والآن: ماذا يجب أن تفعل الولايات المتحدة بشأن الدولة الإسلامية؟

والآن: ماذا يجب أن تفعل الولايات المتحدة بشأن الدولة الإسلامية؟

نشرت مجلة “ناشونال جورنال” تقريرًا مطوَّلًا حول الاستراتيجية التي ينبغي أن تتبناها إدارة الولايات المتحدة في الأيام المقبلة تجاه تنظيم الدولة الإسلامية المتصاعد يومًا بعد يوم، في حين أظهرت الاستراتيجية العسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة عدم جدواها تقريبًا في الأيام الماضية؛ بل تنامى تنظيم الدولة الإسلامية واكتسب مزيدًا من الأراضي لم يكن يسيطر عليها عند اقتحامه لمدينة الموصل العام الماضي. وقد احتوى التقرير على آراء كبار منظري السياسة الخارجية فيما يتعلق برؤيتهم لكيفية التعامل مع التنظيم في الفترة المقبلة. وقد جاءت رؤية كل منهم إلى حد ما قاصرة على تخصصاتهم المتنوعة بما يساعد على صياغة استراتيجية شاملة لدحض التنظيم.

وجاء في بداية التقرير “أن السنوات القليلة الماضية قد شهدت ظهور النتائج الرسمية لحروب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. ولم تكد الولايات المتحدة تتنفس الصعداء، حتى شهدت التقدم السريع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بما يضعنا في مأزق سياسي، وأيديولوجي، وربما عسكري آخر في الشرق الأوسط. فكيف يجب أن تتصرف الولايات المتحدة؟ قمنا بتوجيه السؤال لكبار مفكري السياسة الخارجية كي يقدموا أفضل الإجابات لديهم”.

وفيما يلي إجمال لوجهات النظر التي طرحها هؤلاء المفكرون:

إليوت أبرامز: قصف الدولة الإسلامية والإطاحة ببشار الأسد

هناك أمران يمكن للولايات المتحدة ويجب عليها القيام بهما للمساعدة في هزيمة الدولة الإسلامية أو على الأقل الحد من قوتها بشكل كبير.

أولًا: تمتلك الدولة الإسلامية زخمًا عسكريًا كبيرًا وقامت باستخدامه لتجنيد مجندين جدد وخلق “أسطورة” لها. ويتمثل سيناريو الدولة الإسلامية في تكرار حياة النبي محمد من خلال تحقيق الفوز والانتصار تلو الانتصار، وغزو الأراضي لإقامة الخلافة. وبدلًا من القول بأنه “لا يوجد حل عسكري”، يجب على الولايات المتحدة أن تدرك بأنه لا يوجد حل بدون إيقاف الدولة الإسلامية عسكريًا، والقضاء على زخمها العسكري. وبمجرد أن تبدأ في خسارة الأرض، وأن تتقلص حرفيًا من على الخريطة وتبدأ في خسارة المعركة بعد المعركة، فسوف تقل قدرتها على الاستقطاب. وسوف تقل قدرتها على إقناع المسلمين بأن ادعاءاتها الأيديولوجية والدينية صحيحة؛ بل في الواقع، سوف تبدو مدنّسة على نحو متزايد. وهذا يعني المزيد من القصف ورجال أكثر على الأرض كراصدين للوضع، مثل الدور الذي يلعبه الجيش الكندي في بعض مناطق العراق.

ثانيًا: يجب على الولايات المتحدة أن تلزم نفسها بإسقاط بشار الأسد في سوريا؛ حيث يعتبر نظام بشار الأسد طريقة تستخدمها الدولة الإسلامية للاستقطاب ومصنعًا للجهاديين. وقد قام بقتل أكثر من 200000 سني وهو السبب الرئيس لتنامي الدولة الإسلامية بشكل سريع. ومادام الأسد مستمرًا في إلقاء قنابل الكلور وقتل النساء والأطفال وتدمير المجتمعات السنية في سوريا، فلا يمكن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وعلاوة على ذلك، لا يمكن هزيمة تنظيم الدولة في العراق طالما أن لديها ملاذًا في سوريا. مما يعني مزيد دعمٍ للثوار في سوريا أكثر مما نفعل الآن؛ إذ إن برنامج التدريب والتسليح الموجود الآن أصغر وأضعف من أن يكون له تأثير كبير. وهذا يعني الحاجة إلى إبقاء سلاح جو بشار الأسد على الأرض. لتشكيل أماكن آمنة في سوريا بالتعاون مع تركيا والأردن وغيرهم من الحلفاء والدول السنية الأخرى المستعدة لبذل المزيد إذا ما قادتهم الولايات المتحدة.

