عني مصطلح الشرق الأوسط اليوم أي شيء يشير إلى الدول ذات الأغلبية المسلمة التي تقع غرب أفغانستان وعلى طول الساحل الشمالي الإفريقي، والمنطقة ذات أغلبية مسلمة وعربية باستثناء تركيا وإيران صنع البريطانيون كيانات سياسية بنموذج الدول القومية الأوروبية، فقد جعلوا من الجزيرة العربية؛ التي كانت تسكنها قبائل تُشكِّل مجموعة تحالفات، السعودية وهي دولة يُنسَب اسمها إلى آل سعود. كما صنع البريطانيون العراق وشكَّلوا مصر لتصبح دولة مَلَكية موحَّدة. وجعلت كلٌّ من تركيا وإيران من نفسيهما دولةً قوميةً علمانيةً بصورةٍ مستقلة عن البريطانيين.
حدَّد ذلك خطَّي صدع للشرق الأوسط، الأول بين العلمانية الأوروبية والإسلام. وسرَّعَت الحرب الباردة من تشكيل هذا الخط عندما أقحم السوفييت أنفسهم بعمقٍ في المنطقة. كان جزءٌ من المنطقة علمانيًّا اشتراكيًّا مُتمحورًا حول الجيش، مؤيِّدًا للسوفييت – خاصةً الأجزاء العربيَّة-، والجزء الآخر؛ ومركزه الجزيرة العربية، إسلاميًّا تقليديًّا ومَلَكيًّا، ومؤيِّدًا للغرب بصورةٍ عامة. كان الأمر مُعقَّدًا أكثر من ذلك بالطبع، ولكن تمنحنا هذه التفرقة إطارًا معقولًا.
كان خط الصدع الثاني بين الدول التي أُنشِئَت وواقع المنطقة الأساسي. كانت الدول في أوروبا عمومًا تمتثل لتعريف الأمم في القرن العشرين، أمَّا الدول التي صنعها الأوروبيون في الشرق الأوسط فلم تفعل. كان هناك مستوى سُفلي ومستوى عُلوي، في المستوى السُفلي كانت هناك القبائل والعشائر والجماعات العرقية التي لم تُشكِّل فقط الدول المُستحدَثة، وإنما كانت كذلك تفصل بينها الحدود. وكان المستوى العُلوي المجموعات الدينية الموالية للإسلام ولحركات الإسلام الكُبرى؛ الشيعية والسُنية، التي صبغت الولاء بصبغةٍ عبر قومية. أضِف إلى هذا حركة القومية العربية التي بادر بها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، الذي قال إنَّه على الدول العربية أن تتوحَّد في أمَّةٍ عربيةٍ واحدةٍ.
ينبغي أن تبدأ أي محاولة لفهم الشرق الأوسط بخلق جغرافيا سياسية جديدة بعد الحرب العالمية الأولى، والتي تشابكت مع وقوعٍ سياسية واجتماعية مختلفة جدًّا، وكانت محاولة للحدّ من سُلطة الجماعات العرقية والإقليمية الأوسع. كان الحل الذي انتهجته عدة دول احتضان العلمانية أو التقليدية، واستخدامهما أدوات لإدارة كلٍّ من التجمُّعات الثانوية والمطالبات بالإذعان على نطاقٍ أوسع. كانت إسرائيل نقطة التوحُّد التي عارضها الجميع، ولكن حتى في هذه النقطة كان الوهم يزيد عن الواقع، فالدول الاشتراكية العلمانية مثل مصر وسوريا كانت تعارض إسرائيل بفعالية، بينما رأت الدول المَلَكية التقليدية التي تشعر بالخطر من ناحية الاشتراكيين العلمانيين في إسرائيل حليفًا.
