تعهد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بتحمّل مسؤولية ومهمة محاربة «داعش»، مؤكداً أن تركيا ستلتزم بذلك في شكل فاعل في الأيام المقبلة. ومن الأردن أكدت وزيرة الدفاع الفرنسية أن بلادها عازمة على إنهاء «مهمة» التصدي لتنظيم «داعش» قبل الانسحاب الأميركي، وكشفت عن إرسال طائرات «رافال» الفرنسية لضرب مواقع التنظيم الإرهابي للمرة الأولى.
وفيما أشاد أكار بأهمية اتفاق سوتشي حول إدلب في تجنب كارثة إنسانية، حذّر مصدر قيادي في «الجيش الحر» من أن «هيئة تحرير الشام» (النصرة) سابقاً، تسعى إلى «السيطرة على المناطق الحساسة في إدلب وأرياف اللاذقية وحماة وحلب المحررة». وتفقّد أكار القوات التركية أثناء جولة على قرية حدودية سورية مع بلاده، واجتمع مع قادة الوحدات العسكرية التي أرسلت في الشهر الأخير لتنفيذ عملية عسكرية ضد الكرد في منبج وشرق الفرات.
وقال أكار إن تركيا تراقب تطورات الأحداث في المنطقة عن كثب، وإنها تعمل ما في وسعها من أجل إنهاء المأساة وحالة عدم الاستقرار السائدة في المنطقة، مجدداً تأكيد تركيا أنها لن تسمح بتأسيس ممر إرهابي شمال سورية، من شأنه تهديد أمنها واستقرارها. وقال إن الممر المزعوم باء بالفشل إلى حد كبير بفضل جهود القوات المسلحة التركية. وشدد أكار على أن تركيا تحترم «وحدة أراضي دول الجوار، والعمليات العسكرية التي نقوم بها في سورية والعراق، ليست اختيارية، إنما هي ضرورة من أجل القضاء على التنظيمات الإرهابية المتمركزة في هذه المناطق».
وفي تغريدة على «تويتر»، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي: «أقلعت طائرات الرافال، وفي أقل من ساعة ستكون فوق شمال شرقي سورية (…) لدينا مهمة لنكملها في مواجهة داعش، وعلينا أن ننهي المهمة»، وعرضت ضمن التغريدة صورة لطائرة حربية في أثناء توجهها إلى شمال شرقي سورية، في المرة الأولى منذ مشاركة فرنسا في الحملة ضد «داعش» في 2014.
وكانت بارلي أكدت ضرورة «إنهاء مهمة» التصدي لتنظيم «داعش» قبل انسحاب الولايات المتحدة من سورية. وفي كلمة أمام الطيارين الفرنسيين في قاعدة «اتش 5» الجوية الأردنية، التي تنطلق منها مقاتلات فرنسية لضرب «داعش» في سورية، قالت بارلي: «جئت إلى هنا لأقولها مرة أخرى، فرنسا تواصل القتال ضد التيار المتشدد (…) أعوّل عليكم منذ الغد لمواصلة المهمة».
وتعليقاً على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة حول خططه للانسحاب من سورية فوراً، وحديثه عن انسحاب «بطيء»، علّقت بارلي بحذر مشيرة إلى أن «بطيء لا يعني بالضرورة عدداً محدداً من الأسابيع، سنرى»، مؤكدة أن «كيفية هذا الانسحاب لا تزال قيد المناقشة».
وأشاد الوزير التركي باتفاق سوتشي حول إدلب، وقال إن «الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الوضع في محافظة إدلب بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حال دون وقوع مأساة إنسانية جديدة في سورية»، وتجددت الاشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» وحركة «نور الدين الزنكي» المنضوية تحت «الجبهة الوطنية للتحرير» المدعومة من تركيا.
وهاجمت «الهيئة» مواقع لـ «الجبهة الوطنية للتحرير» في مدينة دارة عزة وتقاد وبسرطون بريف حلب الغربي أمس، ما أسفر عن وقوع جرحى في صفوف المدنيين نتيجة الاشتباكات والقصف المدفعي. وقالت «الجبهة» في بيان: «فوجئنا بحشود وأرتال هيئة تحرير الشام باتجاه حركة نور الدين الزنكي، بذريعة التأخر في تسليم العناصر المطلوبة، مع أنها سلمت كل عناصرها المطلوبين، وتعهدت بجلب المطلوبين من المدنيين إذا كانوا ضمن مناطقها، وعلى رغم ذلك استمرت الهيئة في حشودها وبدأت عدوانها صباح أمس على ريف حلب الغربي من محاور عدة».
وأشار البيان (حصلت «الحياة» على نسخة منه) إلى أن «كل ما سبق ليؤكد أن الهيئة تريد كعادتها استغلال حادثة تلعادة ذريعة لتصفية حساباتها مع فصائل الجبهة، ومحاولة توسيع سيطرتها على المناطق المهمة التي تسيطر عليها الجبهة». وكانت «الزنكي» و«النصرة» توصلتا إلى اتفاق في وقت سابق أوقف اشتباكات اندلعت في الأيام الأخيرة، تضمن وقف التصعيد.
وفي اتصال مع «الحياة»، أوضح مصدر بارز في «الجيش الحر» أن «الهيئة عمدت منذ اتفاق سوتشي حول إدلب إلى قضم تدريجي للمواقع الحساسة المشرفة على الطرق الاستراتيجية الرابطة بين كل من اللاذقية وحماة مع حلب والحدود التركية».
وأشار المصدر إلى أن «الهيئة أحكمت قبضتها الأمنية على المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وصفّت المعارضين لها جسدياً أو اعتقلتهم، وفتحت باب الانتساب إلى الهيئة بمغريات مادية للأعضاء الجدد الذين يخضعون لدورات فتاوى شرعية تكفّر بقية الفصائل».
ولفت المصدر إلى أن «الهيئة استطاعت أن تزيد الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها على حساب تنظيمات الجبهة القليلة العدد».
ومع انشقاق بعض العناصر المتشددة، وتصفية آخرين، خلص المصدر إلى أن «الهيئة تسعى إلى دور بارز في إدارة المناطق المحررة ينافس دور الجبهة الوطنية المدعومة من تركيا»، ولم يستبعد أن «عملية إعادة تأهيل لدور الهيئة قد بدأ بصمت أو مشاركة روسية – تركية، وهو ما يفسّر عدم الغضب الروسي من التأخر في تنفيذ بنود اتفاق سوتشي»، لافتاً إلى أن «الأهم بالنسبة إلى روسيا هو منع أعضاء النصرة من آسيا الوسطى وروسيا من الخروج أحياء من سورية وعودتهم إلى بلدانهم، وهي لا تعارض دمج السوريين في أجهزة الأمن والجيش المستقبلية بالتنسيق مع أنقرة ودمشق».
الحياة