إد حسين: إنشاء اتحاد الشرق الأوسط

الدولة الإسلامية ليست سوى عرض لمرض المنطقة الأكبر، والذي ينطوي على مشاكل في الدين والهوية والسياسة. ولإيجاد حل لهذه المشكلة الأعمق، دعونا نعود بالذاكرة إلى القرن الماضي. في ذلك الوقت، لم يكن الشرق الأوسط بل كانت أوروبا هي التي يتم تمزيقها عن طريق الطغاة وصعود الراديكالية في شكل الفاشية والشيوعية. وشهدت أوروبا تعصبًا تجاه الأقلية مما أدى إلى قتل ألمانيا 6 ملايين يهودي بطريقة ممنهجة. ولم تكن أزمات اللاجئين والنزاعات الحدودية وحروب الوكالة الإقليمية مشاكل متعلقة بالشرق الأوسط؛ بل كانت سمات أوروبا في النصف الأول من هذا القرن.

ثم تغيرت أوروبا. ومع القيادة والدعم والتشجيع الأمريكي، تحركت الدول الأوروبية الكبرى تجاه توحيد اقتصادها من خلال الصفقات التجارية. وقامت فرنسا وألمانيا بتوقيع معاهدة الفحم والصلب الأوروبية، تبعتها معاهدات أخرى أدت إلى حرية التبادل التجاري وحرية تنقل الأشخاص وخلق الثروة، والنمط الدبلوماسي لحل الأزمات. وكان ذلك بقيادة جان موني وتشرشل وروبرت شومان، وأصبح هناك تحول عام في التفكير.

واليوم، تقريبًا كل القضايا الكبيرة في الشرق الأوسط -الطائفية، التطرف، بطالة الشباب، نقص المياه، تدفق اللاجئين، الحروب العابرة للحدود- تتطلب تعاونًا بين الدول. وهناك حاجة ماسة إلى إنشاء اتحاد الشرق الأوسط الذي يتعلم من التجربة الأوروبية استخدام المناطق التجارية المشتركة لترسيخ السلام. وهناك حوالي 70% من الاستثمارات العربية تغادر المنطقة: لماذا لا يتم استثمار رأس المال هذا في الشرق الأوسط لدعم رواد الأعمال وخلق فرص عمل؟ ويوجد فقط حوالي 20% من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تستطيع أن تحصل على قروض في العالم العربي. وغياب سيادة القانون لا ينبغي أن يكون عذرًا؛ بل يجب أن يصبح دافعًا لتغيير المنطقة.

كان أمرًا مهمًا بالنسبة للدبلوماسية الأمريكية أن يتم إنشاء أوروبا موحدة، والآن يهمها أن يتم ذلك أيضًا في الشرق الأوسط. ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد في هزيمة الدولة الإسلامية عن طريق تمكين العرب والأتراك وربما الحلفاء الإيرانيين المحتملين من إنهاء خلافاتهم الثانوية، وبناء حضارة جديدة تقوم على الوحدة والدبلوماسية وسيادة القانون والحرية والتجارة والأديان المشتركة بينهم والتراث. وتستطيع فقط السردية الكبرى الجديدة للإقليمية والتسامح الديني والازدهار الملموس أن تهزم أيديولوجية الدولة الإسلامية المتجاوزة للقوميات. ولكن، القوى الإقليمية لا يمكنها تحقيق تلك الرؤية بمفردها؛ حيث يتطلب الشرق الأوسط وجود القوة الأمريكية الناعمة، وليس هجمات الطائرات بدون طيار، لبدء هذا الحوار الجديد.

تنظيم الدولة الإسلامية قوي؛ لأنه يمتلك وضوحًا أيديولوجيًا (على الرغم من كونه إجراميًا) مدعومًا بمجموعة رئيسة من الأشخاص مستعدين للقتال والموت في سبيل قضيتهم. وإذا لم تقم الولايات المتحدة بتشجيع حلفائها في الشرق الأوسط للانضمام معًا وخلق رؤية جديدة لمستقبل المنطقة، فإن تنظيم الدولة الإسلامية سوف ينتج عنه حركات إرهابية جديدة، وهزيمته لن تكون كافية.

