يرى كثيرون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ربما يكون تنفس الصعداء إثر الإعلان عن انتهاء تقرير مولر بشأن التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل نحو عامين، بيد أن قرائن عديدة أشارت إلى خلاف ذلك.
ولا يعرف حتى الآن ما إذا كان التقرير الذي استغرق إعداده 22 شهرا يتضمن إدانة أم تبرئة لساحة الرئيس الأميركي، وإن كان يعتقد أن خلاصاته بغض النظر عن طبيعتها ستترك تأثيرا بالغا على نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة وحظوظ الرئيس ترامب في الفوز بها.
واختتم مولر أمس الجمعة التحقيق الذي استمر نحو عامين حول تواطؤ محتمل بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا، إضافة الى احتمال إعاقة ترامب للعدالة، وأرسل تقريرا سريا بالنتائج إلى المدعي العام.
بعيدا عن الأنظار
وفيما يبدو على حالة من التوجس من نتائج التقرير، كشفت شبكة “سي أن أن” الأميركية أن ترامب يوجد الآن في منتجع بام بيتش بفلوريدا محاطا بموظفين أكثر من المعتاد، خصوصا من فريقه القانوني.
وعلى غير عادته في اللجوء إلى تويتر والتغريد بكثافة حول المستجدات والتطورات، لم يعلق ترامب حتى الآن على تسليم تقرير مولر. علما بأنه دأب على نقده بشكل لاذع.
ورغم ذلك لم تظهر حتى الآن مؤشّرات حول ما إذا كانت هناك اتّهامات في التّقرير لترامب أو لأحد أفراد عائلته أو مستشارين سابقين له بالتواطؤ مع روسيا أو إعاقة العدالة، وهما المحوران الرئيسيان للتحقيق الذي خيّم كسحابة سوداء فوق إدارة ترامب منذ أن أعلن عنه عام 2017.
ورحّب البيت الأبيض بتقديم التّقرير الذي طال انتظاره، وسعى لإعطاء نوع من عدم المبالاة لنتائجه.
وقالت المتحدّثة باسمه سارة ساندرز “الخطوات التالية تعود إلى المدّعي العام (بار) ونحن نتطلّع إلى أن تأخذ العمليّة مجراها. البيت الأبيض لم يتلقّ تقرير المحقق الخاص أو يتم إطلاعه عليه”.
لا اتهامات جديدة
وبينما يلف الغموض نتائج تحقيقات مولر حتى الآن، أفادت وسائل إعلام أميركية أن مولر لن يوصي باتهام المزيد من الأشخاص في تحقيقه حول التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية عام 2016، بعد تقديمه تقريره.
وقال مسؤول رفيع بوزارة العدل لوسائل الإعلام إنه بعد توجيه اتهامات إلى 34 شخصا -بينهم ستة من مساعدي الرئيس السابقين- فإن فريق مولر لا يتوقع توجيه اتهامات جديدة.
مصير التقرير
وفي الوقت الذي يهاجم ترامب مضمون التقرير ويستبشر بعض أنصاره بانتهائه، طالبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر -في بيان مشترك تلاه شومر- بنشر تقرير مولر وعدم إطلاع ترامب عليه مسبّقا.
وأضاف البيان أن تحقيقات مولر ركزت على الأسئلة التي تتعلق بنزاهة الديمقراطية الأميركية، وعلى ما إذا كانت قوى أجنبية قد تدخلت بشكل كبير في الانتخابات.
واعتبر السناتور بوب مينينديز عدم نشر تقرير مولر دافعا لتساؤل الكونغرس والأميركيين عن الشيء الذي يراد إخفاؤه.
وكتب بيرني ساندرز على تويتر “أدعو إدارة ترامب لإصدار تقرير مولر بالكامل في أقرب وقت ممكن، (فـ) لا أحد، بمن فيهم الرئيس، فوق القانون”.
وبالتوازي مع مطالب نشر التقرير، دعا رودي جولياني المحامي الخاص للرئيس إلى السماح بإلقاء نظرة على نتائج تحقيق مولر قبل نشرها على الملأ.
ولكن وزير العدل لم يكشف حتى الآن ما إذا كان سينشر التقرير أم لا، واكتفى بالقول إنه قد يرسل ملخّصاً بالنتائج إلى الكونغرس خلال عطلة نهاية الأسبوع المقبلة.
مطاردة الساحرات
وقد دأب ترامب على مهاجمة تحقيقات مولر، ووصفها مرارا بأنها تشبه “عملية مطاردة الساحرات” في القرون الوسطى.
وزعم أن الناس لن يتقبلوا أن “يعين شخص ليكتب تقريرا عني يحدد مصير رئاستي. لقد خضنا في مثل هذا الهراء على مدى أكثر من سنتين. هراء لأنه لا تواطؤ مع روسيا ولا عرقلة لسير العدالة”.
وأكد أكثر من مرة أنه يجب ألا يخضع أي رئيس أميركي لتحقيق كتحقيق مولر مرة أخرى. وسبق له أن وصف التحقيق بغير القانوني وأن التواطؤ مع روسيا ليس سوى ذريعة استعملها الديمقراطيون لتبرير خسارتهم بالانتخابات التي كانوا يعتقدون أنهم سيفوزون بها.
وهاجم الرئيسُ المحققَ (مولر) شخصيا أكثر من مرة، وقال إنه “مدع مشوش تحول إلى مخادع. إعلام الأخبار الزائفة يصوره قديسا في حين أنه في واقع الأمر عكس ذلك تماما”.
المصدر : الجزيرة + وكالات