“الحكومة نجحت في خطة الإصلاح الاقتصادي.. لكن المصريين ازدادوا فقرا”، هكذا يمكن وصف ما صدر عن البنك الدولي أمس الأربعاء خلال إعلانه عن تمديد إطار الشراكة مع مصر للفترة 2015-2019 لمدة عامين آخرين.
وقال البنك الدولي في بيان صحفي إن “حوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا”، لكنه اعتبر أن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر تظهر علامات نجاح مبكرة.
وأعاد حديث البنك الدولي عن نجاح الحكومة وزيادة الفقر، الجدل بشأن سياسات “الإصلاح الاقتصادي” في مصر وتأثيرها على المصريين، كما أثار البيان سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار أن ما ذكره عن نسبة الفقر يمثل في الحقيقة حصيلة واقعية لسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
زيادة الفقر
وأكد بيان البنك الدولي أن جهود الحكومة الإصلاحية ساعدت على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وانتعاش النمو، وتقليص عجز الموازنة، وانخفاض التضخم، وزيادة الاحتياطات الأجنبية.
لكنه أكد أيضا أن الإصلاحات الاقتصادية أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات.
وقال إن “عدم المساواة آخذ في الازدياد، واقترب معدل الفقر الوطني من 30% عام 2015 ارتفاعا من 24.3% عام 2010″، مشيرا إلى أن هناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح بين 7% في محافظة بورسعيد شرقي مصر و66% في بعض محافظات الصعيد جنوبي مصر.
ويشير خط الفقر إلى الحد الأدنى من الدخل والذي لا يمكّن الفرد من تلبية احتياجاته الأساسية إذا لم يحصل عليه، وخط الفقر الذي يحدده البنك الدولي هو 1.9 دولار للفرد في اليوم (الدولار أقل من 18 جنيها).
وآخر رقم معلن عن نسبة رسمية للفقر في مصر صادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء (حكومي) هو 27.8% عام 2015، وهو رقم تعلنه مصر كل عامين، لكن الجهاز لم يعلن حتى الآن عن مؤشرات الفقر في 2017.
نجاح العملية
بدأت الحكومة المصرية في تسريع ما تصفه بـ”الإصلاح الاقتصادي” نهاية 2016 بقرار تعويم الجنيه، ثم قرارات خفض الدعم تدريجيا عن الوقود والسلع التموينية، وتبعها التوسع في خصخصة القطاع الحكومي.
ومنذ ذلك التاريخ يتجادل خبراء الاقتصاد، فضلا عن عموم المصريين، حول ثمار هذا “الإصلاح الاقتصادي” ومن يدفع ثمنه؟ وهل سيكون إصلاحا حقيقيا للاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمات متعددة، أم سيفاقم من أزمته ويزيد من معاناة المصريين؟
وكعادتهم في السخرية حتى في الأزمات، يتبادل المصريون نكتة حول معاناة الشعب من القرارات الحكومية التي لا تراعيه، بأن المريض مات لكن المستشفى تبشر أهله مع ذلك بأن العملية الجراحية قد نجحت!
ورغم بساطة هذه الطرفة، فإنها تكشف عن الجدل العميق حول قرارات “الإصلاح الاقتصادي” والتي يقول مؤيدوها إنها الحل الوحيد قبل الانهيار الكامل، وإنها مثل العملية الجراحية، لا بد من تحمل تبعاتها القاسية في البداية ثم التمتع بثمارها في النهاية.
لكن منتقدي هذه القرارات يرون فيها معالجة مالية فقط للأوراق الحكومية وليس معالجة اقتصادية حقيقية ومتكاملة تؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة وانخفاض نسبة الفقر والبطالة، فضلا عن تحسين جودة التعليم والصحة.
بيد أن البنك الدولي يرى في بيانه أن توسيع إطار الشراكة مع مصر سيتيح له مواصلة دعم جهود الإصلاح الجارية التي تطبقها الحكومة وتهدف في النهاية إلى تحسين معيشة المصريين.
وأوضحت المديرة الإقليمية لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي مارينا ويس أن العمليات التي ستجري خلال هذا التمديد تشمل إصلاح قطاعي الصحة والتعليم، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والاحتواء الاجتماعي، وإتاحة فرص العمل ونمو القطاع الخاص، وتحويل مصر إلى اقتصاد رقمي.
وكالعادة سخر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من إعلان البنك الدولي أن نسبة الفقر ارتفعت في مصر إلى نسبة 60%.
واعتبر بعضهم أن هذا الإعلان هو التعبير الحقيقي عما تعانيه مصر بسبي سياسات حكومة السيسي، في حين اعتبر آخرون أن الطبقة الوسطى هي الضحية الأكبر لهذه السياسات بتحوّلها إلى طبقة فقيرة.
وقال البعض الآخر إن نصائح وشروط المؤسسات الدولية كانت معروضة على الحكومات السابقة، لكن السيسي كان هو الأكثر جرأة للموافقة على ما وصفوه بـ”خراب البلد”.
اكتر ناس بتعاني ف العالم، الطبقه المتوسطه والطبقه الفقيره والطبقه اللي تحت خط الفقر في مصر، الناس دي بتموت ليهم كل حاجه احلامنا وطموحاتنا ومستقبلنا بيضيع ومحدش حاسس بينا، احنا طبقه واحده مقسومه ع ٣، اللي فينا مابيموتلوش حد بيحبه في حادث ارهابي او حادث بسبب الدوله، ميت م جوه.
صبر المصريين
لا يترك الرئيس عبد الفتاح السيسي مناسبة إلا ويشكر المصريين على ما يصفه بتحملهم للقرارات الاقتصادية الصعبة، مؤكدا أنه لولا صبر المصريين لما نجحت خطة الإصلاح الاقتصادي.
وعلى العكس من تصريحات السيسي بشأن صبر المصريين، يشتكي رواد مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع تكاليف المعيشة، متهمين السلطات بمنعهم من التظاهر بسبب تشديد القبضة الأمنية، ومتهمين أيضا وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بمنع أنين المصريين من الظهور.
كما أن وسائل الإعلام المعارضة بالخارج تعرض بين الحين والآخر فيديوهات لمصريين يشتكون من ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على التحمل.
المصدر : الجزيرة