جوزيف جوفي: فرض الهيمنة الأمريكية مجددًا

نحن نعرف ما الذي لا تفعله الولايات المتحدة: اللعب من أجل الفوز.

العراق وسوريا الآن هما ساحة المعركة التي سوف تحدد مستقبل الشرق الأوسط، والولايات المتحدة تتظاهر بأن هذا الأمر لا يهم، قائلة ذلك للبريطانيين الذين قاتلوا تركيا وألمانيا النازية من أجل السيطرة، ولحقبة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن من أجل الهيمنة، ولبوش الأب الذي نشر 700000 جندي في أوائل التسعينيات لإخراج صدام حسين خارج الكويت لحماية المملكة العربية السعودية. ويعتبر الشرق الأوسط الكبير ومنطقة غرب المحيط الهادئ ساحتي القرن الواحد والعشرين اللتين يجب أن تركز عليهما الصدراة العالمية الأمريكية. ويبدو أوباما متحفزًا للإقلاع عن تلك المنطقة وليس عن العراق فحسب. وعادة ما يتم دحض القوى العظمى بواسطة قوى أعظم  منها، ولكن الانسحاب لصالح الدولة الإسلامية يعتبر حماقة لسبب واحد؛ وهو أن “الحرب غير المتكافئة” تصب في صالح الولايات المتحدة. وعادة ما تكون مثل هذه الحملات صعبة للغاية؛ لأن الإرهاب ليس له معاقل ثابتة، ولكنه عبارة عن وحدات صغيرة تقوم بالكر والفر دون أن تعطي الأسلحة الأمريكية المتطورة الفرصة لتحديد أهدافها. ولكن، الدولة الإسلامية تشبه الجيش الحقيقي الذي يمتلك أسلحة ثقيلة وقواعد عسكرية وسلاسل إمداد، وهي تعمل تحت سماء الشرق الأوسط الصافية؛ مما يمنح القوات الجوية يدًا عليا في هذه العملية، ولا تتطلب وحدات كبيرة على الأرض.

القوى المهيمنة العظمى، كبريطانيا سابقًا، يجب أن تعارض كل من يسعى للحصول على السيطرة. وللأسف، توحي سياسة أوباما بالتراجع، وقد لاحظ منافسو أمريكا، من إيران إلى الصين إلى روسيا، هذا الأمر، ولا يتعلق هذا الأمر بالموقف الأمريكي في العراق فقط، بل في العالم كله.

فرح بانديث: دمج الجيل الجديد من المسلمين

بدلًا من أن نسأل ما الذي يجب علينا القيام به حيال الدولة الإسلامية، يجب أن نسأل سؤالًا آخر: ما الذي يجب أن نفعله حيال التطرف؟

الدولة الإسلامية ما هي إلا أحد أوجه المشكلة الأكبر والأكثر تعقيدًا وتدميرًا. وهزيمة الدولة الإسلامية عسكريًا بدون استئصال الفكر المتطرف يمكنها أن تشعرك بأنك أنجزت شيئًا. ولكن بعد ذلك بفترة وجيزة، سوف تسأل مرة أخرى ما الذي يجب أن نفعله حيال الجماعة التالية التي تتبنى فكرًا متطرفًا. ثم الجماعة التالية التي تليها … ومعظم المحللين يدركون أن الفكر المتطرف قد لعب دورًا في صعود تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنهم يقومون بنسب المجموعة إلى عوامل أخرى مثل فشل الدول في الشرق الأوسط، والصراع السني الشيعي عبر القرون، والتكنولوجيا التي سمحت لرسالة الدولة الاسلامية بالانتشار.

بالتأكيد، نحن نشن حربًا عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهي حرب يجب أن نفوز فيها. ولكن، الدولة الإسلامية لا يمكنها أن تمتلك جيشًا إذا افتقرت إلى المجندين. ويوجد وراء الجيش الفعلي لتنظيم الدولة الإسلامية جيش آخر يحمل نفس الأيديولوجية، ويجب أن تسعى الاستراتيجية الصحيحة لمواجهة كلا الجيشين قبل انتشار الأيديولوجية الكامنة؛ لذا يجب علينا أن نجمع بين القوة العسكرية والفكرية معًا، وأن نقوم بدعمهم على حد سواء، وأن نعطي العناصر الأيديولوجية نفس أهمية العناصر الحركية.

