بنغازي (ليبيا)- يقود سفير ليبيا السابق لدى الإمارات عارف النايض جهودا لكسر حياد مدينة بني وليد معقل قبائل ورفلة، في معركة تحرير طرابلس من المجموعات الإرهابية والتقريب بينها وبين الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وترأس النايض نهاية الأسبوع الماضي، وفد قبائل ورفلة في مختلف أقاليم ليبيا الثلاثة، التي ينحدر منها، لتقديم واجب العزاء في وفاة والدة النائب المقاطع للمجلس الرئاسي علي القطراني المنحدر من قبيلة العواقير كبرى قبائل شرق ليبيا الداعمة للجيش.
ولئن بدت الخطوة اجتماعية إلا أن توقيتها الذي جاء بعد أيام من تهديد حكومة الوفاق لبني وليد باستهداف مطارها لإجبارها على الحياد، يعكس وجود هدف سياسي من ورائها.
وعقب أداء مراسم العزاء ألقى النايض كلمة أشار خلالها إلى الحصار المالي الذي تفرضه حكومة الوفاق على الشرق والجنوب رغم كونهما منابع النفط، وكذلك على المدن الموالية للجيش في الغرب كترهونة وصبراتة وصرمان وغيرها.
وأكد أن “الميليشيات التابعة للإخوان والجماعة الليبية المقاتلة ستهزم في معركة طرابلس عاجلا أم آجلا، على يد القوات المسلحة، التي لملمت شتات الجيش وصنعت مؤسسة عسكرية التف حولها كل العسكريين”.
وتلتزم مدينة بني وليد الاستراتيجية الحياد منذ إطلاق الجيش لعملية تطهير العاصمة من الميليشيات في 4 أبريل الماضي، رغم إعلان بعض الكتائب داخلها دعمها للعملية، لكن القرار الفعلي في هذه المدينة يعود للمجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة الذي لم يصدر عنه أي موقف. و
تعيش المدينة حالة من العزلة والانطواء رافضة الاعتراف بأي طرف من أطراف الصراع رغم محاولتهما مرارا استمالتها باعتبارها تشكل ثقلا اجتماعيا وديموغرافيا مهما في المشهد الليبي.
وتعد بني وليد من أبرز المدن التي ساندت نظام العقيد الراحل معمر القذافي حتى سقوطه في خريف 2011 ودفعت ثمن ذلك الدعم عندما أصدر المؤتمر الوطني (البرلمان) في 2012 قرارا (القرار رقم 7) باقتحامها من قبل الميليشيات التي ارتكبت في حقها أفظع الجرائم بحجة تطهيرها من “الأزلام”.
وتكمن أهمية بني وليد استراتيجيا في قربها من طرابلس وامتلاكها لمطار مدني، يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، خاصة تسيير طائرات دون طيار لقصف مواقع الميليشيات في طرابلس ونقل العساكر والإمدادات جوا، وتجنب الطريق البري، القادم من قاعدة الجفرة الجوية (600 كلم جنوب شرق طرابلس) مرورا بالشويرف.
ولذلك قد تعتبر المدينة الخيار الأنسب لحفتر، لجعلها مركز قيادة رئيسي للعمليات العسكرية في طرابلس، خاصة وأنه استطاع استمالة عدد كبير من أنصار القذافي، الذين تعتبر المدينة معقلهم الرئيسي.
لكن بني وليد، التي يقطنها 90 ألف نسمة، لا تنظر بعين الارتياح لحفتر الذي اقتحمها على رأس “الثوار” في 17 أكتوبر 2011، وكانت آخر المدن الموالية للقذافي سقوطا، كما أنها بعد 2012، وقعت اتفاق مصالحة مع مصراتة، وانضمامها لحفتر يعني خيانة لتعهداتها، لذلك تشهد المدينة انقساما حادا بين أبنائها، بين الانحياز لحفتر أو التشبث بالحياد.
العرب