توابع انهيار السوفييت
عد سقوط الاتحاد السوفيتي وما نتج عنه من انهيار دعم الدول الاشتراكية العلمانية، اندفعت قوة المَلَكيِّين التقليديين. لم يكُن الأمر ببساطة مسألة أموال، برغم امتلاك هذه الدول لها بالفعل، كان الأمر كذلك مسألة قِيَم. فقدت الحركة العلمانية الاشتراكية دعمها ومصداقيتها، وفقدت الحركات القائمة على العلمانية الاشتراكية -والدعم السوفيتي- مثل حركة فتح قوتها بالنسبة إلى مجموعات ناشئة كانت تعتنق الأيديولوجية الوحيدة الباقية؛ وهي الإسلام. كانت هناك تيارات متقاطعة هائلة في أثناء هذه المرحلة، ولكن من الجدير بالذكر أنَّ العديد من الدول العلمانية الاشتراكية التي كانت واعدة ظلَّت باقية، وإن كان ذلك دون وعدٍ بعالمٍ جديد. ظلَّ الحكام مثل حسني مبارك رئيس مصر وبشار الأسد رئيس سوريا وصدام حسين رئيس العراق في أماكنهم، بينما أصبحت الحركة التي كانت واعدة يومًا ما رغم فساد قادتها ببساطة فاسدة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
نشَّط انهيار الاتحاد السوفيتي الإسلام، لأن المجاهدين هزموا السوفييت في أفغانستان، ولأن بديل الإسلام كان مُنهارًا. والأكثر من ذلك، أنَّ الغزو العراقي للكويت حدث بالتوازي مع آخر أيام الاتحاد السوفيتي، وكانت الدولتان من بقايا الدبلوماسية البريطانية، وبعد خلافة الولايات المتحدة لبريطانيا في المنطقة، تدخَّلَت لحماية صنيعة بريطانية أخرى -السعودية- ولتحرير الكويت من العراق. كان هذا ضروريًّا لحفظ توازن المنطقة من وجهة النظر الغربية. بدت «عاصفة الصحراء» عملية بسيطة ومعقولة تجمع بين التحالف المناهض للسوفييت، وبين الدول العربية.
بدأت الجماعات الثانوية في المنطقة ترى الأنظمة القائمة قوية ولكن غير شرعية. كما ظهرت ثانيةً فكرة بعث الوحدة الإسلامية بسبب أحداث أفغانستان. كانت هناك ثلاث مشكلات؛ الأولى أنَّ الراديكاليين كانوا بحاجةٍ إلى وضع الوحدة الإسلامية في سياقٍ تاريخي، وكان السياق هو الخلافة عبر القومية، أي كيان سياسي واحد يلغي الدول القائمة وينظِم الواقع السياسي إلى الإسلام. وعاد الراديكاليون بالتاريخ إلى الحملات الصليبية لإيجاد سياقٍ تاريخي، وأصبحت الولايات المتحدة -باعتبارها القوة المسيحية الكبرى بعد حملتها الصليبية على الكويت- الهدف. والثانية أنَّ الإسلاميين الوحدويين كانوا بحاجةٍ إلى إثبات أنَّ الولايات المتحدة ضعيفة وعدوة للإسلام. والثالثة أنَّهم كان عليهم استخدام المجموعات الثانوية في مختلف الدول لبناء تحالفات للإطاحة بما يرونه أنظمة مُسلِمة فاسدة، في كلٍّ من العالم العلماني والتقليدي.
كانت النتيجةُ القاعدةَ وحَمْلتها لإجبار الولايات المتحدة على إطلاق حملة صليبية في العالم الإسلامي، أرادت القاعدة فعل ذلك عن طريق القيام بأفعالٍ تُثبت الضعف الأمريكي وتُرغم الولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات. وستُشعِل الإجراءات الأمريكية بدورها انتفاضات ضد الدول المُسلِمة المنافقة والفاسدة وتُنحِّي الحدود المفروضة من قبل الأوروبيين جانبًا وتُمهِّد الطريق للانتفاضات.
أدَّى ذلك إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر. بدا وكأنَّ العملية قد فشلت على المدى القريب، فالولايات المتحدة قد ردَّت ردًّا هائلًا على الهجمات، ولكن لم تقُم انتفاضة في المنطقة، ولم تُسقَط أنظمة، وتعاون الكثير من الأنظمة المُسلِمة مع الأمريكيين. كان الأمريكيون في ذلك الوقت قادرين على شنِّ حربٍ عنيفةٍ ضد القاعدة وحلفائها في طالبان. نجحت الولايات المتحدة في المرحلة الأولى، ولكن في المرحلة التالية تورَّطت، بسبب رغبتها في إعادة تشكيل العراق وأفغانستان -ودولٍ أخرى- داخليًّا، في الصراعات الثانوية.
خلق الأمريكيون خلال محاولتهم تدمير القاعدة مشكلةً أكبر تتكون من ثلاثة أجزاء؛ أولًا: أطلقوا العنان للجماعات الثانوية. وثانيًا: خلقوا فراغًا حيث قاتلوا ولم يستطيعوا ملأه. وأخيرًا، بعد إضعاف الحكومات وتمكين الجماعات الثانوية، برهنوا على كَون الخلافة هي البنية الوحيدة التي يمكنها حُكم العالم الإسلامي بفعالية والأساس الوحيد لمقاومة الولايات المتحدة وحلفائها.