إذا ما ركزنا على الدولة الإسلامية باعتبارها العدو الرئيس، فسوف نلعب لعبة لا نهاية لها. معالجة الفكر المتطرف يمكن أن تصل بنا إلى حل شامل ودائم. ولا ينبغي أن نقلل من أهمية ما يمكننا تحقيقه من خلال تطبيق التكنولوجيا والمعرفة في قطاعات متعددة بما فيها قطاع الأعمال التجارية. كما لا ينبغي أيضًا أن نحط من أهمية كراهية الشباب المسلمين أنفسهم للتطرف. وإذا ما قضيت بعض الوقت في التحدث على أرض الواقع إلى الشباب المسلم في أكثر من 80 دولة، فلن تجد أحدًا أكثر منهم نفورًا من الأيديولوجيات الغريبة عنهم. فهم يطمحون إلى عالم مختلف. ويجب أن نتصرف بناء على ذلك.

بول بيرمان: يجب أن نستعد لصراع طويل

أول ما يجب علينا فعله هو أن نعترف أنه لما يقرب من 20 عامًا حتى الآن، لم نستطع خلالها أن نقدّر القوة الحقيقية للجهاد الإسلامي. وقد أدت ردود أفعالنا غير المناسبة إلى انتشاره حول العالم؛ بداية من شرق إفريقيا في عام 1998 ومرورًا بالتجارب الكبيرة في أفغانستان والعراق ثم ليبيا واليمن وسوريا ونيجيريا، فضلًا عن عدم قدرتنا على منع حملات تجنيد الدولة الإسلامية على أراضينا. ويجب أن نكون قد تعلمنا شيئًا من هذين العقدين.

ويجب على رئيس الولايات المتحدة أن يشرح لأمريكا أننا خلال كل هذه الفترة كنا نشارك في مقاومة التيار الجهادي على فترات مطولة وفي أماكن مختلفة جغرافيًا، ويتطلب التزامنا تجاه العالم وتجاه أنفسنا أن نستمر حملتنا، المتواضعة أحيانًا، وليس دائمًا. وطالما كان الحديث عن إنهاء هذه الحملة بالكامل ضربًا من ضروب الخيال. نحن عالقون، والجميع يعلم ذلك، حتى وإن كان هناك من لا يحبون قول ذلك. والاحتياط أمر جيد، ولكن في ظل هذه الظروف، فإن التخطيط على المدى الطويل هو أفضل ما يمكن أن يعبّر عن الاحتياط. ومستقبل الجهاد لا يمكن التنبؤ به حقًا، والآن يجب أن نكون قد تعلمنا أن النظام العام ينهار في أجزاء معينة من العالم، بينما تتفتح زهور الجهاد على نحو ثابت، ثم يتبعها نزوح السكان ومآس من جميع الأنواع. ويمكننا أن نتنبأ بذلك في بعض المحافظات أو العواصم. ويجب على المحللين السياسيين الأمريكيين أن يتغلبوا على عدم قدرتهم على تقدير طبيعة وعمق وقوة ودور الأيديولوجية الإسلامية. نحن في حاجة إلى رؤية شاملة.

ستيفن كوك: الأمر ليس متعلقًا بنا فقط

النقاش السياسي يمكن أن يكون أكثر جدوى إذا سألنا أنفسنا ما الذي لا يجب أن نفعله تجاه الدولة الإسلامية؟ والمعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية معركة سياسية وعقائدية؛ مما يجعلها تذهب بعيدًا إلى ما وراء الولايات المتحدة. وتنظيم الدولة الإسلامية تنظيم ناجح الآن بسبب سلسلة من الاخفاقات؛ بداية من مشروع العراق في عام 2003 وفشل الجمهوريات العربية وصعود الانتفاضات العربية وتجربة الإخوان المسلمين في السلطة والرؤية السياسية قصيرة الأجل في ليبيا والمواطنة وجاذبية الدين للشباب والنساء. وفي الوقت نفسه، يوجد ملايين العرب والمسلمين الذين لا يريدون أن يعيشوا في أراض تحكمها الدولة الإسلامية. ويجب على صانعي السياسة الأمريكية مقاومة إغراء التدخل في هذا الأمر. وعلى الرغم من ذلك، تتحمل واشنطن مسؤولية مساعدة حلفائها، ولكن هناك مخاطر كبيرة تواجه الفاعلين الإقليميين، كما أن جهود الولايات المتحدة للتأثير على مسارات السياسة في المنطقة من غير المرجح أن تكون ناجحة. وفي أحسن الأحوال، يمكن لواشنطن أن تقنع حلفاءها بعدم القيام بما من شأنه أن يكثف تهديد الدولة الإسلامية لهم، كأن يصبحوا أطرافًا في الصراع في ليبيا أو يقوموا بنشر ميليشيات شيعية في محافظة الأنبار أو تعزيز تيار متطرف آخر لمحاربة الدولة الإسلامية في سوريا.

