بغداد – ذكرت مصادر سياسية مطلعة في بغداد، أن السياسي السني المخضرم، أسامة النجيفي توصل إلى اتفاق أولي مع وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، ووزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي، لتشكيل تحالف سياسي، يسعى إلى استعادة حق تمثيل المكوّن السني من رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي وخميس الخنجر زعيم المشروع العربي.
لكن النجيف يواجه مشكلة خطيرة في معقله الأساسي بمدينة الموصل، إذ تشير الاستطلاعات إلى أن العائلة التي ينحدر منها تخسر شعبيتها بشكل مستمر.
ومن بين نحو 280 ألف صوت حصل عليها النجيفي خلال انتخابات 2010، حافظ فقط على نحو 12 ألف صوت فقط، في انتخابات 2018.
ويمثل وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، أخطر المنافسين في هذا المجال بسبب شعبيته المتزايدة، بالرغم من أنه أحد المستشارين السابقين في طاقم النجيفي نفسه.
وتخلى النجيفي عن موقع “الصدارة” في المشهد السياسي السني، مع صعود شخصيات أخرى لتمثيل المكون، أبرزها خميس الخنجر زعيم المشروع العربي، ومحمد الحلبوسي الذي يرأس البرلمان العراقي حاليا.
ويقول مراقبون إن انخراط العبيدي والجبوري والفهداوي ضمن تحالف بزعامة النجيفي، ربما يشعل المنافسة في الأوساط السياسية السنية، التي ترى أن الانتخابات المحلية القادمة، التي لم يحدد موعدها بعد، ستكون فرصة مناسبة لاختبار الأوزان.
ويملك العبيدي شعبية كبيرة في مدينة الموصل التي ينحدر منها، حيث حقق في الانتخابات الأخيرة أكثر من 80 ألف صوت في مفاجأة مدوية، فيما يحظى الفهداوي بتأييد واسع في محافظة الأنبار التي سبق له أن شغل منصب المحافظ فيها، في حين لرئيس السلطة التشريعية السابق سليم الجبوري شعبية متوسطة في محافظة ديالى التي ينحدر منها.
وفقد الشارع السني في المحافظات العراقية الثقة بالغالبية العظمى من السياسيين، بعد فشلهم في تحقيق أي تحسن خصوصا في المدن المستعادة من تنظيم داعش.
ويحاول النجيفي، استقطاب شخصيات بارزة في أهم المعاقل السنية في البلاد، لتكون رافعة مضمونة لمشروعه السياسي، مستغلا خلافا حديثا بين الحلبوسي والخنجر بشأن منصب محافظ نينوى.
ويعتقد النجيفي أن هذا الخلاف، الذي أطلق حربا في السوشيال ميديا العراقية بين أنصار الحلبوسي وأنصار الخنجر، ربما يكون نموذجا على الفشل السياسي الذي يعاني منه المكون السني.
ويسعى النجيفي الذي سبق وأن شغل مواقع بارزة منذ 2003، بينها وزير الصناعة ورئيس البرلمان ونائب رئيس الجمهورية، إلى سحب البساط من تحت أرجل منافسيه على زعامة السنة.
ويحاول تجنيد جميع الشخصيات السنية، التي خرجت غاضبة أو خالية الوفاض من مفاوضات تشكيل الحكومة، التي بدأت منذ إجراء الانتخابات العامة قبل ما يزيد على العام الكامل ولا تزال مستمرة حتى الآن، بل إنها تواجه حاليا انسدادا كبيرا يعوق التوصل إلى توافق على ترشيح شخصيات تشغل أربع حقائب وزارية شاغرة، بينها الدفاع والداخلية.
وقاد النجيفي تحالفا عريضا في الانتخابات، حاز على 13 مقعدا فقط من أصل 329، عدد مقاعد مجلس النواب.
النجيفي يحاول استقطاب شخصيات بارزة في أهم المعاقل السنية في البلاد، لتكون رافعة مضمونة لمشروعه السياسي
لكن الضربة الأكبر لم تكن هذه، بل تمثلت في إبعاده عن زعامة التحالف الذي دخل به الانتخابات لصالح شريكه السابق وخصمه الحالي خميس الخنجر. وبينما توجّه الخنجر للتفاهم مع الأحزاب الشيعية المحسوبة على إيران ضمن تحالف البناء النيابي، اختار النجيفي العمل مع من يوصفون بـ”خصوم إيران” في تحالف الإصلاح.
وقاتل النجيفي بشراسة للحصول على منصب رئيس البرلمان، عندما أعلنت نتائج انتخابات مايو الماضي. وبالرغم من الدعم الصريح الذي تلقاه من الولايات المتحدة، إلا أنه فشل في مجاراة الزخم الذي وفرته القوى السنية الصاعدة حديثا لخصمه المنافس محمد الحلبوسي، الذي سلك طريق الخنجر أيضا نحو تحالف البناء.
ومنذ ذلك الحين، يتحدث النجيفي في المجالس الخاصة، عن الخيانة التي تعرض لها المكون السني “عندما ساعدت أطراف شيعية، مراهقين (في إشارة إلى الحلبوسي، الذي يوصف بأنه أصغر رئيس في تاريخ السلطة التشريعية العراقية)، وإرهابيين (في إشارة إلى الخنجر الذي كان متهما من قبل الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، بدعم الإرهاب، قبل أن تعود إلى التعاون معه) لتحتلّ مواقع قيادية”.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن النجيفي لا يريد أن يصدق أنه ينتمي إلى الطبقة السياسية التي طويت صفحتها وصار عليها أن تقبل بالذهاب إلى الظل. حاله في ذلك مثل حال نوري المالكي الذي يوهم هو الآخر نفسه بأنه لا يزال زعيما.
وعزا المراقب في تصريح لـ”العرب” السبب في ذلك إلى عدم وجود لغة مشتركة بين النجيفي والجيل الجديد من السياسيين السنة الذين لا يخفون ارتباطاتهم الخارجية ولا مشاريعهم النفعية التي صار نظام المحاصصة الطائفية بمثابة الجسر الذي ييسر عبورهم إليها.
وقال “لأن النجيفي قد سبقته التفاهمات السنية الشيعية التي رعتها إيران إلى مواقع حساسة من جهة صلتها بالخارطة السياسية وتوزيع الغنائم فإنه يسعى لاهثا إلى اللحاق بالركب وهو ما سيدفع الآخرين إلى السخرية منه. فهم يعرفون أن شيخ الطريقة قد ضل الطريق ولن يصل”.
العرب