باستخدام ورقة “الصيد”… إسرائيل تبتز غزة

باستخدام ورقة “الصيد”… إسرائيل تبتز غزة

تستخدم إسرائيل، المساحة الممنوحة لصيادي الأسماك في شاطئ قطاع غزة، وسيلة لابتزاز الفصائل الفلسطينية والضغط عليها، لوقف بعض وسائل المقاومة “الخشنة”، وبخاصة “البالونات الحارقة”.

وفرض الجيش الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، إغلاقا شاملا لبحر غزة “حتّى إشعار آخر”، بذريعة إطلاق الفلسطينيين بالونات حارقة، باتجاه أراضي المستوطنات الزراعية، المحاذية له.

ويعتبر هذا الإغلاق الثالث، منذ بداية العام الجاري، حيث كان الأول في4 مايو/ أيار الماضي، وأما الثاني ففرضته إسرائيل في 25 مارس/ آذار الماضي، بحسب نقابة الصيادين الفلسطينيين.

وبوضوح، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على حسابه بموقع فيسبوك، الأربعاء، إن السماح للصيادين الفلسطينيين بالعمل، مرتبط بوقف إطلاق البالونات الحارقة.

ونشر أدرعي، صورة للاعب المصري الدولي، محمد صلاح، وهو يحمل سمكة كبيرة، اصطادها من البحر الأحمر، وعلّق عليها مخاطبا سكان غزة: “بدكم (تريدون) تصيدوا مثل هاي السمكة في غزة؟ أكيد بتقدروا… بس (لكن) بدون إرهاب”.

وأضاف: “للأسف وبسبب مواصلة اطلاق البالونات الحارقة من غزة اضطرت إسرائيل لتقليص مسافة الصيد ليضر الإرهاب المنطلق من غزة بسكان القطاع أولًا وأخيرًا”.

وفي ذات السياق، نشر الناطق باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية، باللغة العربية، أوفير جندلمان، رسالة مشابهة، مستخدما ذات الصورة للاعب المصري.

وقال جندلمان: “يا سكان غزة ما (لا) تسمحوا للإرهابيين اللي بيطلقوا البالونات الحارقة لحرق الحقول بإسرائيل بحرمانكم من مصدر رزقكم، لأنه حرق الحقول يعني تقليص مسافة الصيد”.

وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن البالونات الحارقة، تسببت خلال الأيام الماضية، بإحراق مئات الدونمات من الأراضي الزراعية للمستوطنات، والغابات.

أرقام وحقائق

يعاني الصيادون الفلسطينيون، منذ بداية عام 2019، من سياسة الإغلاق التام أو تقليص مساحة الصيد، حيث تكررت عمليات الإغلاق 3 مرات، والتقليص لـ5 مرات.

وكانت إسرائيل قد قررت توسيع مساحة الصيد، ضمن تفاهمات التهدئة التي تمت بوساطة مصرية وأُممية، مقابل امتناع الفصائل عن استخدام أدوات المقاومة الشعبية “الخشنة”، كالبالونات الحارقة، وعودة الهدوء للقطاع.

ومنذ 2019، أعلنت إسرائيل عن توسيع مساحة الصيد لمسافة قصوى تصل إلى 15 ميلا بحريا، 6 مرات، حيث كان يأتي كل إعلان عقب تقليص أو إغلاق بحري شامل.

ورصد نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، نزار عياش، توسيع مساحة الصيد خلال 2019، على النحو التالي:

– في 2 يناير/ كانون ثاني لمسافة تصل إلى 12 ميلا.

– في 1 أبريل/ نيسان لمسافة 12 ميلا وسط القطاع، و15 ميلا جنوبه.

– في 10 مايو/ أيار لمسافة 12 ميلا.

– في 26 مايو/أيار لمسافة 15 ميلا.

– في 1 يونيو/ حزيران تم توسعته لـ15 ميلا.

– في 8 يونيو/حزيران لمسافة 15 ميلا.

وقال عياش، إن بحر قطاع غزة شهد تقليصات متكررة في كل من:

– 30 أبريل/ نيسان حيث تم إرجاعه لـ12 ميلا.

– في يومي 21 و28 مايو/ أيار وصل إلى 10 أميال بحرية.

– في 2 يونيو/ حزيران تم إرجاعه إلى 10 أميال.

– في 11 يونيو/ حزيران، تم تقليصه إلى 6 أميال.

