تعول السلطات التونسية على ضغط أميركي يمكّن من فرض حل سياسي في ليبيا، ما ينهي العبث الدولي والإقليمي بالملف الليبي وينهي صراعا مسلحا كانت له انعكاسات سلبية على الوضع في تونس.
تونس – تراهن تونس على حزم أميركي لإنهاء الاقتتال في ليبيا الذي يهدد استمراره بعواقب أمنية واقتصادية.
وهيمن الملف الليبي على الزيارة التي أدّاها وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي إلى الولايات المتحدة.
ودعا وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي السلطات الأميركية إلى اتخاذ دور إيجابي وأكثر ظهورا لمساعدة أطراف الصراع الليبي بدفعهم للجلوس إلى طاولة الحوار وإيجاد حل سلمي.
وأضاف في تصريحات إعلامية أن الولايات المتحدة يمكنها أن تقوم بدور أكبر في ليبيا حتى تسترجع البلاد مكانتها وتشجع الحوار بين كل الأطراف.
وجددت الدبلوماسية التونسية موقفها الداعم لحل سياسي ينهي الصراع الدائر في ليبيا منذ فبراير 2011، خلال لقاء جمع خميس الجهيناوي بنظيره الأميركي مايك بومبيو.
وتبادل الجانبان وجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية لاسيما الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل للأزمة في ليبيا في أعقاب أشغال الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين تونس والولايات المتحدة الأميركية المنعقد من الثلاثاء إلى الخميس، وبحضور وفدين من كبار المسؤولين التونسيين والأميركيين.
وقال بوراوي الإمام مدير الإعلام بوزارة الخارجية التونسية لـ”العرب” إن الزيارة كانت فرصة للتشاور حول العديد من القضايا الإقليمية وبصفة خاصة الملف الليبي وتحديدا حول السبل الكفيلة بإيجاد ودعم حل سياسي ينهي الأزمة الليبية. وأكد أن تونس تراهن على حل سياسي ليبي – ليبي شامل يجمع الأطراف الليبية التي تبحث عن حل لمصلحة ليبيا، مشيرا إلى أن تطورات الملف الليبي كشفت سلامة الموقف التونسي. وتتهم تونس من قبل البعض بالانحياز إلى تيار الإسلام السياسي الذي يسيطر عبر ميليشياته على غرب ليبيا.
يبعثر الصراع الدولي على ليبيا وخاصة الفرنسي – الإيطالي الجهود التي تبذلها تونس للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع الذي دخل عامه الخامس.
والتقى الجهيناوي خلال زيارته بأعضاء من الكونغرس الأميركي حيث شرح لهم خطورة تداعيات الأزمة الليبية على دول الجوار، مطالبًا المجتمع الدولي بالاضطلاع بدوره لوضع حد للأزمة.
وأوضح بوراوي أن تونس تقوم بدور كبير في دفع الليبيين إلى إيجاد حل سياسي للأزمة، وهذا الدور هو محل إشادة من الطرف الأميركي سواء على المستوى الثنائي أو من خلال المبادرة الثلاثية التي أسهمت فيها تونس. وتتحرك تونس في هذا الإطار للدفع بحل توافقي بين الفرقاء والعودة بهم إلى طاولة المفاوضات.
ويرى وزير الخارجية السابق أحمد ونيس أن الجهيناوي يحمل إلى نظيره الأميركي خطة تونسية قارة للحل في ليبيا وهي بمثابة حل سلمي. ويضيف لـ”العرب” “ورغم أهمية الدور التونسي ودور دول الجوار فإنهما يواجهان تحديات نتيجة المواقف الغربية والإقليمية المتناقضة”.
وتعيق الميليشيات المسلحة التي تقف وراءها أطراف خارجية، حسب تقارير إعلامية، العملية السياسية في ليبيا وتتعمد إطالة أمد الأزمة. ويسعى الجيش الليبي منذ أبريل الماضي لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة الفصائل التي يحمّلونها مسؤولية زعزعة الاستقرار في ليبيا منذ سقوط معمر القذافي. ويعتقد الجيش الليبي أن تطهير طرابلس من الإرهاب خطوة أساسية لخلق ظروف مواتية لحل سياسي دائم.
ويجمع المتابعون على أنه رغم الجهود الدولية تبقى مفاتيح الحل في ليبيا بيد الليبيين أنفسهم. ويقول عزالدين عقيل المحلل السياسي الليبي لـ”العرب” “الأزمة الليبية أعمق كما تتجاوز دور دول الجوار”.
ويشرح بقوله “الموضوع هو أن هناك حالة شد وجذب بين المشروع الذي يقوده الجيش الوطني للقضاء على الميليشيات وتفكيكها وإعادة سيطرة الدولة وبين المشروع الذي يقوده غسان سلامة الذي يريد أن يفرض على الليبيين أن المشكلة في ليبيا سياسية بينما هي في الحقيقة مشكلة أمنية”. ويضيف “المشكلة في ليبيا مشكلة أمنية وليست مشكلة سياسية”.
ويعتقد عقيل أن حسم الأزمة بيد الجيش الليبي ومرتبط بقدرته على حسم معركة طرابلس لصالحه. ويتوقع أن ينجح الجيش في مهمته ويرى أن “معركة طرابلس تقريبا ناجحة وعلى مشارف النهاية كما أن الميليشيات تنهار يوميا”.
ويقول متابعون إنه بوسع دول الجوار ومن ضمنها تونس طرح حل سياسي على الرغم من الحضور والدور اللافت لإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، وهو دور براغماتي يبحث عن المزيد من النفوذ وتأجيج الانقسامات بين الفرقاء وعلى حساب مصالح الليبيين.
ويقول محمد عبو أمين عام التيار الديمقراطي لـ”العرب” إن “تونس منذ اندلاع ثورة يناير أقوى دبلوماسيا من السابق وهي من المفروض أكثر مصداقية مقارنة بدول إقليمية فيما يخص الأزمة الليبية”.
ويتابع “هذا ما يجب أن تستغله الدبلوماسية التونسية حتى تكون لها قدرة على التأثير في الملف الليبي ووفق ما اعتدنا عليه في تونس عدم الانحياز إلى طرف على حساب آخر وإنما البحث عن حل جذري ينهي الصراع”.
ولم تفلح مبادرات دولية، قادتها دول غربية منغمسة في الشأن الليبي، لاسيما فرنسا، في إحداث تقارب بين حفتر وحكومة الوفاق.
وتعمل تونس مع مصر والجزائر على الدفع بمبادرة ثلاثية أطلقتها منذ أكثر من سنتين ولم يعرف مصيرها بعد، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا.
العرب