قبل أن يكمل ستة أشهر في منصبه محافظا للبنك المركزي، أعلنت الرئاسة السودانية، الأربعاء، بصورة مفاجئة إعفاء محمد خير الزبير، من مهامه.
وكان الرئيس عمر البشير، قرر في سبتمبر/ أيلول الماضي، تعيين الزبير محافظاً لبنك السودان خلفاً لمساعد محمد أحمد، الذي كان يتولى مهام المحافظ بالإنابة عقب وفاة صاحب المنصب الأسبق حازم محمد أحمد، منتصف العام الماضي.
جلوس الزبير على كرسي المحافظ، لم يكن مريحاً في ظل أزمات اقتصادية مستفحلة كان للبنك المركزي نصيب منها، وفي مقدمتها أزمة شح الأوراق النقدية داخل الأسواق المحلية، والهبوط الكبير للعملة الوطنية أمام النقد الأجنبي.
هذه الأزمات ساهمت وبشكل مباشر في اندلاع احتجاجات شعبية منذ 19 ديسمبر/ كانون أول الماضي، صاحبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط 32 قتيلا، وفق آخر إحصاء حكومي.
في المقابل، حاول الزبير أن يجد حلولاً جذرية لمشاكل الاقتصاد السوداني في جانبها النقدي.
فكانت أولى قراراته إنشاء آلية مستقلة من خارج الحكومة لتحديد سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية تحت مسمى (آلية صناع السوق).
الهدف من الخطوة، تمثل في القضاء تدريجيا على السوق السوداء للعملة المحلية، وإعادة العمليات النقدية الأجنبية إلى القنوات الرسمية (البنوك ومحال الصرافة المرخصة).
بيد أن الآلية تمسكت بسعر صرف واحد منذ إنشائها في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وحددته بسعر 47.5 جنيها للدولار الواحد، في الوقت الذي تصاعدت فيه أسعار الصرف في تداولات الأسواق الموازية (السوداء)، إلى أكثر من 70 جنيها للدولار.
قرارات اقتصادية أخرى في عهد الزبير، تم تنفيذها لمحاولة معالجة شح السيولة في الأسواق السوانية، عبر طباعة فئات جديدة من العملة المحلية وطرحها؛ شملت فئة (100 – 200) جنيها و(500 جنيها) قيد التنفيذ.
إلا أنه وبحسب خبراء اقتصاد، فإن السياسات التي حاول الزبير إنفاذها لمعالجة الوضع الاقتصادي، لم تأت أكلها حيث ما تزال المشاكل قائمة.
السياسات التي حاول الزبير إنفاذها لمعالجة الوضع الاقتصادي، لم تأت أكلها حيث ما تزال المشاكل قائمة
الكاتبة الصحفية المهتمة بالشأن الاقتصادي، سمية سيد، ترى أن الزبير بذل محاولات جادة في معالجة الأزمات التي واجهته، إلا أن سياساته لم تجد الوقت الكافي حتى تظهر نتائجها.
وقالت “سيد” في حديث للأناضول: “من الصعب تقييم سياسات الزبير في الفترة الوجيزة التي تولى فيها مهمة محافظ بنك السودان”.
وترفض الكاتبة، التخبط الذي تمارسه الحكومة السودانية في عمليات الإحلال والإبدال، في الطاقم الاقتصادي، وتعده أحد أزمات الاقتصاد الراهنة.
وأكدت أن حل مشاكل الاقتصاد السوداني لا تكمن في الأشخاص بقدر ما تكون في السياسات والمنهج المتبع، لا سيما وأن الاشخاص تأثيرهم ضعيف على العملية الاقتصادية.
واستشهدت بالارتباك الكبير الذي أصاب سوق العملات الموازية، بعد إعلان إعفاء محمد خير الزبير، وتكليف حسين يحي جنقول، بمهامه.
وتشهد أسواق العملات الموازية (السوداء) بالعاصمة السودانية الخرطوم، تصاعدا لقيمة الدولار أمام الجنيه.
وبلغ سعر شراء الدولار 67 جنيها في تداولات الأحد، مقابل 58 جنيها بعد إعلان البشير لحالة الطوارئ التي منعت تداول العملات خارج القنوات الرسمية.
واعتبرت “سيد” أن الهدف من إعفاء الرجل من منصبه، يكمن في استفحال أزمات شح الأوراق النقدية وارتفاع سعر الصرف بعد القرارات التي نفذها، في ظل استعجال الرئاسة على حلها.
الخبير الاقتصادي، عبدالله الرمادي، يتفق بدوره مع ما أكدته “سيد”، حول أن تغيير الأشخاص لن يساهم في حل المشكلة الاقتصادية المستفحلة بالبلاد.
ولفت الرمادي في حديثه للأناضول، إلى أن محافظ “المركزي” السابق، الزبير، لم يستطع إحداث اختراق في الملف الاقتصادي، لكونه أنه أداره بذات العقلية التي تسببت في الأزمة.
وانتقد “الرمادي” سياسات الزبير فيما يختص بإنشاء آلية “صناع السوق”، واتهمها بأنها السبب في خلق مزيد من تدهور قيمة الجنيه السوداني.
وقال إن “مشكلة أسعار الصرف بالسودان، يكمن حلها الوحيد في وجود حصيلة مليارية حتى يتوفر النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية”.
ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين، والوقود والأوراق النقدية، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية مقابل الدولار الواحد.
(الأناضول)