يمكن للولايات المتحدة أن تخوض معارك أيديولوجية -كما هزم الأمريكيون النازية والشيوعية-، ولكن هذا لا يعني أن لها دورًا مركزيًا في حرب الأفكار مع تنظيم الدولة الإسلامية. لقد كانت الصراعات الكبرى في القرن العشرين تدور حول وجهات نظر عالمية تم إنتاجها في الغرب. وتمتلك الولايات المتحدة قيمًا عالمية، ولكنها ضعيفة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية؛ ليس فقط لأن صانعي السياسة الأمريكية لا يفهمون العالم العربي والإسلامي، ولكن أيضًا بسبب أن الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم بديل مفيد وجذاب للمشروع الديني والسياسي الكبير الذي تقدمه الدولة الإسلامية.

جيمس روبن ومايكل شيهن: المعلومات الاستخباراتية الأكثر، والضربات الجوية الموسعة

يبدو أن الرئيس وفريقه يقدرون الخطر الكبير المحتمل الذي تشكله الدولة الإسلامية. وهذا هو سبب موافقة البيت الأبيض على عودة أفراد من الجيش الأمريكي إلى العراق ،وهو قرار لم يكن سهلًا، وعلى قيادة تحالف لشن الغارات الجوية.

ومع ذلك، فقد أثبتت الأحداث أننا بحاجة إلى المزيد من العمل العسكري. قد لا تشكل الدولة الإسلامية الآن تهديدًا على الأراضي الأمريكية؛ للأنها تركز على العراق وسوريا، ولكن هذا من الممكن أن يتغير  بتحول داعش إلى منظمة إرهابية عالمية. وقد وفرت الأراضي الشاسعة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق ملاذات آمنة للهرب، تشبه ما قام به أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في أفغانستان، مما مكنهم من التدريب والتخطيط والتنظيم مع قليل من تدخل وكالات الاستخبارات لدينا. وبالنسبة للولايات المتحدة يجب ان يكون هذا وضعًا غير مقبول.

ولذلك؛ ينبغي أن نتحرك فورًا لنضمن أن الدولة الإسلامية تواجه ضغطًا عسكريًا متواصلًا وأكثر فتكًا وأشبه بما واجهه بن لادن في غرب باكستان. ويجب أن يستمر الضغط العسكري لأجل غير مسمى، أو على الأقل حتى يتم تقليل خطر التنظيم بشكل كبير. ولكن لسوء الحظ، ما يحدث الآن هو العكس؛ إذ يتوسع تنظيم الدولة الإسلامية بشكل مستمر وأكثر خطورة.

كما ينبغي أن نطور معلومات استخباراتية أكثر حول تدمير الأهداف الاستراتيجية لتنظيم الدولة الإسلامية في مناطق واسعة يسيطرون عليها الآن. ويجب أن تشمل هذه الأهداف مراكز القيادة والمنازل الآمنة الرئيسة ومناطق التدريب. وهذه مهمة استخباراتية تتطلب المزيد من المخاطرة.

كنعان مكية: حفظ نظام سيادة الدولة في الشرق الأوسط

يجب تكثيف مكافحة الدولة الإسلامية من خلال الغارات الجوية، وجلب المزيد من القوات الخاصة في عمليات محدودة على الأرض، والتنسيق مع الجيوش العربية وخاصة الجيش الأردني وقواته الخاصة، وإجراء عمليات مشتركة على الأرض لمهاجمة مواقع التنظيم إذا أمكن، وتعميم مثل هذه العمليات المشتركة.