اعتُبِر الربيع العربي خطأً ثورةً ديمقراطية ليبرالية مثل ثورات 1989 في أوروبا الشرقية. ولكنَّها كانت ثورة حركة وحدوية إسلامية أكثر من أي شيءٍ آخر، وفشلت بدرجةٍ كبيرةٍ في إسقاط الأنظمة وورَّطت أحدها -سوريا- في حربٍ أهليةٍ مُطوَّلة. لهذا الصراع مُكوِّن ثانوي، وهو طوائف متنوعة منقسمة ضد بعضها البعض ممَّا يمنح الدولة الإسلامية المشتقة من القاعدة مساحةً للمناورة. كما يُقدِّم دافعًا ثانيًا لمثال الخلافة. لم يكُن الإسلاميون الوحدويون يناضلون ضد الحملات الصليبية فقط، ولكنَّهم كانوا أيضًا يحاربون المهرطقين الشيعة -لخدمة الخلافة السُنِّية-. حقَّقَت الدولة الإسلامية النتيجة التي أرادتها القاعدة في 2011، بعد 15 عامًا تقريبًا، بواسطة حركات قادرة على القتال المستمر في سوريا والعراق بالإضافة إلى دولٍ إسلامية أخرى.
إستراتيجية جديدة للولايات المتحدة وتبعاتها
أُجبِرَت الولايات المتحدة في هذا الوقت على تغيير الإستراتيجية، إذ كان الأمريكيون قادرين على زعزعة القاعدة وتدمير الجيش العراقي، ولكن قدرة الولايات المتحدة على احتلال العراق أو أفغانستان وإحلال السلام بهما محدودة. كان العمل مع إحدى المجموعات يُبعِد مجموعة أخرى في محاولة مستمرة للموازنة جعلت القوات الأمريكية ضعيفة أمام طائفة مُتحفِّزة لشنِّ الحرب بسبب دعم الولايات المتحدة لطائفة أخرى.
عندما كانت الحكومة العلمانية في سوريا تواجه مجموعة متنوعة من القوى العلمانية والدينية غير المُتطرِّفة، بالإضافة إلى دولة إسلامية ناشئة، لم يستطِع الأمريكيون تطوير قوى الدولة غير الإسلامية الحزبية لتُصبِح قوة فعَّالة من الناحية الإستراتيجية. كما لم تكُن الولايات المتحدة تستطيع التصالح مع حكومة الأسد بسبب سياساتها القمعية، ولم تكُن قادرة على مواجهة الدولة الإسلامية بالقوى المُتاحة.
حوَّلَت الدولة الإسلامية القتال إلى حربٍ على الهرطقة الشيعية، وعلى الدول القومية المُستقِرَّة. المنطقة مُحاطة بأربع قوى رئيسة هي: إيران، والسعودية، وإسرائيل، وتركيا. تعاملَت كلٌّ منهم مع الموقف بطريقة مختلفة، في كلٍّ من هذه الأمم طوائف داخلية، ولكن رغم ذلك استطاعت كل دولة التصرُّف. ثلاثة منهم قوى غير عربية، والقوة العربية؛ السعودية، هي على الأرجح الأكثر قلقًا بشأن التهديدات الداخلية.
الخطر الذي يواجه إيران هو إمكانية إعادة تكوين الدولة الإسلامية لحكومةٍ فعَّالة في بغداد قد تُهدِّد إيران ثانيةً. ولذا حافظت طهران على دعمها للشيعة العراقيين ولحكومة الأسد، مع محاولة تحجيم قوة الأسد. تُمثِّل الدولة الإسلامية تهديدًا وجوديًّا للسعودية التي اصطفت مع القوى الراديكالية السُنِّية في الماضي. فدعوتها لإقامة حركة إسلامية عبر قومية يمكن أن تعجب السعوديين من مُعتنقي الفكر الوهابي. يخشى السعوديون، إلى جانب بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين، عبر قومية الدولة الإسلامية، ولكن يخشون كذلك القوة الشيعية في العراق وسوريا. تحتاج الرياض إلى احتواء الدولة الإسلامية دون تسليم الأرض للشيعة.
كان الموقف ممتازًا ومُرعِبًا لإسرائيل في الوقت نفسه. لقد كان ممتازًا لأنَّه جعل أعداء إسرائيل يقاتلون بعضهم البعض، لقد دعمَت حكومة الأسد في الماضي حزب الله ضد إسرائيل، وتُمثِّل الدولة الإسلامية تهديدًا طويل المدى لإسرائيل، فطالما تقاتلا، سيتعزَّز أمن إسرائيل. المشكلة أنَّ هناك مَن سيفوز في سوريا في النهاية، وقد يصبح أخطر من أي شيءٍ سبقه، خاصةً إذا انتشرت أيديولوجية الدولة الإسلامية في فلسطين، فالأسد في النهاية أقل خطرًا من الدولة الإسلامية.
