الحديدة (اليمن) – أخذت جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن بُعدا شكليا، وأصبحت الأسئلة تلاحق تحرّكات المبعوث الأممي مارتن غريفيث ورئيس لجنة المراقبين الأمميين في محافظة الحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد، بشأن جدواها ما دامت لا تحقّق أي تقدّم يذكر صوب السلام ولا تترك أثرا ملموسا على أرض الواقع، عدا عن الهدنة الهشّة المعلنة في الحديدة والتي تكاد تنهار بفعل الخروقات الكثيرة لها.
وفي ظل ذلك التخبّط الأممي تتواصل معاناة اليمنيين من الحرب وتزداد أوضاعهم الإنسانية سوءا. ويقول منتقدو المنظمة الأممية إنّ سبب العجز الأممي عن تحريك جمود عملية السلام في اليمن، راجع في جانب منه إلى الفشل في قراءة الصراع الدائر هناك باعتباره صراعا بين سلطة شرعية معترف بها دوليا، وميليشيا منقلبة عليها.
وأشار إلى ذلك بوضوح وزير الشؤون الخارجية الإمارتي أنور قرقاش بالقول “إنّ الصراع في اليمن والمعاناة الإنسانية التي يشهدها العديد من مناطق البلاد هي نتاج مباشر للانقلاب العنيف وغير الشرعي من جانب الميليشيات الحوثية على الحكومة الشرعية في اليمن عام 2014”، مذكّرا في رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بـ”أنه بناء على طلب رسمي من الحكومة الشرعية في اليمن.. تم اتخاذ إجراء حاسم ضد ميليشيات الحوثي دعما للحكومة الشرعية، وهو الإجراء الذي تم تنفيذه وفقا للقانون الدولي”، وذلك في إشارة إلى تحالف دعم الشرعية اليمنية الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات بشكل رئيسي.
ورفض قرقاش ما ورد في تقرير فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين المعني باليمن، مطالبا في رسالته إلى ميشيل باشليه، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان “بإعادة التركيز على تقديم الدعم إلى حكومة اليمن في مجال بناء مؤسسات حماية حقوق الإنسان”.
وذكر قرقاش أنّ “أخطاء وعثرات الفريق في الحكم والمنهجية كثيرة وخطيرة للغاية ولا يمكن تجاهلها”.
كما أرفق الوزير الإماراتي رسالته بتقييم لأوجه القصور العديدة التي شابت تقرير فريق الخبراء، وهو تقييم استغرق إعداده عدة أشهر واستند إلى دراسة متأنية وشاملة للتقرير ومنهجه ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة، حيث توصّل التقييم إلى تجاوز الفريق لإطار ولايته في عدة جوانب، كما فشل في الوقت ذاته في تنفيذ جوانب أخرى مهمة من ولايته، منها على سبيل المثال، الفشل في نقل صورة دقيقة وموضوعية عن النزاع في اليمن وتطبيقها على مهام المراقبة والإبلاغ المكلّف بها، واتباعه منهجا معيبا، وإساءة تفسير وتطبيق مبادئ القانون الدولي، وإطلاق مزاعم غير صحيحة ضد دولة الإمارات.
وخلال شهر ديسمبر الماضي بدا أن الجهود الأممية التي يقودها الدبلوماسي البريطاني السابق مارتن غريفيث بصدد تحقيق اختراق نوعي في الملف اليمني، من خلال التوصّل إلى إبرام اتفاق في العاصمة السويدية ستوكهولم بشأن الوضع في محافظة الحديدة غربي اليمن ولإنجاز عملية تبادل للأسرى.
غير أنّ تنفيذ أي من بنود الاتفاق لم يتم إنجازه إلى الآن، وذلك بسبب عدم التزام الحوثيين بما تمّ الاتفاق عليه، وهو أمر ترجعه أطراف يمنية إلى ما تعتبره تساهلا من قبل غريفيث وفريقه ومرونة مبالغا فيها إزاء الميليشيا المدعومة من إيران ومعاملتها على قدم المساواة مع الحكومة الشرعية.
واتّهم المحلل العسكري اليمني يحيى أبوحاتم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد بالتماهي مع الحوثيين قائلا في تصريح لقناة العربية إنّهما يحاولان ترميم اتفاقية السويد “عن طريق الاجتماعات المتكررة وعن طريق التصريحات التي يطلع بها المبعوث الأممي بين الفينة والأخرى”.
وعبّر الضابط السابق بالجيش اليمني عن استغرابه من الصمت الأممي إزاء مماطلة الحوثيين في تنفيذ ما اُتّفق عليه قائلا “يبدو أن الخيار العسكري هو ما يلوح في الأفق بشدة، فهناك تعزيزات في جماعة الحوثي داخل مدينة الحديدة وفي أطرافها، وهناك استعداد عال في وحدات الجيش اليمني”.
العرب