والأهم مما سبق، هو القيام بدعوة لمبادرة دبلوماسية كبيرة مع رؤساء الدول العربية ذوي الصلة بجانب تركيا وإيران يكون الهدف منها التأكيد على حدود دول الشرق الأوسط التي تم إنشاؤها بعد الحرب العالمية الأولى. وإذا ما كان لهذه الحدود أن تتغير، فيجب أن يتم ذلك وفقًا لقواعد يتم إقراراها في هذه المبادرة. ويجب أن تتضمن تلك القواعد الاستفتاءات على الانفصال السلمي لأي من الدول المشاركة (العراق على سبيل المثال ومحافظاتها الكردية). والانفصال ليس أمرًا مرغوبًا فيه، ولا يجب أن تسعى إليه الدول المشاركة، ولكن إذا ما كان ضروريًا فيجب أن تكون نقطة البداية متناسقة مع نظام سيادة الدولة، والذي يواجه تهديدات الآن من اتجاهات عديدة. وقد خاضت الولايات المتحدة حربًا في عام 1991 لاستعادة نظام سيادة الدولة الذي تم انتهاكه بشكل فاضح من قبل صدام حسين عندما قام بغزو الكويت. ويتمثل خط دفاع العالم الأول -والعالم كله هو الذي يتعرض للهجوم- في دعم تلك الدول، وبدون هذا الدعم، سوف يصبح الشرق الأوسط كله خارج نطاق السيطرة.

شادي حامد: وقف البحث عن مكاسب سريعة

منذ بداية الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، قدمت إدارة أوباما حتى الآن ما يمكن وصفه باستراتيجية الاحتواء. وهذا جيد بقدر ما يحققه من منجزات. ولكن، إذا كان الهدف هو هزيمة الدولة الإسلامية (وليس تدميرها؛ إذ يبدو هذا مستحيلًا على الأرجح)، فلا زال هناك عدم تطابق بين الغايات والوسائل؛ إذ إن استراتيجيتنا تجاه الدولة الإسلامية يتم توجيهها بحسابات على المدى القصير والرغبة في تحقيق المكاسب السريعة، دون الاعتراف بأن تلك المكاسب السريعة ليست مستمرة.

كما يجب على استراتيجية الولايات المتحدة أن تعالج أوجه القصور الموجودة في الحكم، ليس فقط في سوريا والعراق، ولكن أيضًا في اليمن وليبيا وحتى في الدول الأكثر “استقرارًا” مثل مصر؛ إذ إن إغلاق المجال العام الديمقراطي، وتهميش المعارضة السلمية، وعدم وجود تصور حقيقي عن المواطنة، تعد جميعًا وقودًا للتطرف. وقد جعل الفشل السياسي وفعالية استخدام القوة الغاشمة من قبل الحكومات رسالة الدولة الإسلامية أكثر جاذبية. وبالنسبة لصناع القرار الذين يتعاملون مع الضغوط اليومية لمختلف أزمات الشرق الأوسط، فإن التصرف على المدى القصير دائمًا ما تكون له الأسبقية. ولكن، هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك توازن أفضل بين التصرف على المدى الطويل والتصرف على المدى القصير.

افرايم هليفي (رئيس الموساد السابق): نسيان الاستراتيجية الكبرى الواحدة، وعناق استراتيجية المتناقضات

تعم حالة من الفوضى الآن الشرق الأوسط، ويتهاوى النظام الإقليمي الذي تم وضعه من قبل القوى العظمى في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وتسيطر الجهات الفاعلة من غير الدول على أجزاء كبيرة من الدول الرسمية المعترف بها (حركة حماس في قطاع غزة، حزب الله في لبنان، الإرهابيون الإسلاميون في سيناء مصر، الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى في سوريا والعراق، وهذا على سبيل المثال لا الحصر). ويطمح اثنتان من هذه الجهات الفاعلة من غير الدول -تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية- إلى السيطرة على العالم، كما تشارك طهران في نفس الوقت في محاولة السيطرة على الشرق الأوسط والمجتمعات الشيعية المتنامية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما تمضي إيران أيضًا في تطوير صواريخ بالستية يمكنها أن تصل إلى أمريكا الشمالية.