والأتراك -أو الحكومة التركية التي عانت من نكسة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة- هم الذين يصعب فهمهم أكثر، فهم عدائيون تجاه حكومة الأسد، لدرجة أنَّهم يرون في الدولة الإسلامية تهديدًا أقل. يمكن تفسير رؤيتهم بطريقتين: الأولى أنَّهم يتوقَّعون هزيمة الدولة الإسلامية على يد الولايات المتحدة في النهاية وقد يُشكِّل التدخُّل في سوريا ضغطًا على النظام السياسي التركي، والثانية أنَّهم قد يكونوا أقلّ رفضًا من الآخرين في المنطقة لفوز الدولة الإسلامية.
دور الدولة الإسلامية في المنطقة
مثِّل الدولة الإسلامية مواصلةً منطقية للقاعدة التي أثارت حِسًّا بالقوة الإسلامية وصوَّرَت الولايات المتحدة بأنَّها تهديد للإسلام. خلَقَت الدولة الإسلامية إطارًا سياسيًّا وعسكريًّا لاستغلال الموقف الذي صنعته القاعدة، لقد كانت عملياتها العسكرية مُدهِشة، تراوحت بين الاستيلاء على الموصل واحتلال الرمادي وتدمر. تُثير مرونة مقاتلي الدولة الإسلامية في أرض المعركة وقدرتهم على التزوُّد بعددٍ كبيرٍ من القوات في القتال التساؤلَ حول كيفية حصولهم على المصادر والتدريب.
ولكن ما زالت كتلة مقاتلي الدولة الإسلامية محصورة داخل قمقمها، فهي مُحاطة بثلاث قوى عدائيَّة ومعضلة. القوى العدائية تتعاون ولكنَّها تتنافس أيضًا، فإسرائيل والسعودية يتحدَّثان، وهذا ليس جديدًا، ولكن هناك حاجة مُلِحَّة من الجانبين لم تكُن موجودة من قبل. والبرنامج النووي الإيراني أقل أهمية للأمريكيين من التعاون مع إيران ضد الدولة الإسلامية. وقد أظهرت السعودية ودول الخليج الأخرى قدرةً جويةً في اليمن قد تُستَخدَم في مكانٍ آخر إذا كانت هناك حاجة لذلك.
من المُحتمَل أن يحتوي القمقمُ الدولةَ الإسلامية طالما استطاعت السعودية الإبقاء على استقرارها السياسي الداخلي، ولكن الدولة الإسلامية قد انتشرت بالفعل إلى خارج القمقم، إذ تعمل في ليبيا على سبيل المثال. يفترض العديدون أنَّ تلك القوى لا تنتسب للدولة الإسلامية سوى اسمًا فقط، ولكن الدولة الإسلامية لا تسلُك سلوك القاعدة، فهي تريد بوضوح إقامة خلافة، ولا يجب غض الطرف عن هذه الأمنية. فهي على الأقل تعمل بنوعٍ من التحكُّم والسيطرة المركزية التي تجعلها أكثر فعاليةً كثيرًا من القوى الأخرى التي رأيناها على المستوى الإستراتيجي.
يبدو أنَّ العلمانية في العالم الإسلامي في انحسارٍ نهائي. هناك مستويان للصراع في ذلك العالم، بالأعلى السُنَّة ضد الشيعة، وفي القاعدة طوائف مُعقَّدة متداخلة. قبِل العالم الغربي أن يرث الهيمنة على المنطقة من العثمانيين ومارسها لقرنٍ تقريبًا، والآن تفتقر القوة الغربية الرائدة للقدرة على إحلال السلام في العالم الإسلامي، فإحلال السلام وسط مليار شخصٍ يفوق قدرة أي شخص. استقت الدولة الإسلامية أيديولوجية القاعدة وتحاول ترسيخها. لدى الأمم المحيطة خيارات محدودة ورغبة محدودة في التعاون، وتفتقر القوة العالمية للمصادر اللازمة لهزيمة الدولة الإسلامية والتحكُّم في التمرُّد الذي سيليها. تُصاب أمم أخرى، مثل روسيا، بالذعر من انتشار الدولة الإسلامية بين سكَّانها من المُسلمين.
من المثير للاهتمام ملاحظة أنَّ سقوط الاتحاد السوفيتي قد مهَّد للأحداث التي نراها الآن، كما أنَّه من المثير للاهتمام ملاحظة أنَّ هزيمة القاعدة الظاهرية قد فتحت الباب أمام خليفتها؛ الدولة الإسلامية. إذًا السؤال الآن هو عمَّا إذا كانت القوى الإقليمية الأربعة تستطيع السيطرة على الدولة الإسلامية وترغب في ذلك. وفي قلب ذلك السؤال يكمُن لغز ما تُفكِّر فيه تركيا، وخاصةً مع تراجع قوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كما يبدو.
ساسه بوست
http://www.realclearworld.com/articles/2015/06/11/assessing_the_fragmentation_of_the_middle_east_111260-4.html