جدل حول إدارة «المنطقة الآمنة» شرق الفرات في سورية

جدل حول إدارة «المنطقة الآمنة» شرق الفرات في سورية

تزامناً مع جدل واسع وتحركات كثيفة حول المنطقة الآمنة شرق الفرات وكيفية إدارتها، وقبل نحو عشرة أيام من قمة ضامني آستانة، أكدت تركيا الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية في غضون أيام، وجاءت التصريحات عقب انتهاء جولة لممثلي الخارجية الروسية تضمنت دمشق وأنقرة وطهران.

وكشفت الهيئة السورية المعارضة للتفاوض أن وفد الهيئة بحث مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني وأعضاء البرلمان «تشكيل إدارة حقيقة شرق الفرات من جميع أبناء المنطقة».

ورداً على تقارير إعلامية حول تسهيل عناصر من «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) هرب عناصر من «داعش» في مقابل أموال، نفت القوات «نفياً قاطعاً الحديث عن صفقات أو تسهيل لخروج عناصر داعش مقابل أموال»، وأشارت إلى «صعوبة المعارك في المنطقة الأخيرة لداعش»، ونفت: «وجود معلومات مؤكدة عن محاصرة زعيم داعش أبوبكر البغدادي في منطقة الباغوز».

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن جهود بلاده مع الدول المعنية تركّز على إنشاء لجنة لصياغة دستور جديد لسورية وتنسيق الانسحاب الأميركي، وزاد أن «الجهود التركية تركزت على إنشاء لجنة لصياغة دستور جديد لسورية، وإحياء مؤتمر جنيف بالتوازي مع الحفاظ على مساري آستانة وسوتشي»، مؤكداً أن «الأيام المقبلة ستشهد إنشاء لجنة لصياغة الدستور تضم ممثلين عن منظمات المجتمع المدني والنظام والمعارضة».

وتزامناً مع وصول تعزيزات من القوات الخاصة التركية إلى أقليم هطاي المحاذي لمحافظة ادلب وشمال اللاذقية، قال أوغلو: «إن تركيا تعمل على ترسيخ وقف لإطلاق النار في المنطقة من خلال حماية التفاهم المبرم مع روسيا، في شأن إدلب السورية، بالتوازي مع اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب».

وفي ما يخص شرق الفرات أشار الوزير التركي إلى أن «الحديث في هذه الآونة يجري عن كيفية إدارة عملية الانسحاب الأميركي وتحقيق الاستقرار الدائم في سورية عبر التنسيق مع الدول المجاورة والمعنية، بما في ذلك روسيا وإيران». وكانت الخارجية الروسية ذكرت في بيان أن وفداً روسياً بحث أول من أمس مع مسؤولين إيرانيين في طهران مسألة تشكيل اللجنة الدستورية السورية وإطلاق عملها في أسرع وقت ممكن، وأوضح البيان أن «وفداً روسياً ضم الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتيف ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين، إضافة إلى ممثلي وزارة الدفاع الروسية، أجرى محادثات مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، ومشاورات مع حسين جابري أنصاري كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية».

وفي اتصال مع «الحياة»، قال الناطق باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي إن وفد الهيئة بحث في أربيل مع رئيس اقليم كردستان وأعضاء في البرلمان المحلي آفاق العملية السياسية في سورية، وتجنيب منطقة شرق الفرات أي حل عسكري. موضحاً أن «تركيز الهيئة منصب على العملية السياسية لكنها بالموازاة مع ذلك تعمل في شكل حثيث لاغلاق الطريق أمام عودة النظام وميليشياته أو داعش والنصرة إلى شرق الفرات».

وأشار العريضي إلى أن «الهيئة تسعى إلى المساهمة في حل الاشكالت التي يمكن أن تبرز نظراً الى حساسية المنطقة عبر تشكيل إدارة حقيقة تمثل كل المكونات وتجنيبها أي صراع عسكري»، مؤكداً أن «التفاهم والتنسيق مستمر مع حكومة إقليم كردستان من أجل تشكيل هذه الادارة من أبناء المنطقة»، مستدركاً أنه «لا يوجد مشروع جاهز عملياً، ولكن يجب أن يكون ضمن تركيبة معينة يتمثل فيها المجلس الوطني الكردي وذراعه العسكرية بيشمركة روج».

ورداً على الحديث عن تحالف من «بيشمركة روج» و«قوات النخبة» التابعة لرئيس تيار الغد السوري المعارض أحمد الجربا قد يدير «المنطقة الآمنة» التي تسعى تركيا لإنشائها على الحدود مع سورية، رفضت الرئيس المشترك لـ«مجلس سورية الديمقراطية» (مسد) أمينة عمر وجود اي قوات أخرى، مشيرة في اتصال مع «الحياة» إلى أن «مسد تملك قوات عسكرية وأمنية وهي قوات محلية وهي من يجب عليها إدارة المنطقة الآمنة… لسنا في حاجة إلى قوات أخرى لتحمي مناطقنا».

وفي المقابل استبعد المسؤول السياسي في «الجيش الوطني الحر» مصطفى السيجري أي دور للجربا في إدارة المنطقة الآمنة، وزاد في اتصال مع «الحياة» أن «ما يقوم به الجربا بجولاته المكوكية في سورية يأتي في سياق محاولة فردية بهدف الاستفادة من التطورات الأخيرة»، مشيراً إلى أنه «لا توجد أي معلومات مؤكدة عن نتائج جولاته»، لكن السيجري أعرب عن ثقته بأن «تركيا لا تضع الجربا في حساباتها أو خياراتها المستقبلية، والاعتماد سيكون على الجيش الوطني على غرار تجربتي درع الفرات وغصن الزيتون».

إلى ذلك، سخر مدير المكتب الاعلامي في «قسد» مصطفى بالي من تقارير إعلامية اتهمت القوات ذات الغالبة الكردية بتسهيل هرب عناصر من «داعش» في مقابل أموال، وفي اتصال مع «الحياة» شدد بالي على أنه «من المستحيل أن نتقاضى مبالغ من أي طرف وليس داعش فقط، فنحن قوة عسكرية تقاتل داعش ولسنا مهربين أو مأجورين»، نافياً «نفيا قاطعا» وجود أي صفقات مع «داعش» نظراً الى أن «الأمور تحت المجهر والعمليات تتم في منطقة صغيرة جغرافياً»، عازياً «ترويج هذه الشائعات إلى الاساءة لتضحياتنا».

وأوضح بالي أن «هرب عناصر من داعش يمكن أن يحصـــــل في شكل يومي عبر التسلل بين المدنيين ونلقي القبـــــــض عليـــــهم»، مشيـــــراً إلى أن «المهمة صعبة نظراً الى أن عنــــاصر داعش يحتجزون مدنيين في آخر معاقلهم في الباغـــوز ما يصـــــعب مهمــــتنا ويجعــــلنا نعمل بصبر».

الحياة