وأحد أساليب التعامل مع هذه المشاكل هو أن تقوم الولايات المتحدة بتحديد الدول التي يمكن أن تكون حلفاء آمنين ودائمين، وهذه الدول، في الوقت الراهن، هي: السعودية، ومصر، والأردن، وإسرائيل. ويمكن لدول الخليج وتركيا أن يكونوا بمثابة حلفاء أيضًا. وفي الوقت نفسه يجب وقف إيران عن مواصلة القتال في سوريا والعراق.

لا توجد استراتيجية كبرى يمكنها التعامل مع سلسلة كاملة من التهديدات المحلية. وبدلًا من ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تكون واقعية. ويجب عليها أن تعرف أن الظروف غير المستقرة تخلق مصالح مؤقتة، وهذه يمكن استخدامها كميزة جيدة لفترات محدودة؛ وبالتالي يجب تقديم الدعم على المدى القصير لوحدات حزب الله التي تقاتل الدولة الإسلامية في شمال سوريا، وحجب نفس المساعدات عن وحدات حزب الله التي تقاتل في جنوب البلاد. يجب أن تدعم السياسة الأمريكية أقل الخطرين ضد الخطر الأكبر.

لاري دايموند: التهكم، وسائل التواصل الاجتماعي، المكتبات، وغيرهم..

نحن في صراع أجيال مع الإرهاب الإسلامي المتطرف، وما الدولة الإسلامية سوى النسخة الأخيرة والأكثر ديناميكية من هذا الإرهاب. وبخلاف المعلومات الاستخباراتية، والحملات العسكرية، نحن بحاجة إلى حملة أيديولوجية وسياسية فعالة تتضمن الأبعاد التالية:

أولًا: فهم مشاعر خيبة الأمل السياسية والاجتماعية (مثل التهميش الاجتماعي والاغتراب السياسي ونقص الفرص الاقتصادية) التي توفر بيئة خصبة لتنظيم الدولة الإسلامية.

ثانيًا: نحن بحاجة إلى تبني استراتيجية طويلة المدى لتعزيز النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والإصلاح السياسي في العالم العربي؛ حيث إن الحكام القمعيين والفاسدين مثل الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر يعدون رهانًا ضعيفًا على المدى الطويل في الشراكة للقضاء على التطرف الإسلامي العنيف؛ حيث لا يمكن لمثل هذه الأنظمة أن توفر صوتًا سياسيًا وكرامة إنسانية وتفكيرًا نقديًا وفرص عمل مجدية، والأمل في مستقبل أفضل أمر ضروري لمواجهة التطرف. فإذا كان الرد الوحيد على المعارضة الإسلامية حتى وإن كانت معتدلة هو القمع العنيف، فسوف يدفع ذلك الكثير من هؤلاء إلى أن يسلكوا طريق المقاومة العنيفة.

ثالثًا: يجب استخدام كل الخيارات المتاحة لمكافحة السرديات المضادة للديمقراطية. وبعض هذه الجهود يمكن بناؤها على تعبيرات دينية متسامحة ومعتدلة، والبعض الآخر يمكن أن يكون بتعبيرات علمانية لطيفة أو حتى متشددة لفضح نفاق وشر الدولة الإسلامية من خلال الفكاهة والسخرية والمنطق. ووسائل التواصل الاجتماعي هي منصة مثالية وإبداعية لمكافحة دعاية الدولة الإسلامية.

كما يمكننا أيضًا إنشاء مكتبات مجانية عبر الإنترنت لمختلف الأعمال الفلسفية والعلمية والشعبية حول الديمقراطية. ونجعل ذلك متاحًا بلغات المجتمعات الإسلامية سواء العربية أو الفارسية أو التركية او الأردوية أو البشتوية.

وبعبارة أخرى، نحن بحاجة إلى شن حرب أفكار على تنظيم الدولة الإسلامية من أجل الديمقراطية. وقد كان هذا مفتاحًا للفوز في الحرب الباردة، وسوف يكون مهمًا أيضًا لهزيمة جميع أشكال التطرف الإسلامي العنيف.

مايكل والزر: البقاء في الخارج

ربما لا يكون هناك شيء متاح لنا لكي نقوم به. ولكن ربما نقوم بتوفير دعم كبير للأكراد، وتعزيز النظام الأردني، ومحاولة منع وقوع مذابح للأقليات الدينية (كما فعلنا في حالة الإيزيديين)، ولكن يجب أن نتجنب أي تدخل عسكري آخر.

