توقع سياسيون تونسيون أن يصادق الرئيس الباجي قايد السبسي على التعديلات الجديدة بالقانون الانتخابي لتُصبح سارية المفعول.
وكانت أحزاب الأغلبية بالبرلمان -وعلى رأسها حركة “النهضة” الإسلامية وحزب “تحيا تونس” الذي يتزعمه رئيس الحكومة- قد صادقت في 18 يونيو/حزيران الماضي على تعديل القانون الانتخابي الذي يمنع رؤساء الجمعيات الخيرية والموالين للنظام السابق من الترشح.
ويؤكد أنصار هذه التعديلات أنها تهدف إلى تحقيق تكافؤ فرص بين المرشحين، لكونها تحول دون ترشح رؤساء الجمعيات درءا لشبهات التمويل الأجنبي، ومنعا لعودة منظومة الاستبداد.
أما المعارضون فيرون أنها “صيغت على المقاس” لإقصاء مرشحين بعينهم، مثل نبيل القروي مالك القناة التلفزيونية الخاصة “نسمة” وصاحب الجمعية الخيرية “خليل تونس”، والمحامية عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر سليل الحزب الحاكم المنحل، التجمع الدستوري الديمقراطي.
استطلاعات رأي
وتظهر استطلاعات رأي تقدم نبيل القروي وعبير موسي في نوايا التصويت للانتخابات المقبلة، فيما تبرز تراجعا ملحوظا بالنسبة إلى حركة النهضة وحزب “تحيا تونس” الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد المنسلخ عن حركة “نداء تونس”، لكن البعض يشكك بمصداقيتها.
ورغم مصادقة البرلمان على التعديلات المدرجة بالقانون الانتخابي، تقدم 51 نائبا بطعن للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في 24 يونيو/حزيران الماضي، لكن تلك الهيئة -التي تقوم مقام المحكمة الدستورية المعطلة- قررت قبل أسبوع رفض الطعن مؤكدة “تطابقها مع الدستور”.
لكن ذلك غير كاف دستوريا لدخول التعديلات حيز التنفيذ، حيث يعطي الدستور للرئيس إمكانية إعادة القانون للبرلمان للنظر فيه قصد إعادة التصديق عليه أو عرضه على الاستفتاء خلال خمسة أيام من تاريخ صدور قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستوريته في الثامن من الشهر الجاري.
وترى خبيرة القانون الدستوري منى كريم الدريدي، أن الرئيس الباجي قايد السبسي لم يعد بإمكانه الآن رد تلك التعديلات للبرلمان أو عرضها على الاستفتاء بسبب انقضاء مهلة خمسة أيام كما ينص على ذلك الفصل 81 من الدستور، وبالتالي بات عليه المصادقة على القانون.
لكنها توضح أن الرئيس لديه مهلة ثانية من أربعة أيام حدا أقصى للمصادقة على القانون، وفق الفصل 82.
وتقول إنه إذا تأخر سريان التعديلات حتى الثلاثاء 23 يوليو/تموز الجاري، أي بعد يوم من فتح الترشحات للانتخابات التشريعية، ستلجأ هيئة الانتخابات إلى تطبيق الصيغة القديمة للقانون في الانتخابات التشريعية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
لكن المحامي والنائب عن حركة النهضة الإسلامية حبيب خضر، يقول إن انتهاء آخر مهلة دستورية ليصادق الرئيس التونسي على تعديل قانون الانتخابات سيكون الأربعاء 17 يوليو/تموز الجاري، أي بعد أربعة أيام من رفض الطعن من الهيئة الوقتية للمراقبة الدستورية.
ويؤكد أنه إذا لم يوافق الرئيس على التعديلات المصادق عليها من البرلمان “سيكون خارقا للدستور”، غير أنه يقول إنه يتفهم الوضع الصحي للرئيس بعد إصابته مؤخرا بوعكة صحية حادة تزامنت مع اعتداءات انتحارية وسط العاصمة.
ويوضح أنه يمكن نشر التعديلات المدرجة بالقانون الانتخابي بالجريدة الرسمية، بعد الموافقة عليها من قبل الرئيس في اليوم نفسه أو بعد يوم، لتدخل حيز التنفيذ قبل حلول أجل فتح باب الترشحات للانتخابات التشريعية في 22 يوليو/تموز الجاري.
ويرى النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي، أن الرئيس التونسي سيصادق على التعديلات في الآجال، رغم أن حزبه رفضها برمتها وقبل جزءا منها يتعلق بمنع ترشح أشخاص يمتلكون الجمعيات الخيرية أو موالين للنظام السابق.
ويؤكد أنه إذا لم يقع احتساب عطلة الأحد سيكون يوم الجمعة المقبل 19 يوليو/تموز أقصى أجل دستوري للرئيس -وفقا للفصل 81- للمصادقة على التعديلات.
ويضيف أن الهيئة المستقلة للانتخابات ستكون “مجبرة” على اعتماد التنقيحات الجديدة المدرجة بالقانون الانتخابي بمجرد توقيع الرئيس التونسي عليها، مشيرا إلى أن نشرها بالجريدة الرسمية مجرد تفصيل شكلي وإجرائي بحت ولا سيما بعد إقرار هيئة مراقبة القوانين بدستوريتها.
سيناريوهات
من جانبه، قال عضو الهيئة المستقلة للانتخابات عادل البرينصي، إن الهيئة مستعدة لكل السيناريوهات لتنظيم الانتخابات في موعدها، بعدما صادق الرئيس التونسي في الخامس من يوليو/تموز الجاري على الأمر المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات، وفق الآجال القانونية.
وقال إن الهيئة ستعتمد التعديلات الجديدة إذا وقّع عليها الرئيس، ولكنه لم يستبعد إمكانية اعتماد الهيئة على القانون الانتخابي بنسخته القديمة إذا لم تدخل التعديلات حيز التنفيذ وفق الآجال الدستورية، أي قبل موعد فتح باب الترشحات للانتخابات في 22 من الشهر الجاري.
ورغم اعتباره التعديلات “خطوة إيجابية” لإضفاء مزيد من الشفافية على الانتخابات وغلق الباب أمام التمويل الأجنبي والمال الفاسد والإشهار السياسي، فإنه يرى أن توقيتها “سيئ” لأنها تثقل كاهل الهيئة المستقلة للانتخابات وتعطيها مهام كبرى وتوتر أجواء الانتخابات التي باتت على الأبواب.
المصدر : الجزيرة