حلم خلافة داعش ينتهي عند شمال سوريا

حلم خلافة داعش ينتهي عند شمال سوريا

تحتفل قوات سوريا الديمقراطية ومعها قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ العام 2014 بفوزها العسكري على التنظيم المتشدد بعد استعادة بلدة الباغوز في شمال شرق سوريا آخر المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش، لكن الوعي بأن تهديدات الجهاديين ما تزال متواصلة يجعل من ملاحقة الخلايا النائمة عنوانا جديدا للمرحلة القادمة بعد انتهاء “الخلافة”.

دير الزور (سوريا) – أعلنت قوات سوريا الديمقراطية السبت سيطرتها على آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في الباغوز بشرق سوريا ما يعني نهاية دولة “الخلافة” التي أعلنها التنظيم بعد أعوام من القتال، لكن هذا الفوز لم يكن سوى بداية لمرحلة جديدة في الحرب ضد تنظيم داعش باعتبار الخطر الذي تشكله خلاياه النائمة.

وقال مصطفى بالي مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية على تويتر “الباغوز تحررت، والنصر العسكري ضد داعش تحقق… نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة”.

لكن هذا الإعلان والاحتفال بالفوز الميداني على داعش صاحبه إعلان آخر لا يقل أهمية عنه ويتعلق ببدء مرحلة جديدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا بدأت بالتعاون مع التحالف الدولي.

وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، خلال مؤتمر صحافي في حقل العمر النفطي، “نعلن للرأي العام العالمي عن بدء مرحلة جديدة في محاربة إرهابيي داعش بهدف القضاء الكامل على الوجود العسكري السرّي للتنظيم المتمثّل في خلاياه النائمة، والتي لا تزال تشكّل خطرا كبيرا على منطقتنا والعالم بأسره”.

من جانبه، اعتبر نائب المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي وليام روباك في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الصحافي لقوات سوريا الديمقراطية أن انتهاء “الخلافة” يشكل حدثا “حاسما” في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتابع “لم تنته الحملة بعد، يبقى.. داعش تهديدا كبيرا”. وقال “سنواصل دعم عمليات التحالف في سوريا لضمان.. هذه الهزيمة الدائمة”.

وهناك البعض من مسلحي التنظيم الذين يتحصنون في مناطق نائية في الصحراء السورية كما تواروا عن الأنظار في مدن عراقية حيث يشنون هجمات بإطلاق النار أو عمليات اختطاف في انتظار فرصة للخروج من جديد.

وتقول أجهزة مخابرات إن أنصار التنظيم المتشدد في الغرب وفي مناطق أخرى من العالم قد يخططون لشن هجمات جديدة.

لكن تظل السيطرة على الباغوز نقطة تحول كبرى في الحرب على التنظيم المتشدد والتي شنتها قوى محلية وعالمية عديدة على مدى أكثر من أربع سنوات.

السيطرة على الباغوز تظل نقطة تحول كبرى في الحرب على التنظيم المتشدد والتي شنتها قوى محلية وعالمية عديدة -بعضها متصارع – على مدى أكثر من أربع سنوات

وفي 2014 تمكن التنظيم المتشدد في هجمات خاطفة من السيطرة على الموصل في العراق والرقة في سوريا ومساحات شاسعة من الأراضي على جانبي الحدود.

وأعلن تنظيم داعش وقتها انتهاء المفهوم الحديث للدول ودعا أنصاره للانضمام إلى “دولة الجهاد” الذي زعم أنه يؤسسها وصك لها عملة ورفع لها علما وأصدر لها جوازات سفر وأقام عروضا عسكرية.

وجاء التمويل الذي حصل عليه التنظيم لتنفيذ مخططه من النفط والابتزاز وتهريب الآثار. وشملت مخططاته ذبح أقليات وإقامة مزادات علنية لبيع أسيرات وتطبيق عقوبات وحشية على أبسط المخالفات لقوانينه وتنفيذ عمليات قتل مدروسة للرهائن.

وتسببت تلك الفظائع في التعبئة ضد التنظيم مما أسفر عن طرده من الموصل والرقة في هزائم منكرة في 2017 ودفعه في النهاية إلى آخر جيب على الفرات في الباغوز.

وتدفق نحو 60 ألف شخص من ذلك الجيب على مدى الشهرين الماضيين هربا من القصف الذي تنفذه قوات سوريا الديمقراطية ومن نقص الغذاء الذي وصل إلى مرحلة اقتيات بعضهم على الحشائش.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن أكثر من نصف من خرجوا من الجيب من المدنيين شمل ضحايا التنظيم مثل أسيرات يزيديات تعرضن للاسترقاق الجنسي. كما ترك آلاف من أشد المناصرين لداعش الجيب وهم يواصلون التعهد بالتمسك بولائهم له ولدولة الخلافة الزائلة ودون أي بادرة من ندم.

وأرسلت قوات سوريا الديمقراطية من خرجوا من الجيب إلى مخيمات للنازحين في شمال شرق البلاد بقي فيها المتشددون، ومن بينهم أجنبيات تزوجن من “مجاهدين”، بمعزل عن السكان الآخرين.

ومع تطور القتال على مدى أسابيع بدأت قوافل الشاحنات التي تخرج من الباغوز في نقل المئات ثم زاد العدد للآلاف من المسلحين المستسلمين كثير منهم لحقت بهم إصابات.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها أسرت المئات في الأسابيع الماضية ممن حاولوا التسلل والهرب للعراق أو عبر نهر الفرات إلى الصحراء السورية. وفي النهاية حوصر المتبقون من التنظيم في معسكر صغير يمتلئ بالمركبات الصدئة ومناطق الإقامة المؤقتة على ضفة الفرات وتطل عليه منحدرات تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

ونشر التنظيم تسجيلا مصورا من داخل الجيب يظهر آخر مقاتليه وهم يطلقون النار على قوات سوريا الديمقراطية في محاولة لرسم صورة للهزيمة على أنها مقاومة بطولية أخيرة ضد قوة قاهرة ودعوة لآخرين لحمل السلاح.

العرب