بعد نحو 3 أشهر من الهدوء النسبي الذي ساد على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل، عادت الحدود للاشتعال بأدوات مسيرة العودة وكسر الحصار.
المجموعات الشبابية، التي تُطلق على نفسها اسم “وحدة الإرباك الليلي”، عادت لإشغال قوات الجيش الإسرائيلي المتمركز على الجانب الآخر من السياج الأمني شرقي القطاع بأدواتها السلمية.
كما أعلنت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار (مكوّنة من الفصائل الفلسطينية)، الإثنين، عن عودة الحراك البحري الذي ينطلق قرب الحدود البحرية لشمالي قطاع غزة.
يأتي ذلك بالتزامن مع وجود وفد حركة “حماس” الذي يترأسه زعيم الحركة إسماعيل هنية، في القاهرة، التي وصلها بداية الأسبوع الماضي تزامنا مع وصول وفد من الجهاد الإسلامي برئاسة الأمين العام للحركة زياد النخالة، لاستكمال مباحثات تفاهمات التهدئة مع إسرائيل.
ولا زال الغموض يكتنف تلك المباحثات، ولم يصدر عن أي جهة تصريحات رسمية حول ما آلت إليه تفاهمات التهدئة.
لكن محللا سياسيا فلسطينيا يعتقد أن تصعيد أدوات مسيرة العودة الحدودية يشي بأن “التفاهمات لا تسير بالشكل المطلوب، وأن الفصائل تمارس ضغوطا على إسرائيل لإلزامها بالتفاهمات”.
فيما يؤكد الراعي المصري، حسب خضر حبيب، القيادي في حركة “الجهاد الإسلامي”، على ضرورة الالتزام بالتفاهمات.
تصعيد الأدوات
وقال حبيب، وهو أيضا عضو هيئة مسيرات العودة: “لا يوجد أي جديد في موضوع تفاهمات التهدئة، والراعي المصري يؤكد على ضرورة الالتزام بها”.
وأضاف: “الطرف الفلسطيني يلتزم بالتفاهمات لكن الطرف الإسرائيلي غالبا لا يلتزم بها”.
وشدد حبيب على أن هيئة المسيرات لا تعتبر تفاهمات التهدئة بديلة “عن مطلب كسر الحصار عن قطاع غزة”.
وتابع: “الحصار المفروض للعام الـ12 على التوالي يجب أن يُكسر لكي يحيا الشعب الفلسطيني حياة كريمة”.
وأوضح حبيب أن وتيرة مسيرات العودة من صعود وهبوط ترتبط بشكل مباشر بالتزام الطرف الإسرائيلي بتفاهمات التهدئة.
وقال في ذلك الصدد: “نحن أحيانا نخفض الوتيرة وأحيانا نصعّد وذلك بناء على التزام العدو (إسرائيل) وعدم استجابته لمطالب الشعب الفلسطيني”.
وشدد على أنه في ظل عدم استجابة الطرف الإسرائيلي للمطالب الفلسطينية، عادت فعاليات مسيرة العودة كـ”الإرباك الليلي” و”المسيرة البحرية” للعمل مُجددا.
وأكد حبيب، في السياق، أن كافة الأدوات التي سيتم استخدامها في مسيرات العودة تندرج تحت إطار “المقاومة السلمية”.
الإرباك الليلي
وعادت وحدة “الإرباك الليلي” للعمل بعد نحو 3 أشهر من الهدوء النسبي على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل؛ لإفساح المجال أمام الجهود المصرية والأممية التي رعت تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
وكانت تلك الوحدة بدأت بالعمل ليلا فقط، ضمن مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية، نهاية أغسطس/ آب 2018، قبل أن تتوقف وبشكل تدريجي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
محمد الطيّار، منسق وحدة “الإرباك الليلي”، في محافظة وسط قطاع غزة، يقول: “بالأمس عادت الوحدة للعمل بشكل دوري على طول حدود قطاع غزة، وذلك للضغط على إسرائيل حتّى تلتزم بالتفاهمات وتحقيق المطالب الفلسطينية”.
وتابع: “على أن يكون يوم الأحد لمنطقة شمالي قطاع، والإثنين لمنطقة ملكة شرقي مدينة غزة، والثلاثاء لحدود المنطقة الوسطى، أما الأربعاء والخميس فللحدود الجنوبية”.
وبيّن الطيّار أن أدوات المقاومة التي ستستخدمها وحدة “الإرباك الليلي” ستكون في إطار “الأدوات السلمية”.
ومن تلك الأدوات، وفق الطيّار، “مكبّرات الصوت، وصافرات الإنذار، وإشعال إطارات المركبات المطاطية المستعملة (الكوشوك)، واستخدام قنابل الصوت، إلى جانب الشعل النارية، والكشافات المُضيئة”.
وأكد الطيّار أنه سيتم عودة أدوات المقاومة السلمية بشكل تدريجي حسب “متطلبات الميدان”.
وشدد على أن وحدة الإرباك الليلي ستستمر في عملها حتّى تحقيق المطالب الفلسطينية من “فك للحصار، وفتح للمعابر للأفراد والبضائع، وتحسين الحياة المعيشية بغزة”.
ضغوط فلسطينية
ويشي تصعيد أدوات مسيرة العودة وكسر الحصار من عودة فعاليات وحدة الإرباك الليلي، والمسيرة البحرية، بأن هناك ضغوطا تحاول الفصائل الفلسطينية ممارستها على إسرائيل فيما يتعلق بتفاهمات التهدئة، حسب مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني.
ويعتقد أن ذلك ربما نتج عن “عدم استجابة إسرائيل للمطالب الفلسطينية التي تقدّمت بها الفصائل سواء عبر مصر أو قطر أو الأمم المتحدة، وأن تفاهمات التهدئة لا تسير بالشكل المطلوب”.
وأوضح إبراهيم أن ما جرى من تحسينات على الصعيد الاقتصادي كان محاولة لـ”التخفيف من الأوضاع المعيشية الصعبة وليس رفعا للحصار كما تطالب الفصائل الفلسطينية”.
لذا تحاول الفصائل إيصال رسالة لإسرائيل أنه “إذا قمتم بتعطيل التفاهمات ولم تلتزموا بها سنعمل على تصعيد مسيرات العودة”.
وعن توقعاته لمصير تفاهمات التهدئة، قال إبراهيم إن التفاهمات يكتنفها الغموض ولا يوجد معلومات حقيقية ووافية عن ما يحصل في القاهرة؛ معربا عن آماله في نجاح تلك التفاهمات بكسر الحصار وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وتقود مصر والأمم المتحدة وقطر، مشاورات منذ عدة أشهر، للتوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية بغزة وإسرائيل، تستند على تخفيف الحصار المفروض على القطاع، مقابل وقف الاحتجاجات التي ينظمها الفلسطينيون قرب الحدود مع إسرائيل.
ومنذ نهاية مارس/ آذار 2018، يشارك فلسطينيون، في المسيرات السلمية التي تُنظم قرب السياج الفاصل بين شرقي غزة وإسرائيل.
ويطالب المشاركون في المسيرات الأسبوعية بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، ورفع الحصار عن القطاع.
فيما يقمع جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بعنف؛ ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة الآلاف بجروح مختلفة.
القدس العربي