قالت صحيفة “فايننشال تايمز” في افتتاحيتها معلقة على الأزمة البريطانية – الإيرانية النابعة من حرب ناقلات النفط إن الخلاف ليس بالضرورة خاصًا ببريطانيا وحدها.
وأكدت الصحيفة أن احتجاز إيران ناقلة نفط تحمل العلم البريطاني في مضيق هرمز يترك أبعادًا دولية. و”لو زاد التصعيد فسيقود إلى مواجهات عسكرية لن تورط بريطانيا وإيران وحدهما، بل الولايات المتحدة والدول المعادية لها في المنطقة، وأي نزاع في هذا المكان من العالم سيقوض الاقتصاد الدولي، ذلك أن ثلث نفط المنقول عبر البحر يمر من مضيق هرمز”.
ودعت الصحيفة بريطانيا وحلفاءها التي تبحث عن مخرج من الأزمة لموازنة العديد من الاعتبارات. الأول والأهم هو الالتزام بالقانون الدولي وحرية الملاحة البحرية، أما الثاني فهي الضرورة العملية للحفاظ على مضيق هرمز مفتوحًا للملاحة. والثالث وهو تغليب الحل الدبلوماسي على الحل العسكري. وأخيرًا، يجب التعامل مع الأزمة على أنها جزء من التوتر المتزايد بين إيران والولايات المتحدة. وفي مجال القانون الدولي، تقول إيران إن بريطانيا هي التي خرقت أولًا القوانين عندما احتجزت ناقلتها في جبل طارق التي يشتبه أنها خرقت العقوبات المفروضة على النظام السوري.
وتعلق الصحيفة أن هناك فرقًا بين جهود بريطانيا للتأكد من فرض العقوبات ضد النظام السوري المارق، والرد الانتقامي الإيراني ضد ناقلة تقوم بعملية تجارية قانونية. وتشير هنا إلى الأسئلة التي طرحت في بريطانيا عن تقصير في البحرية البريطانية لمنع ما حدث يوم الجمعة، وإن كان هذا له علاقة بالتخفيض في الميزانيات الدفاعية.
وترى الصحيفة أن الأسس القانونية والسياسية لاحتجاز إيران الناقلة البريطانية يمكن عرضه وتحديه في المنابر الدولية. و”يجب عدم استخدام هذا العمل القانوني كمبرر لشرعنة اختطاف إيران ناقلة نفط، علاوة على تهديدها لعرقلة الملاحة البحرية كرد على العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها أمريكا”. وتقول إن الدبلوماسية على المدى القصير ليست ضمانًا لحرية الملاحة خلال مضيق هرمز.
وترحب الصحيفة بجهود إدارة ترامب بإنشاء مهمة دولية التي تحمل اسم “عملية سنتينل” لحماية السفن المارة بالمنطقة. وتعلق أن هذا أمر مهم، في ضوء ما قاله دونالد ترامب سابقًا حول استمرار الولايات المتحدة من لعب دور شرطي الخليج.
والرئيس الأمريكي محق في القول إن معظم النفط الخارج من منطقة الخليج يذهب إلى آسيا وليس أمريكا، إلا أن المسألة تتعلق بإرباك لإمدادات الطاقة والتي قد تؤثر على العالم أجمع، بما في ذلك اللوايات المتحدة. ودور الولايات المتحدة في حماية الملاحة الدولية يكشف أيضًا عن السياسات المثيرة للجدل التي مارستها إدارة ترامب تجاه إيران. فقرار إدارته الخروج من الاتفاقية النووية التي تفاوض عليها سلفه لم تقبل به الدول الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا التي كافحت لكي تقنع إيران البقاء فيها. وعليه، تواجه بريطانيا مهمة صعبة هي الرد الحازم على احتجاز إيران للناقلة، الذي سيشمل زيادة العقوبات الاقتصادية بدون الإضرار بالمبادرات الدبلوماسية.
وتعترف الصحيفة بصعوبة التعامل مع هذه العقدة من الموضوعات في ظل حكومة جديدة يتوقع أن يترأسها بوريس جونسون الحريص على بناء علاقات قريبة مع الرئيس ترامب. لكن المخاوف حول تحول جونسون إلى “جرو” لترامب لا تأخذ بعين الاعتبار أن إدارة الرئيس الأمريكي منقسمة حول الموضوع – إذ يدفع صقورها للمواجهة في وقت يبحث فيه الرئيس عن محادثات مباشرة مع القيادة الإيرانية. وعلى بريطانيا والاتحاد الأوروبي دعم جهوده الدبلوماسية. ويجب أن يكون الهدف هو حل مسألة ناقلة النفط ضمن حل أوسع للعلاقات بين إيران والغرب.
القدس العربي