تعز (اليمن)- وصفت مصادر محليّة في مدينة تعز الوضع القائم في مركز المحافظة الواقعة بجنوب غرب اليمن بأنّه “مخيف وينذر بفوضى أمنية عارمة”، بسبب ما وصفته ذات المصادر بـ”تحرّكات ميليشيا حزب الإصلاح (ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) لإحكام السيطرة بشكل نهائي على المحافظة”.
وربطت المصادر “تصعيد الميليشيا الإخوانية في تعز بقدوم المحافظ الجديد نبيل شمسان إليها موفدا من قبل نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح الأحمر لفرض ترتيبات أمنية جديدة في تعز واضعا تحت تصرّفه القوات الموالية له رغم أنّها محسوبة كجزء من القوات النظامية التابعة للسلطة الشرعية”.
وباشرت تلك القوات بالفعل عمليات ملاحقة لخصوم الإخوان من سياسيين وأيضا من مقاومين مسلّحين مشاركين في مواجهة المتمرّدين الحوثيين.
وسُجّل، الجمعة، توسّع ملحوظ في نطاق الاشتباكات التي كانت قد اندلعت الخميس بين القوات الموالية لحزب الإصلاح، ومسلحين مناوئين انطلاقا من الحي القديم بالمدينة.
وتحدّثت مواقع إخبارية يمنية، عن حدوث حالة من الهلع في المدينة، كون الاشتباكات امتدت إلى أحياء سكنية وأحدثت أضرارا في الدور والمتاجر.
وتستهدف ميليشيا حزب الإصلاح بشكل أساسي كتائب أبي العبّاس باعتبارها العقبة الأكبر في طريق سيطرتها على تعز، لكنّها تستهدف أيضا خصوما آخرين.
وأقدمت الميليشيا خلال الأيام الماضية على إحراق مقرّ لحزب المؤتمر الشعبي العام والتحرّش بمنازل بعض من أعضائه من خلال إطلاق النار باتجاهها، فيما داهمت عناصرها مقرّات تابعة للسلفيين من بينها إذاعة محلّية ناطقة باسمهم ودمّرت محتوياتها.
وعلّق السياسي اليمني نبيل الصوفي على الأحداث الجارية في تعز بالقول “إنّ الحرب ضد أبي العباس لم تتوقف”، ملمّحا إلى وجود تواطؤ داخل صفوف الشرعية اليمنية مع الإخوان في سعيهم لبسط السيطرة على المحافظة.
تستهدف ميليشيا حزب الإصلاح بشكل أساسي كتائب أبي العباس باعتبارها العقبة الأكبر في طريق سيطرتها على تعز
وقال مصدر سياسي يمني، طالبا عدم ذكر اسمه كونه مقيما في تعز، إنّ تحرّك الإخوان للسيطرة على المحافظة جاء مستندا إلى ثلاثة عوامل، أولها دعم مالي قطري قرّرت الدوحة مضاعفته لتسريع خطوات السيطرة على المحافظة، وثانيها الاتفاق مع الحوثيين الذين يحاصرون تعز من جهة الشمال بعدم تعرّض أي طرف للطرف المقابل، وبالتعاون والتنسيق ميدانيا كلّما كان ذلك متاحا.
وقال ذات المصدر إنّ الاتفاق بين الإصلاح والحوثي تجسّد بالفعل ميدانيا في هجوم الميليشيا الحوثية الخميس على مواقع كتائب أبي العباس في منطقة الكدحة بالتزامن مع اقتحام ميليشيا الإصلاح لمواقع الكتائب في المدينة القديمة بتعز.
وأكّد أن قطر غير بعيدة عن حالة التوافق المتزايدة بين الإخوان والحوثيين في اليمن، وذلك في إطار مساعيها لعرقلة جهود التحالف العربي هناك وتعقيد مهمّته.
وبيّن المصدر ذاته أنّ ثالث العوامل التي تساعد حزب الإصلاح على مزيد من الجرأة في محاولته السيطرة على تعز هو وجود غطاء سياسي سميك له داخل السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه محسن الأحمر.
وتقول مصادر إنّ الأحمر طلب من محافظ تعز المقرب من حزب الإصلاح وضع “ترتيبات أمنية جديدة” في المحافظة، سيكون قائد المحور اللواء سمير الحاج مسؤولا عن تنفيذها، تحت مسوغ أن الترتيبات جزء من خطة تحرير ما تبقى من المحافظة. وبدأ الحزب خطته للسيطرة على تعز العام الماضي، وسيطر على أحياء في الجبهة الشرقية تحت شعار مكافحة الإرهابيين والمطلوبين أمنيا.
وكان محافظ تعز الجديد نبيل شمسان قد وصل الأسبوع الماضي إلى المحافظة المُحاصرة للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه قبل شهرين ونصف الشهر، وهو ثالث محافظ يعيّن لتعز منذ بدء الحرب ما يعكس وجود إشكالات وصراعات للسيطرة على المحافظة ذات الثقل السكاني والاقتصادي الكبير.
ويقول شمسان إنّه سيبدأ عمله من حيث انتهى المحافظون السابقون محاولا التنصل من الانحياز لجماعة الإخوان بالقول إنّه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي أو فئة أو جماعة.
وأصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أواخر ديسمبر الماضي قرارا بإقالة محافظ تعز آنذاك، أمين محمود، وتعيين شمسان محافظا لتعز التي تسيطر القوات الحكومية على معظم أجزائها، فيما يسيطر الحوثيون على أطرافها ويفرضون عليها حصارا منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويصف الخصوم السياسيون لجماعة الإخوان ذراعها في اليمن حزب الإصلاح بالانتهازية خصوصا في محاولاته السيطرة على مناطق يمنية لم يشارك عمليا في تحريرها من سيطرة الحوثيين. ومع وجود قوى سياسية في تعز على طرف نقيض من الإخوان وغير مستعدة للاستسلام لهم، تتعالى الأصوات محذّرة من تفجّر الأوضاع في المحافظة.
العرب