيقه الشاب مكانه. وتفسر هذه الإحصائيات الخمس العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي، والتحديات التي ستواجه تلك التحالفات في المستقبل.
1- إنه النفط يا غبي
تكوّن البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية تجمّع الملكيات في الخليج العربي المعروف باسم مجلس التعاون الخليجي. وجميع هذه الدول هي من كبار الدول المنتجة للنفط، وخاصة المملكة العربية السعودية. حيث تمثل تلك الدولة مجتمعة 24 % من إنتاج النفط الخام في العالم. ولكن، بعد عقود من الاعتمادية الشديدة على نفطهم، استطاعت أمريكا بفضل طفرة الصخر الزيتي التي حدثت في أوائل القرن الـ21 تجاوز المملكة العربية السعودية وروسيا لقيادة العالم في مجال إنتاج النفط. وقد شعرت دول مجلس التعاون الخليجي بأثر ذلك بشكل حاد. فقد وجدت المملكة العربية السعودية صادراتها النفطية إلى الولايات المتحدة تنخفض بمعدل 23.74 % بين عامي 2008 و2014. ولكن، السعوديون غير راضين عن ذلك التراجع. فالرياض مشغولة بتكثيف إنتاجها الخاص (واستطاعت تحقيق مستوى قياسي بلغ 10.3 ملايين برميل يوميًا في شهر أبريل الماضي) في محاولة لخفض أسعار النفط ودفع منتجي الصخر الزيتي بالولايات المتحدة إلى الخروج من السوق العالمية.
2- تناقض الوفرة
بينما يعمل السعوديون على زيادة الإنتاج إلى حد كبير لتعزيز مركزهم في السوق على المدى الطويل؛ إلا أن تلك المناورة تحمل مخاطر كبيرة على المدى القصير. فقد هبطت أسعار النفط لعدة أشهر، ومن المعلوم أن أسعار النفط تؤثر تأثيرًا مباشرًا على الاقتصادات التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على السلع الأساسية. حيث يأتي 45 % من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية مباشرة من النفط والغاز، و40 % من الناتج المحلي الإجمالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحوالي 50-60 % من الناتج المحلي الإجمالي لكل من قطر والكويت وسلطنة عمان. لذا؛ فعن طريق الحفاظ على معدل إنتاج عالٍ، تساعد المملكة العربية السعودية على إبقاء أسعار النفط منخفضة.
وغالبًا ما يتحدث الاقتصاديون عما تسمى “لعنة الموارد”، عندما تؤدي وفرة الموارد الطبيعية في بلد ما إلى إبطاء بقية اقتصادها. ففي الاقتصاد الصحي والمتوازن، ينبغي أن يكون القطاع الخاص هو محرك البحث والتطوير والابتكار. لكن، 20 % فقط من المواطنين البحرينيين يعملون في القطاع الخاص، بينما يعمل 0.5 % من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة فقط في القطاع الخاص. وقد اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي لوقت طويل على النفط؛ مما جعل قواها العاملة لا تستطيع أن تنافس في ظل العولمة. والقوى الحاكمة تدرك تمامًا هذه الحقيقة.
3- الربيع العربي لا يزال يزهر
كانت دول مجلس التعاون الخليجي في الصف الأمامي للربيع العربي. فابتداءً من عام 2011، اندلعت المظاهرات والاحتجاجات في جميع أنحاء العالم العربي، وامتدت لتصل إلى البحرين والكويت. وكان أحد الدوافع الرئيسة لذلك الحراك هو حالة البطالة الجماعية، التي تعاني منها دول مجلس التعاون الخليجي الغنية أيضًا. حيث يقدر إرنست ويونغ أن نسبة البطالة بين الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 20-24 يمكن أن تصل إلى 40 % في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وهي الأرقام التي تنذر بثورة.
لكن، الشيء الوحيد الأشد ترويعًا في تلك الانتفاضات بالنسبة لملوك الخليج يجب أن يكون رد فعل الولايات المتحدة تجاهها. فقد كان من المفهوم لسنوات أنه طالما تحافظ دول الخليج على تدفق النفط في السوق العالمية؛ فإن الولايات المتحدة ستلتزم بتوفير الحماية لهم. وكانت مصر تناور حول هذا النوع من العلاقة مع واشنطن، ولكن أوباما أضاع الكثير من الوقت بدعم إسقاط حسني مبارك في عام 2011، على الأقل من وجهة نظر دول مجلس التعاون الخليجي. وإذا كان من الممكن التضحية بمصر على مذبح الديمقراطية؛ فلماذا لا يمكن أن يحدث ذلك للسعودية في المرة القادمة؟
4- التهديد الإيراني
تخيم على قمة دول مجلس التعاون الخليجي أجواء إعادة الارتباط بين أمريكا وإيران، وإمكانية رفع العقوبات مقابل إبرام صفقة نووية. ويقدر الخبراء أن الاقتصاد الإيراني يمكن أن ينمو من 2 % إلى 5 % في السنة الأولى بعد رفع العقوبات، ثم إلى 7-8 % في الـ 18 شهرًا التالية. وهي معدلات تشبه معدلات النمو الملحوظ لـ “النمور الآسيوية” في التسعينيات.
وليست المنافسة الاقتصادية فقط هي ما يقلق دول مجلس التعاون الخليجي. فقد قضت المملكة العربية السعودية الجزء الأكبر من العقد الماضي في مكافحة النفوذ الإيراني بلبنان والعراق وسوريا واليمن، بل وحتى البحرين. ولكن، رفع العقوبات من شأنه أن يعطي طهران تمويلًا إضافيًا لتصعيد التنافس الإقليمي. هذا بالإضافة إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة والتهديدات الخطيرة التي تشكلها جماعات مثل داعش. وهذا هو السبب الذي دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى السعي للتحالف الأمني (على غرار اليابان) رسميًا مع الولايات المتحدة، لكنها لم تحصل على ضمانات باستمرار الدعم العسكري الأمريكي وتزويدها بالأسلحة الهامة.
5- مسألة الأجيال
بعث غياب العاهل السعودي، جنبًا إلى جنب مع نظرائه من دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان، رسالة مفادها أن الوضع الراهن في الشرق الأوسط لا يمكن أن يستمر. ولكن الواقع هو أن الدول التي تعتمد على النفط بمجلس التعاون الخليجي لديها مشاكل هيكلية خطيرة من شأنها أن تحتاج أجيالًا لحلها. وبدلًا من التعامل مع أربعة حكام بمتوسط عمر 75 عامًا، جلس أوباما مع ممثلين بمتوسط سن 56 عامًا. ويستعد هذا الجيل الأصغر سنًا لقيادة بلادهم لعقود قادمة.
بعد 70 سنة من الارتباط المكثف، من الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج لأمريكا أكثر بكثير من أي وقت مضى. والسؤال هو: إلى أي مدى تحتاج أمريكا لتلك الدول؟
تايم – التقرير