في خضم الأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها العراق، تبرز بين الفينة والأخرى قضية منطقة سنجار المسيطر عليها من قبل قوات حزب العمال الكردستاني التركي الذي تعده أنقرة تنظيما إرهابيا.
وسنجار قضاء عراقي يتبع إداريا محافظة نينوى (أربعمئة كيلومتر شمال بغداد) ويقع في أقصى شمال غرب المحافظة على الحدود السورية العراقية.
وبعد عدة أشهر من اكتساح مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بعض مناطق سنجار في أغسطس/آب 2014، وارتكابهم مجازر بحق الأقلية الإيزيدية فيها، نجحت قوات البشمركة الكردية في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته في استعادة مركز القضاء.
إلا أن طرفا آخر دخل اللعبة، وهو حزب العمال الكردستاني الذي تعده أنقرة إرهابيا.
عقدة أمنية إقليمية
دأب مسؤولون أتراك على توجيه إنذارات للحكومة العراقية باحتمالية شن الجيش التركي عملية عسكرية في سنجار لطرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني منها.
ويخشى الأتراك من أن تتحول منطقة سنجار إلى قاعدة خلفية لحزب العمال الكردستاني، إذ إن المنطقة تعد من المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان وفق المادة 140 من الدستور العراقي، ويطالب الأكراد بضمها إلى الإقليم.
كما ترتبط من الجهة الغربية بمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الجانب السوري في أقصى الشمال الشرقي السوري، ويخشى الأتراك من أن تستخدم في تهريب السلاح إلى جبال قنديل.
وأوضح رئيس مجلس محافظة نينوى سيدو جتو من جانبه أن 85% من سكان سنجار لا زالوا نازحين لأسباب عديدة، وأن ذلك تسبب في عمل المجلس المحلي للقضاء حتى منطقة فايدة قرب محافظة دهوك.
ويؤكد جتو للجزيرة نت أن تواجد حزب العمال الكردستاني تتخذه أنقرة ذريعة لقصفها الجوي على سنجار، وسيسهم خروج مقاتلي الحزب من سنجار في عودة استتباب أوضاع القضاء وقلة المشاكل فيه.
وعن مطالبة الأكراد بالقضاء، أوضح جتو أن الأيام المقبلة ستشهد عودة الحكومة المحلية الشرعية للقضاء، بعد اجتماعات عدة في بغداد؛ أثمرت اتفاقا يقضي بعودة الأمور إلى طبيعتها.
أما الصحفي العراقي المقيم في تركيا أحمد سعيد، فيرى في حديثه للجزيرة نت أن تركيا لم تستخدم حتى اللحظة القوة العسكرية في سنجار بالمعنى الحقيقي، على خلاف باقي مناطق شمالي العراق.
ورغم أن تركيا تراقب بقلق انتشار حزب العمال الكردستاني في سنجار، فإن سعيد يعتقد أن أنقرة لا يمكن لها أن تقوم بعملية عسكرية قريبا في سنجار ضده لانشغالها بمناطق شرق الفرات في سوريا.
وأضاف أن أنقرة ستكتفي حاليا بالقصف الجوي والضغط المستمر على حكومتي بغداد وأربيل لاتخاذ موقف ضد الحزب، وقد تتحرك في سنجار بعد حل المعضلة السورية.
الموقف العراقي
من جهته، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي هشام الهاشمي في حديثه للجزيرة نت أن الموقف داخل العراق من تواجد حزب العمال الكردستاني في سنجار يتمحور في ثلاثة اتجاهات جميعها ضد العمل العسكري في الوقت الراهن.
وبحسب الهاشمي، فإن موقف الحشد الإيزيدي في سنجار مؤيد لتواجد حزب العمال الكردستاني، وأن موقف حكومتي أربيل وبغداد من الحزب يتمثل في اعتبار تواجده غير قانوني، لكن الوقت غير مناسب لاستخدام القوة ضده، لافتا إلى أن الحشد الشعبي لا يعد هذا الحزب إرهابيا، وجميع هذه القوى تخشى من الدخول في حرب عصابات معه قد تمتد لسنوات.
واختتم الهاشمي حديثه بالإشارة إلى أنه من المستبعد أن تشن تركيا عملية عسكرية برية ضد سنجار، إذ إنه لا حدود برية للقضاء مع تركيا، وأن طريق الوصول إلى سنجار سيكون من سوريا، إضافة إلى أن أنقرة منشغلة بمناطق شرق الفرات التي تُعد قوة حزب العمال فيها أكبر، إذ يسيطر على منشآت حيوية وموارد هائلة كالنفط.
أما النائب في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجربا، فيرى أن قضية سنجار لا تعد من أولويات الحكومة حاليا.
ويؤكد الجربا ضرورة أن تعمد الحكومة إلى نشر الجيش العراقي في مدينة سنجار وفي منطقة الجبل لتجنب أي تدخل كردي أو تركي في المنطقة، إذ إن أي مشكلة أمنية في سنجار ستنعكس على العراق عامة وليس على أمن محافظة نينوى فقط.
ويختتم الجربا حديثه للجزيرة نت بالإشارة إلى أن الحكومة المركزية مقصرة جدا بشأن الملف الأمني في سنجار، وتساهلها مع حزب العمال الكردستاني، وأن أي إشكالية تحدث في سنجار يتحملها رئيس الحكومة بصورة كاملة.
منوها إلى أن من ينتشرون في سنجار يمنعون العرب والأكراد (السنة) من العودة إلى القضاء، بحسبه.
المصدر : الجزيرة