نقلت صحيفة “حرييت” التركية، وجهات نظر العواصم المعنية بإنشاء المنطقة الآمنة شمال سورية، والخلافات النابعة بين كل من أنقرة وواشنطن وموسكو، وخاصة فيما يتعلق بحدود المنطقة وعمقها، والتعاون مع القوى المناسبة لإنشائها.
”
أميركا مصممة على عملية سحب القوات الأميركية من سورية بحلول الصيف المقبل، مهما حاول البنتاغون عرقلة ذلك
“
وبحسب الصحيفة، فإن أميركا مصممة على عملية سحب القوات الأميركية من سورية بحلول الصيف المقبل، مهما حاول البنتاغون عرقلة ذلك، أو إبطاءه، إذ إن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مصمم على قراره، وهذا يتقاطع مع معلومات من مصادر مطلعة، أن تفويض الكونغرس لقتال داعش هو 5 سنوات، وبدأ في صيف العام 2014، وينتهي في صيف العام الجاري.
ولفتت إلى أن ترامب يريد أن يكون عمق المنطقة الآمنة ما بين 30 و32 كم، وتم توجيه جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية والدبلوماسية للعمل وفق هذا الإطار، والبدء في التحضيرات.
وإزاء هذا، فإن أنقرة وضعت خطتها للمنطقة الآمنة، إذ تصل أعماق بعض المناطق إلى 60 كم، لأن بعض المناطق عميقة، وأخرى أضيق، حسب التهديدات، وإمكانيات قرب القوات المسلحة من المصادر واستخدام الطرق، والدعم اللوجستي.
كما أن أولويات أنقرة هي منع تسرب مقاتلي المليشيات الكردية، وحزب العمال الكردستاني، وقطع الطريق عليهم لاستخدام تلك المنطقة في إطلاق الصواريخ والدرونات باتجاه الأراضي التركية.
ولفتت الصحيفة إلى أن أميركا، حتى الآن، لم تعد خطة متكاملة من الألف إلى الياء، لتقدمها للجانب التركي، ولكن ما قدم للجانب التركي هو منطقة آمنة تصل إلى عمق 32 كم، على أن تنتشر القوات التركية في بعض المناطق، وأن تبقى مناطق أخرى فارغة، كما أن أميركا أعلنت لتركيا أنه من المحتمل أن تبقي بعض قواتها في بعض المناطق، وهو أمر غير واضح بعد، مما يضع ضبابية على حقيقة القرار الأميركي النهائي.
كما أن أميركا طرحت للجانب التركي، قضية تموضع عناصر المليشيات الكردية في منطقة الجزيرة السورية، وإعادة المدنيين السوريين من العرب والمدنيين الأكراد لهذه المناطق الفارغة، من المتواجدين في تركيا. ونتيجة لمخاوف تركيا من تشكيل منطقة حكم ذاتي أسوة بكردستان العراق، فإن تركيا أوضحت بشكل حازم لأميركا، أنها لن تسمح بأي كيان بهذا الشكل في هذه المنطقة.
أما بخصوص روسيا، فإنها لا تعترض على المنطقة الآمنة، ولكنها لا تريد دخولًا تركيًا عميقًا في المنطقة، وترغب بأن يكون عمق المنطقة ما بين 15 و20 كم، ومن أجل هذا طرحت اتفاقية أضنة 1998، بحجة أن النظام السوري يتصارع مع المليشيات الكردية.
لكن تركيا، إزاء هذا الموقف الروسي، كان موقفها حازمًا، بأنها ترفض أن يتكرر سيناريو تل رفعت في ريف حلب، بأن يرفع النظام أعلامه في المنطقة، ولكن السيطرة بالأساس للمليشيات الكردية، وهو أحد الخطوط الحمر أيضًا بالنسبة لأنقرة.
”
جرى لقاء على مستوى منخفض بين الاستخبارات التركية والاستخبارات التابعة للنظام السوري
“
وأوضحت الصحيفة أن طرح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لموضوع اتفاق أضنة، كان يهدف لمنع تركيا من إنشاء منطقة آمنة عميقة من جهة، ومن جهة أخرى تأسيس حوار بين تركيا والنظام، مذكرة بأن روسيا سبق أن قالت إن تطبيق اتفاق سوتشي حول إدلب في سبتمبر/أيلول الماضي، يتطلب تنسيق الجهود مع النظام السوري، وبعدها جرى لقاء على مستوى منخفض بين الاستخبارات التركية والاستخبارات التابعة للنظام، فيما تفعيل اتفاق أضنة يتطلب مواصلة اللقاء والتنسيق بين استخبارات الجانبين، وانتقال ذلك لمستويات عليا.
ورد أنقرة على الطرح الروسي كان إيجابيًا، بحسب الصحيفة، لجهة أن المناطق القريبة من الحدود ستكون خالية من الإرهابيين في حال جرى تفعيل الاتفاق بشكل فعلي، خاصة أن هناك قناعة بأن الرأي العام لدى البلدين في تركيا وسورية مستعد للقاءات استخبارية بين الطرفين.
وزادت الصحيفة أن أنقرة حددت الخطوة الأولى المطلوبة من النظام لتفعيل اتفاق أضنة، وهو لقاء عشائر تمكنت أنقرة من تأمين فك ارتباطها عن وحدات المليشيات الكردية وتنظيمها، مع عشائر يمكن للنظام أن يجبرها على ترك الوحدات الكردية وتنظيمها.
وفيما يخص موقف دمشق من التطورات الحاصلة، فإن النظام لم يعد يرى في المعارضة تهديداً له في أولوياته كما في السابق، وفق الصحيفة، إذ دفعت هذه الأولويات لتعاونه مع المليشيات الكردية، ولكن الوضع تغير مع زوال خطر المعارضة، بل حلت المليشيات الكردية في المرتبة الأولى، لتهديدها وحدة التراب السوري، وتتابع أنقرة حوارات النظام مع المليشيات الكردية عن قرب، وتؤكد المعطيات أن النظام رفض منح المليشيات حكمًا ذاتيًا، والموقف التركي يتغير وفق التوازنات المتبدلة في المنطقة.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على أن روسيا ترفض القضاء بشكل كامل على الوحدات الكردية، بل لديها هدف بأن تدخل الوحدات الكردية في ظل النظام، على اعتبار أن الوحدات الكردية تشكل نفوذًا لروسيا في سورية.
العريي الجديد