في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يتحدث في البرلمان، كان يتجمع أمام باب مكتبه آلاف من القوى الشبابية واليسارية الغاضبة من فوزه، داعين لطرده من مكتب رئاسة الوزراء، حاملين شعارات مثل “اطردوا جونسون”، و”أيقظوني من هذا الكابوس”.
وفي غمرة هذه الصدمة والغضب من صعود جونسون اليميني الداعي لطرد المهاجرين؛ يشعر العرب والمسلمون البريطانيون بالقلق إزاء سياسات الرجل تجاههم وتجاه قضاياهم، خاصة القضية الفلسطينية.
ويرى ناشطون -تحدثوا للجزيرة نت- أن هذا القلق مشروع بالنظر إلى تصريحات الرجل السابقة، التي وصف نفسه فيها بأنه “صهيوني حتى النخاع”.
كما عيّن وزيرة داخلية كانت طُردت سابقا نتيجة علاقاتها المثيرة للجدل مع إسرائيل، وزياراتها المتكررة لها.
ويرى ناشطون أن القلق كذلك مشروع لدى الجالية المسلمة جراء تصريحات الرجل السابقة ضدهم، واعتبار الإسلام سببا في تخلف المسلمين، واستهزائه ببعض الأزياء التي ترتديها المرأة المسلمة.
الأمل في انتخابات مبكرة
تقول الشابة حليمة سيدم إنها تشعر بخيبة أمل من وصول شخص -وصفته بالعنصري- لأعلى سدة القيادة في المملكة المتحدة، التي تعتبرها قبلة التحضر والديمقراطية وحقوق الإنسان، كما تقول.
وترى الفتاة الجامعية أن تصريحات الرجل السابقة عن النقاب، وتعبيره عن كراهية الإسلام؛ يجعلانها تتوقع أن تكون هناك حملة تحريض جديدة ضد المسلمين، وأن تستفيد القوى اليمينية العنصرية من ذلك، وفي المحصلة تصاعد الإسلاموفوبيا.
وفي حديثه للجزيرة نت، عبر البروفيسور كامل حواش الأكاديمي المختص بالشأن البريطاني عن اعتقاده بأن هناك رغبة لدى الجالية العربية بأن تحصل انتخابات عامة مبكرة للتخلص من جونسون.
وأضاف أن تلك الانتخابات -إذا أجريت- قد تعطي فرصة لنجاح حزب العمال وقائده جيريمي كوربين، الذي تعول عليه الجاليات العربية كثيرا لمواقفه المؤيدة لقضاياهم وبالذات القضية الفلسطينية.
وقال حواش إن بوريس جونسون يختلف كثيراً عن كوربين بالنسبة للقضايا العربية، وقد يكون أقرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب وسياساته بالذات بالنسبة لإيران.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فيذكّر الأكاديمي بما أعلنه جونسون صراحة بتفاخره بأنه صهيوني وداعم لإسرائيل، ولكن هذا -حسب رأيه- لن يؤثر على سياسة بريطانيا الداعمة لحل الدولتين على المدى القريب.
ويرى حواش أن جونسون سيغير موقف بريطانيا أكثر من المواضيع الأخرى الساخنة، مثل بيع أسلحة للدول العربية كالسعودية للإفادة أكثر من أموالها، وسيبحث عن الصفقات التجارية ويعليها على حقوق الإنسان.
جهل وسطحية
من جهته، يرى رئيس مجلس أمناء مسجد فينزبري بارك أن هناك تخوفا كبيرا لدى الجاليات العربية والإسلامية بشكل عام من وصول بوريس جونسون لرئاسة وزراء بريطانيا؛ نظرا لتاريخه الممتلئ بمواقفه العنصرية، والهجوم على الإسلام والجالية المسلمة ووصفها بأقذر العبارات.
ويعتبر كزبر في حديث للجزيرة نت أن هذا يدلل بوضوح على جهل وسطحية في شخصية جونسون المتقلبة، لذا لا شك في أن وجوده على رأس الحكومة -التي وصفت بأنها الحكومة الأكثر تتطرفا نحو اليمين في تاريخ بريطانيا- سيشكل تحديا كبيرا للجاليات العربية والمسلمة في كيفية التعامل مع سياساته ووزرائه.
واعتبر كزبر أن التحدي الأكبر لجونسون حاليا هو تأمين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإذا فشل فيه فهذا يعني الذهاب لانتخابات مبكرة يمكن أن تقلب الأمور فيها رأسا على عقب ويأتي زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن على رأس حكومة جديدة.
تطمينات جونسون
في أول خطاب له عقب تكليفه رسميا من قبل الملكة إليزابيث الثانية بتشكيل الحكومة، طمأن بوريس جونسون -رئيس الوزراء رقم 14 في عهدها- المهاجرين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة بإمكانية بقائهم على أراضيها.
وبعث جونسون في أول كلمه له بالبرلمان بعد انتخابه خلفا لتيريزا ماي برسائل تطمين لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا بشأن مستقبلهم بعد الانسحاب، وقال إنه يؤكد لهم بشكل مطلق أنهم يستطيعون العيش والبقاء في المملكة المتحدة.
ورغم ذلك يروج في المملكة المتحدة بأن جونسون هو النسخة البريطانية من ترامب، ويقارن الناشطون بين الرجلين في المظهر وفي الممارسات، خاصة أنه قد أبدى إعجابه بأسلوب تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الشؤون السياسية، وأضاف مازحا أنه يريد أن تتاح له الفرصة لاستخدام تويتر كثيرا مثلما يفعل ترامب.
المصدر : الجزيرة