ويوضح عياش أن تقليص مساحة الصيد ينعكس سلبيا على عشرات الصيادين وعائلاتهم، بحيث يعتمدون على الصيد كمصدر أساسي للرزق، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالقطاع.

ويعمل في مجال الصيد نحو 4 آلاف صياد فلسطيني، يعيلون حوالي 50 ألف نسمة، بحسب عياش.

ضغط اقتصادي

الصحفي المختص في الشأن الإسرائيلي، خلدون البرغوثي، يرى أن الإغلاق أو التقليص المتكرر، لمساحة الصيد في غزة، يأتي ضمن المحاولات الإسرائيلية لاستخدام الضغط الاقتصادي، كوسيلة لإثارة الضغط الداخلي على حماس؛ في ظل تردي الأوضاع المعيشية.

وأضاف: “هي وسيلة ضغط مباشرة كي يصبح الرأي العام الفلسطيني معارضا لأي من تلك النشاطات، ويضغط بدوره على حماس لوقف عمليات إطلاق البالونات الحارقة”.

وذكر أن سياسة الضغط الاقتصادي تأتي في ظل ابتعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن خيار التصعيد مع قطاع غزة لتجنب أي معركة جديدة.

وقال في ذلك الصدد: “نتنياهو لا يريد أن تتحول المواجهات، لحرب لذا وصل لتهدئة سابقا من أجل أن لا تؤثر أي مواجهة شاملة على فرصه في النجاح بالانتخابات”.

ويعتقد البرغوثي أن أي مواجهة شاملة “بين إسرائيل وقطاع غزة، لن تكون في صالح نتنياهو، في ظل اقتراب موعد الانتخابات الجديدة”.

ومن المقرر عقد انتخابات إسرائيلية عامة في شهر سبتمبر/أيلول القادم.

تصعيد فلسطيني

ويعتبر البرغوثي أن إطلاق الفلسطينيين للبالونات الحارقة تجاه المستوطنات المحاذية لإسرائيل نوعا من التصعيد للضغط على إسرائيل للالتزام بتفاهمات التهدئة.

وقال: “الفصائل بغزة تقرأ نتنياهو بالطريقة الصحيحة، فهو لا يريد أي تصعيد بغزة، لذا تلجأ للتصعيد من باب الضغط عليه لتنفيذ بنود التفاهمات”.

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، مع سابقه، قائلا: “منذ الحديث عن التوصل لتفاهمات بين المقاومة وحماس، اسرائيل لم تلتزم بالبنود سواء إدخال الأموال أو التسهيلات الأخرى التي تحدثت عنها التفاهمات”.

وأوضح إبراهيم أن نتنياهو يماطل، في تنفيذ بنود التفاهمات، كونه “يريد تمرير فترة الانتخابات، دون أي تصعيد، إلى جانب عدم دفع أي ثمن لقطاع غزة”.

وتابع: “إسرائيل لا يوجد لديها نوايا لرفع الحصار بشكل حقيقي، فهي معنية أن تبقى غزة بين الحياة والموت، وإدخال الفتات بما يسمى تحسينات”.

وقال إبراهيم: “أعتقد أن حماس مستمرة في إطلاق البالونات الحارقة، والذي تعتبره حق لها، للضغط على إسرائيل”.

واستبعد إبراهيم حدوث معركة جديدة في الوقت الحالي، لافتا إلى أن أي تصعيد وإن كان عسكريا، لن يتوسع وسيكون محدودا.

تفاهمات التهدئة

ومنذ عدة شهور، تُجري وفود مصرية وقطرية وأممية، مشاورات وساطة متواصلة، بين الفصائل بغزة، وإسرائيل، بغرض التوصل لتفاهمات “نهائية”، تقضي بتخفيف الحصار عن القطاع، مقابل وقف الاحتجاجات الفلسطينية قرب الحدود.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، كشفت حركة “حماس”، على لسان زعميها في قطاع غزة، يحيى السنوار، بنود تفاهمات التهدئة. ومن أهمها الاتفاق على زيادة مساحة الصيد لـ15 ميلا بحريا، وتزويد غزة بـ30 مليون دولار شهريا لصالح الفقراء والخريجين والعمال حتى نهاية 2019، بتمويل قطري، وزيادة برامج التشغيل عبر المؤسسات الدولية، وتوفير 40 ألف فرصة عمل لمدة 6 أشهر.

الاناضول