يجب علينا فقط أن نترك ما يحدث بالفعل أن يحدث، وهو ما لا نستطيع أن نمنعه بأي حال من الأحوال.

تشارلز لستر: نظهر للسنّة أننا نهتم بالأمر

لا يمكن للولايات المتحدة أن “تعرقل” الدولة الإسلامية فضلًا عن أن تهزمها بمفردها عن طريق الوسائل العسكرية فقط. وبدلًا من ذلك، ينبغي أن تركز بشكل أكبر على الحد من الفشل السياسي والاجتماعي في العراق وسوريا، وتسعى الدولة الإسلامية للحفاظ على هذا الفشل لكي تبقى على قيد الحياة في الأجل الطويل. فبالإضافة إلى صورتها الواضحة على مستوى العالم، تسعى الدولة الإسلامية إلى تقديم نفسها على المستوى المحلي كمدافع وحيد عن المجتمعات السنية المقموعة. حيث استطاعت الدولة الإسلامية أن تنمو وسط الانقسامات الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي في المجتمعات السنية. وفي العراق أدت السياسات الطائفية لنوري المالكي إلى انهيار شبه كامل للعلاقات السنية الشيعية؛ مما عزز من موقف تنظيم الدولة الآن. وفي سوريا، لاتزال وحشية نظام بشار الأسد غير العادية إحدى أدوات الاستقطاب الفعالة التي توظفها الدولة الإسلامية. وقد فشلت الولايات المتحدة في التصدي الحازم لنظام الأسد مما يخدم الرؤية الجهادية بأن الغرب لا يعبأ كثيرًا بالعالم الإسلامي السني؛ لذا يجب على الولايات المتحدة أن تدعم الأصوات السنية ذات المصداقية التي تدعو إلى الوحدة القومية كخطوة أولى.

هيثر هورلبرت: إيجاد رؤية في عام 2016

في وقت مبكر من هذا الأسبوع، تم انتقاد الرئيس أوباما لقوله إن الولايات المتحدة لا تمتلك “استراتيجية كاملة” ضد الدولة الإسلامية. ثم ذهب الرئيس بعد ذلك لتوضيح أن القصد هو استراتيجية لتدريب جنود الجيش العراقي. ولكن، يبدو أن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد في الصراع الذي لا يمتلك أهدافًا طويلة الأجل.

فالحكومة العراقية التي يقودها الشيعة لديها استراتيجية، وهي استجداء المساعدات الخارجية لمخاربة الدولة الإسلامية. والأكراد لديهم استراتيجية وهي منع تقدم الدولة الإسلامية واستعادة الأرض وليس بالضرورة بالتنسيق مع بغداد. وإيران لديها استراتيجية لمواصلة نفوذها في سوريا ولبنان مع وجود حكومة صديقة في بغداد لمواجهة سنة الخليج. وحكومة حزب التنمية والعدالة لديها استراتيجية وهي استخدام الإسلام كعامل لإعادة بناء وتوسيع نفوذ أنقرة. وبشار الأسد لديه استراتيجية وهي التأكد من عدم صعود قوة يمكنها إلحاق الهزيمة به، وخلق انطباع بأن كل ما سوف يأتي بعد رحيله سيكون أسوأ. والسعوديون لديهم استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على نظامهم وتعظيم سلطتهم. وكذلك إسرائيل وبوتين لدى كل منهما استراتيجية. وأخيرًا الدولة الإسلامية لديها أيضًا استراتيجية، وكذلك الأجيال القادمة من الجهات الفاعلة من غير الدول.

ونحن هنا في الولايات المتحدة بحاجة إلى طرح أسئلة من شأنها أن تؤدي إلى صياغة استراتيجية؛ مثل: ما هي مصلحتنا في قتال الدولة الإسلامية؟ وكم -من الدولار والأرواح- سوف تكلفنا عملية الدفاع عن تلك المصالح؟ ولحسن الحظ، فنحن نستعد لانتخابات رئاسية مقبلة؛ ولذا يجب طرح هذه الأسئلة الكبيرة حول رؤية السياسة الخارجية الأمريكية بجانب مناقشة الاستراتيجية العسكرية.

التقرير